شخابيط خربيط : أقصوصة

بقلم مهدي قاسم

أسوة بالآخرين في زمن العولمة الكتابية و الإعلامية المختلفة
و السهلة ، قرر خربيط أن يصبح هو الآخر كاتبا أو محللا ، أو شيئا من هذا القبيل ، بالطبع وهو أمر حسن ، لأنه ينّم عن تطور اجتماعي وحضاري كبيرين في أن يكون حتى خربيط كاتبا أيضا ، لِمَ لا ؟ ، على الأقل ليساهم في تحولات المجتمع الكبرى نحو تطورات عظمى ..

إلا أن الإشكالية الوحيدة و العويصة مع أفكار وتحليلات
و تحليقات ” الكاتب : ” خربيط ” الفكرية هو تأكيده على شيء يقيني راسخ ، كشيء مسلّم به مطلقا في سطر ، ثم يليه سطر آخر ينفي بصيغة نقيض يناقض متناقضا تماما ما حَاول وجَاهد أثباته قبل لحظات ، وعلى هذا المنوال ، ولكن بنبرة يقينية مطلقة لا يطالها أي شك أو ريبة
بين يقين وما يناقضه حالا من متناقضات عجيبة وغريبة !..

خاصة في أمور تتعلق بالمسألة الوطنية و بين التبعية للأجنبي
فهو يؤكد على السيادة الوطنية من جهة ، ولكنه يشدد في الوقت نفسه على ارتهان مصير أو سيادة الوطن بمصالح دولة أخرى ، كأفضل حل من أجل إسعاد الشعب و رفاهيته و بهذه الوسيلة فقط ..

و يا ريت لو أن الأمر عند الكاتب خربيط ـــ صاحب أنامل
إبداعية مذهلة و مدهشة ــ يتوقف عند هذا الحد و ينتهي من إشكاليات طريفة و ظريفة فعلا ، لا أبدا ! ، إنما وهو يتفضل علينا ليعلّمنا محددا تحديدا صارما إلى أية جهة خارجية يجب أن نتبع تبعية قطعان خراف ضالة ، حتى يقودها راع شاطر وماهر ، و بارع وذكي وقوي بهيئة رامبو
حصرا ، الذي هو وحده فقط يعرف ويجيد قيادة الشعوب إلى براري الحرية و الأمن والاستقرار ، و نحو مرافئ والرفاهية والسعادة المنشودة ، طبعا بحسب خربيط ..

بما أن الكاتب خربيط يعتبر نفسه محللا عبقريا وواثقا تمام
الوثوق من عظمة أفكاره وطروحاته ــ كيقينية رجال الدين الراسخة في الغيب ــ فهو يعتبر أي اعتراض على هذه الطروحات ضربا من غباء لا يغُتفر ! ، و أن أي مساس بنوايا و خطط هذا الراعي المنقذ المزعوم لقطعان ضالة ، هو تدنيس لمقداساته الشخصية بالذات وبالتمام ..

مع أن كل دلائل تاريخية شاخصة حتى الآن تُشير إلى أنه
سبق لهذا الراعي المنقذ المزعوم أن أطلق ــ لثلاث مرات ــ ذئابا رمادية شرسة على قطعان آمنة ووديعة بذريعة جلب الحرية و الرفاهية ، فما كانت النتيجة غير هذا الخراب الكبير الراهن و المحدق الرهيب من كل جهة و ناحية ..

طبعا للكاتب المخضرم خربيط ــ لكونه يعتبر نفسه كاتبا
عبقريا ـــ جواب جاهز على هذا أيضا فهو يقول مدانا آخرين إدانة قاطعة وحاسمة :

ــ أنتم الأغبياء السبب ! .. لأنكم قد عجزتم عن إدراك
و فهم نوايا الراعي النبيل والمنقذ الكريم و معرفة أهدافه وخططه بعيدة المدى ..

أها !.. أي نعم ! .. تقصد الفوضى الخلاقة !! .. آه طبعا
، افتهمنا الأهداف و الخطط بعيدة المدى للرعي الكريم والمنقذ النبيل !! ..

وهنا لا يملك القارئ الكريم إلا أن يضحك بقهقهة من أعماق
القلب بالرغم من فجائعية الفكرة ! ، بعدما يكتشف بأنه من العبث حقا أخذ سطور و كتابات خربيط بجدية ، بقدر ما يجب أن يُنظر إليها كنوع من كتابات هي مزيج من تهريج و تخريف أناس دفعتهم خيبتهم و خذلانهم إلى تبني كل المتناقضات الناقضة لبعضها بعضا نشدانا لعزاء وسلوى
لنفس متشظية شذرا مذرا ، ومطعونة بالصميم برماح خيبة وإحباط و يأس مطبق من كل جهة و ناحية !..

فصاحبنا بحاجة إلى عطف وليس إلى زعل أو غضب ولا إلى لوم
أم عتاب .. وعلى ماذا نعاتبه و ندينه ، ألا تكفيه مأساته ؟ .. فكل شخص حق حتى لو ارتضى لنفسه أن يكون مهرجا ، فهو يدلي برأيه دلوا مرشوشا رشا حتى ولو على على رمال قاحلة ..

على الأقل ، هذا هو رأينا أخيرا ! ..

ومن ناحية أخرى يمكن القول أنني أحس طرافة في شخابيط
خربيط ، و أجد نفسي شاكرا له أحيانا لأنه يضحكني بتهريجاته الظريفة ، حتى وإن كانت غير مقصودة خصيصا ..

فأنا أخذتُ أحبك يا خربيط بالفعل ، شاكرا لقدري لأنه رماك
في مداي ..

تنبيه عابر : هذه الأقصوصة و كذلك اسم بطلها هما من نسيج
الخيال و أن صادف أن أحد بهذا الأسم أو المحتوى فما ذلك إلا بمحض صدفة … إذن فالعتب مرفوع والزعل منزوع !.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here