مناطق النزاع في العراق.. بغداد تبحث حلولاً لا تستفز الكورد

يضع تدهور الأوضاع السياسية وتداعياتها الأمنية في المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل في العراق، علاقات الطرفين على المحكّ، وينذر بتفجّر أزمة سياسية جديدة بينهما، قد تؤثّر على محاولات حكومة عادل عبد المهدي لملمة الأوضاع في البلاد.
وتتفاقم حدّة الخلافات السياسية في تلك المناطق لتطفو أزماتها على الساحة العراقية، وسط مناشدات لحلول عاجلة والحدّ من تأزّمها بما قد يؤثر على مصلحة البلاد. وتشهد مناطق “الصراع”، أوضاعاً مرتبكة. فما بين خلافات محتدمة في سنجار وتدهور أمني في مدينة خانقين (في محافظة ديالى)، ترافقه أزمات سياسية وتداعيات أمنية في كركوك، تبدو العلاقة بين بغداد وأربيل قلقة، قد تنفجر في أي لحظة.
وفي السياق، قال مسؤول سياسي مطلع، إنّ “الحكومة العراقية الممثلة برئيسها عادل عبد المهدي، غير مطمئنّة للأوضاع في المناطق المتنازع عليها، لما تشهده من سيطرة بعض الجهات السياسية عليها وصراع بسط النفوذ فيها”، موضحاً أنّ “تقارير يومية تصل إلى رئيس الحكومة بشأن تدهور الأوضاع في تلك المناطق، والتي منها سنجار وكركوك وخانقين وغيرها”.
ولفت المسؤول إلى أنّ “الحكومة تحاول أن تجد تسوية لذلك، من خلال السيطرة على تلك المناطق، وإيجاد تفاهمات تمتص حدّة الخلافات السياسية بشأنها”، مؤكداً أنّ “قادة كورد، ومنهم رئيس الحزب الديموقراطي الكوردستاني، مسعود بارزاني، أجروا أخيراً اتصالات عدّة مع عبد المهدي وبحثوا معه هذا الملف”.
وأضاف المسؤول نفسه أنّ “وفداً كوردياً رفيع المستوى سيصل إلى بغداد قريباً، لبحث تداعيات أزمات المناطق المتنازع عليها، فضلاً عن بحث المواضيع السياسية الأخرى ذات الاهتمام المشترك بين الطرفين، ومنها موضوع تشكيل الحكومة”، مؤكداً أنّ “الحكومة تعمل على تشكيل لجان مشتركة بين بغداد وأربيل لبحث الملفات العالقة، والتي منها ملف المناطق المتنازع عليها، وإمكانية وضع حلول لها”. بحسب “العربي الجديد”
وتحذّر جهات سياسية عراقية من خطورة تدهور الأوضاع في هذه المناطق، داعيةً إلى حوار وطني عاجل بشأنها. ومن بين هؤلاء رئيس “ائتلاف الوطنية”، إياد علاوي، الذي قال في بيان صحافي أخيراً، إنّه “بحث مع مسؤولين كورد إمكانية تطوير العلاقات بين حكومتي بغداد وأربيل”، مؤكداً أنّ “هناك ضعفاً في التنسيق وعدم متابعة القرارات والاتفاقات السياسية التي كانت أبرز أسباب الخلاف بين الحكومتين، خصوصاً في ما يتعلّق بسنّ القوانين والتشريعات المهمة للطرفين، والتي نصّ عليها الدستور العراقي”.
وأشار علاوي في بيانه إلى “خطورة تفاقم الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، ما يستدعي ضرورة إطلاق حوار وطني عاجل، يجد حلولاً للأوضاع فيها”، مشدّداً على “أهمية وجود تنسيق فاعل بين بغداد وأربيل، في المواضيع كافة، وتنسيق المواقف بما يخص القضايا المهمة”.
ويؤكد مسؤولون كورد أنّ “الحشد الشعبي” تعمل بالتعاون مع “حزب العمال الكوردستاني” لخلق أزمات في تلك المناطق. وفي هذا الإطار، قال قائمقام بلدة سنجار، (المتنازع عليها) والتابعة لمحافظة نينوى، القيادي الكوردي، محما خليل، إنّ “الحشد الشعبي عمل بالتعاون مع حزب العمال الكوردستاني، على تعيين قائمقام جديد في البلدة لتنفيذ أجندات خاصة”، موضحاً، أنّ “هذا التعيين لم يبنَ على أسس قانونية وشرعية”.
وأكد خليل أنّ “القائمقام الشرعي هو أنا فقط، ومستمر في مزاولة عملي”، لافتاً إلى أنّه “يزاول عمله الإداري خارج البلدة، في مخيمات النازحين في إقليم كوردستان”.
وقال إنّ “الحشد وحزب العمال الكوردستاني لا يسمحون لأعضاء مجلس إدارة سنجار بالعمل إلّا إذا كانوا موالين لهم”، مشدداً على أنه “عندما تحترم تلك الجهات هيبة الدولة، وتستطيع الحكومة أن توفر لنا الأمان لممارسة عملنا ومسؤولياتنا، سنعود إلى سنجار لنزاول أعمالنا فيها”.
إلى ذلك، تعيش كركوك، المتنازع عليها، وضعاً أمنياً مقلقاً، خصوصاً بعد مقتل قيادي من حزب البارزاني فيها، الأسبوع الفائت. وقال رئيس مجلس قيادة “الحزب الديموقراطي الكوردستاني” في المحافظة، كمال كركوكي، أخيراً، إنّ “كركوك اليوم مدينة محتلة وبمثابة معسكر كبير لانتشار الأسلحة”، مشدداً على “ضرورة مغادرة الفصائل العسكرية المسلحة من المحافظة على الفور”. وأكد كركوكي أنّ “الحل في كركوك يكمن في تسليم الملف الأمني والإداري لأهالي المحافظة ومكوناتها، وأن يتم اختيار محافظ غير منحاز لأي جهة”.
وتعدّ مناطق “الصراع” أو “المناطق المتنازع عليها”، أو كما يسميها الكورد “المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم”، نقطة حيوية في الخلاف بين حكومتي بغداد وأربيل، وهي مناطق مختلطة من ناحية التركيب السكاني، تضم عرباً وكوردا وتركماناً وأقليات أخرى. ولم تستطع الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ عام 2003 حتى اليوم، التوصّل إلى حل توافقي مع الكورد بشأنها، والذين يتمسكون بضمها لإقليم كوردستان.
يشار إلى أنّ القوات العراقية و”الحشد الشعبي” كانت قد فرضت سيطرتها على المناطق المتنازع عليها، عقب استفتاء كوردستان، الذي جرى نهاية سبتمبر/أيلول عام 2017، بينما انسحبت قوات البيشمركة منها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here