واشنطن وصناعة فوبيا روسيّا في أوروبا

منظومة وارسو 2 لتقسيم مملكات القلق العربي

*كتب:المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

عولمة المعولم من الأرهاب عبر الأنجليزي والناتو، وثمة خوف مركب لدى الأوروبي من عودة ساحات القارة العجوز ساحات صراع أمريكي روسي عميق بالمعنى العرضي والرأسي، حيث واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمة المنطقة، فزّجت بورقة الأرهاب عبر القاعدة ومشتقاتها وداعش ونسله، كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ، فكان الأنشقاق الأولي في داعش، وسنرى استثمارتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش في أي قمة للناتو مستقبلاً، وفي قمة وارسو القادمة في 14 و15 شباط القادم، المنظومة التي تسعى أمريكا لخلقها ليس لمواجهة أو احتواء ايران، بل لتقسيم مملكات القلق العربي وكل ساحة وحي بحجة فوبيا ايران، وحجج أخرى مساندة لفوبيا ايران، في طور الخلق والتخليق مخابراتيّاً، وتوريط هذه المملكات العربية القلقة. وثمة تناقض عميق بين الأمريكي والأوروبي، ورفض الأخير للمشاركة في وارسو 2 ضد ايران حتّى اللحظة، كونها قمة غير واضحة الأهداف كما يدعي الأووربي، وتحت عنوان غموض الأجندة في وارسو 2 ، وواشنطن تدعم بريطانيا عبر بريكست للخروج من الأتحاد الأوروبي للمس بوحدتهم، وأوروبا ضد ايران في مشروعها الأقليمي ومع التمسك بالأتفاق النووي لغايات العبث بايران عبر الطبقة الوسطى، من خلال استراتيجيات التطبيع الناعم، وهي الى حد ما مقتنعة بعدم خطورة الدور الأيراني في المنطقة لغايات التمويه والتظليل والتكتيك وتظهر ذلك لطهران، طبعاً استراتيجياً ترى في ايران خطر، وثمة قلق بولندي من روسيّا، وبولندا تمهد لبناء قاعدة عسكرية أمريكية مستدامة بجانب نشر مشروع الدرع الأمريكي الصاروخي، في ظل عودة موسكو ودورها، وهذا من شأنه أن يفرض هيمنة على أوروبا الشرقية، وبالتالي بولندا تكون تحت(بنديرة)البسطار الروسي، وان كانت القارة العجوز تلمس تراجع تكتيكي غير مفهوم في الهيمنة الأمريكية في العالم، حيث قمة وارسو 2 أسلوب ضغط جديد لدفع ايران للتفاوض من جديد، كما ترغب كارتلات حكم اسرائيل الصهيونية، بموضوعة الصواريخ البالستية المقلقة لها ولواشنطن وحلفائها من العربان. هناك عوامل لها علاقة بايران، وعوامل أوروبية ذاتية اجتمعت معاً في سلّة واحدة، وقد تدفع القارة لعدم المشاركة في قمة وارسو 2 ، وان كان الأتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على ايران مؤخراً بسبب أدوار مزعومة للمخابرات الأيرانية للعبث بالساحات الأوروبية، وحسب زعمهم لقادة القارة العجوز والذين يمتازون بالنفاق والصفاقة السياسية أي الوقاحة، بالرغم من وقوف الكيان الصهيوني خلف هذه الأتهامات، وأوروبا لن تستطيع ترك المظلة الأمريكية، وهي ما زالت خزّان التعبئة ضد الفدرالية الروسية، هكذا تريدها أمريكا بالرغم من أنّه لا عدواً روسياً لأوروبا، القارة قلقة منها لكنها ليست عدواً، في حين ترى ألمانيا: أوكرانيا قويّة عسكرياً كما تريدها أمريكا، يعني أوكرانيا تغزو أوروبا، هنا تموضع الخوف الأوروبي المشترك. الأوربيون يتحدثون أكثر مما يفعلون، وصحيح أنّ الأداء الأوروبي حتّى اللحظة لم يرضي ايران والمحك والأختبار في قمة وارسو 2 في منتصف قبراير 2019 م، والرئيس ترامب يعمل على ارهاب أوروبا من روسيا لمنع تطوير علاقاتها مع روسيّا، وهم خائفون من اعادة قارتهم الى ساحة صراع أمريكي روسي، يبدأ صراعاً مخابراتياً اقتصادياً وينتهي بعسكري دموي، والأمريكي قلق من مشروع الصين العسكري المستقبلي حيث الصين لم توقع على معاهدة الصواريخ النووية التي أنهت الحرب الباردة، وواشنطن تحاول حشر الروسي في خانة سباق تسلح لأضعاف الأقتصاد الروسي، عبر خروجها من معاهدة الصواريخ النووية، والأمريكي يعمل على خلق وتخليق فوبيا روسيّا في أوروبا لغايات منع جلّ القارة أو على الأقل أطراف أوروبية من تطوير العلاقات مع روسيا، والأنسحاب الأمريكي من المعاهدة له علاقة مباشرة بالبعد العسكري لدى المجمّع الصناعي الحربي العسكري الأمريكي، والرغبة في تصنيع الأسلحة وبيعها. ولفهم السابق شرحه وذكره أقول: الثوابت الطبيعية الجغرافية، هي التي تفرض استراتيجيات الدول المختلفة الفاعلة والمقرّرة ازاء أي منطقة، وتعمل الدواعي التاريخية على تحريكها لتلك الأستراتيجيات الخاصة، بالفاعلين من الدول أو حتّى الحركات والجماعات ذات الأذرع العسكرية، والتي تكون أقل من دولة وأكبر من حزب أو حركة أو جماعة. والجغرافيا أي جغرافيا، نعم قد تكون صمّاء لكنّ التاريخ هو لسانها، وصحيح أنّ التاريخ هو ظلّ الأنسان على الأرض، فانّ الجغرافيا الصمّاء هي ظل الأرض على الزمان، ولفهم جلّ المشهد الدولي وانعكاساته على المشاهد الأقليمية في أكثر من منطقة وأزيد من مكان وساحة وتفاعلات ذلك وتداعياته، لا بدّ من استدعاء الجغرافيا والتاريخ كلسان لها. واشنطن وحلفائها من غرب وبعض عرب، يريدون دولة عربية قطرية جديدة مبنية على فرز ديمغرافي وجغرافي، بأساس التجانس المذهبي وليس التجانس السياسي وخير مثال على ذلك: العراق وسورية، وباقي الدول التي يغلب عليها عدم التجانس الطائفي بدواخلها الأجتماعية ستؤول نحو التفكك والفرز الديمغرافي والجغرافي، في حين أنّ الدول التي يغلب عليها التجانس المذهبي كمصر وليبيا سيصيبها ضعف في المركز وعدم قدرة هذا الأخير(المركز)على السيطرة على الأطراف. سلّة التحالفات الأمريكية ومن ارتبط بها، تعمل على محاصرة الأرهاب الآن ومحاربته في العراق وسورية ومحاولة ايجاد حلول سياسية في سورية، حيث يمكن اعتبار الهدفان بمثابة حصان طروادة لأكمال مسيرة التفتيت والتقسيم للمنطقة، ولكن هذه المرّة في اطار البناء الجديد المتساوق مع مصالحها وليس الهدم، حيث الأخير كان المرحلة الأولى من مشروع استراتيجية التوحش، والآن بدأت المرحلة الثانية: البناء في اطار تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتت. نواة (البلدربيرغ) في الولايات المتحدة الأمريكية، لن تسمح لمجتمعات الدواعش التي أنتجتها من رحم القاعدة وأخواتها باستقطاب السنّة، ولن تترك بشّار الأسد في السلطة رغم تغير مزاجها السياسي، وتعمل على طرد حزب الله من سورية، وتسعى للتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية من خلال تمسك الأوروبي بالأتفاق النووي مع ايران أو دفعها للتفاوض من جديد بما فيه ملف الصواريخ الأستراتيجية، لتفجير ايران من الداخل، وتسعى لتفكيك المحور المقاوم لبنة لبنة وحلقة حلقة، وتستثمر بخبث في المعتدل من الأرهاب، ومارست الأنسحاب الخدعة من شمال شرق سورية نحو العراق المحتل لغايات العبث من جديد ان في ايران وان في سورية من خلال قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة(كي ون)في اقليم كردستان العراق. الحكومة البريطانية وبشكل مستمر، لديها تقارير استخباراتية دقيقة ومقنعة ومعقولة بالنسبة لكارتلات حكمها ولكوادرها، بجانب كوادر المعارضة العمّالية بزعامة جيمي كوربن العمّالي، وان كان الأخير متعاطف مع قضية شعبنا الفلسطيني، لكنه يطلع عليها بصفته زعيماً لحكومة الظل الأنجليزية، مرفوعة من مستويات أمنية استخباراتية حصيلة جهد استخباري وخاصة من جهاز الأم أي سكس، بعد اعادة تنقيحها لدى مجلس اللوردات الحاكم هناك، امّا بالزيادة والتصخيم أو الشطب والفبركة بما يخدم مصالح حكومة صاحبة الجلالة، وهذا ما دفعها لحكومة تيرزا ماي ودفع حكومة زميلها في الحكم ديفيد كاميرون السابقة، الى القول دائما وعلى مدار الأزمة السورية وحتّى اللحظة: دولة ارهابية على المتوسط تهديد عميق واستراتيجي لدولة عضو في الناتو(حلف شمال الأطلسي)! وتابعت وشرحت مضامين هذه التقارير: هناك تخوفات من تمددات لمجاميع ارهابية معولمة بمسميات وأشكال مختلفة، ان الى الأردن تسخينه وفلترته ديمغرافياً ولجهة الجغرافيا مع فلسطين المحتلة، وان الى لبنان المراد العبث فيه من جديد، وأقول من باب التهكم السياسي على حكومة تيرزا ماي: ونسيت أو تناسىت هذه الحكومة بجانب الطغمة السياسية الحاكمة هناك في لندن أن تضيف: وتمددات الأرهاب المعولم الى الضفة الغربية المحتلة، وغزّة المحتلة، لتنسجم حكومة صاحبة الجلالة حكومة وعد بلفور المشؤوم – (والتي ترفض تحمّل المسؤولية الأخلاقية والسياسية لوعد المقبور اللورد ريتشار بلفور حتّى اللحظة، والتي تسببت بمعاناة شعبنا الفلسطيني، وما يحيكه مجلس اللوردات الحاكم في بريطانيا من مخطط للتطهير العرقي للأردنيين، والغاء الهويتين الأردنية والفلسطينية متورط بها البعض منّا من أصحاب المناصب والمكاسب في اطار النسق السياسي الأردني(معروفين لدى جهاز المخابرات)، ومهم جدّاً في الفترة القادمة من توحيد الصف ثم التنظيم ثم تطبيق الكلمة وبالتالي تقرير مصير الشعب الأردني تقرير حقيقي، بتمثيل سياسي حقيقي، حيث الهوية الأردنية ما زالت في طور التشكل والتشكيل ومنذ عام 1921 م وهي تتشكل)- مع رؤية النتن ياهو بيبي ومجتمع مخابراته الصهيوني، ليصار الى شيطنة كل شيء فيما بعد، ان عاد أو لم يعد رئيساً للوزراء في نيسان القادم، وان كانت كل المؤشرات واستطلاعات الرأي ترجح عودته بسبب اتجاهات المجتمع الأسرائيلي المتنامية وانزياحاتها، نحو يمين اليمين المتطرف، ليكون بيبي وما يمثله من يمين كحل وسط، باعتباره يسار يمين ازاء يمين اليمين. والمعروف استخباراتيّاً، أنّ رجال المخابرات الأنجليز هم من أبناء الريف الأنجليزي الذكي والخبيث بنفس الوقت، وخاصةً العاملون في جهاز الفرع الخارجي الأم أي سكس هذا من جانب، ومن جانب آخر وبالرغم من أنّ بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية حلفاء، الاّ أنّ هناك تنافس عميق وحميم بينهما في مناطق، وعلى مناطق النفوذ البريطانية السابقة والحالية، ولا شيء يوضح حقيقة العلاقات الأمريكية البريطانية خارج نطاق المجاملات الرسمية، الاّ حجم التفاهم أو التوتر بين السعودية وقطر والتحالفات الأقليمية لكل منهما، فبعد انقلاب أمير قطر السابق على والده جد الأمير الحالي عادت قطر للمظلة البريطانية، وحتّى الجيش التركي ما زال حتّى اللحظة تحت المظلة البريطانية، ويعيش حالة صراع سياسي مع كارتلات حكم تركية أخرى، تريد جعل الجيش التركي تحت المظلة الأمريكية. حتّى ايران الشاه رضا بهلوي كانت مظلتها أمريكية، وبعد الثورة عادت تحت المظلة البريطانية، وهذا أحد أهم أسباب اشتعال المنطقة والمستمر حتّى اللحظة ومنذ ذلك الحين، حيث المؤامرة على سورية بدأت بريطانية فرنسية سريّة على الأطراف، وها هي تنتهي على الأطراف. اذاً التنافس موجود بين لندن وواشنطن، والأولى تدير الثانية، وهذا أمر طبيعي في علاقات الدول الخاصة، وأن تقسيم مناطق النفوذ في العالم والذي تم في اجتماع يالطا، بين تشرشل و روزفلت وستالين منح كثيراً من مناطق النفوذ البريطاني للأمريكيين، وقبلت لندن حينها وعلى مضض بسبب ضعف موقفها بعد الحرب العالمية الثانية وتسعى الآن لأستعادة مناطق نفوذها. داعش والنصرة يأجوج ومأجوج العصر، العامود الفقري لأرهاب الغرب المعولم، وكارتل الحكومة البريطانية عبّر عن مكنونات مخاوف مجلس اللوردات الحاكم في بريطانيا، والذي يعلم أنّ هناك دول بعضها دمى في المنطقة سيهزمها الأرهاب المعولم، وصمود الدولة الوطنية السورية وانتصارها ومعها حلفائها، وعلى رأسهم الروس وايران وحزب الله، فرمل اندفاعات الأنجليز والأمريكان وغيرهم، وهنا فعلت فعلها المخابرات البريطانية(كونها لديها داتا معلومات وهي جزء من المطبخ)في مفاصل طور وصناعة مجاميع الأرهاب والدواعش المعولمين والمتحولين في مطابخ الأدارة الأمريكية وبلدربيرغها، فصرنا نسمع حديثاً وتحديداً هذه الأيام عن انشقاقات في داعش تقاتل داعش وتحت مسميات أبو عبيدة الجرّاح، وسنرى لاحقاً القعقاع وخالد وابن عباس وما الى ذلك، وستظهر الدواعش المعولمة بمسميات مختلفة. فبريطانيا دورها دائماً دور الظل والظل العجوز للولايات المتحدة الأمريكية مع امكانيات تنافسها لأستعادة نفوذها الضائع في السابق، فلندن تعتبر مثلاً سقوط سورية والعراق في يد الأرهاب المعولم، يعني مثلاً سقوط لبنان والأردن والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة المحتل والمسخ “اسرائيل” في الشمال الفلسطيني المحتل، وهنا هذا يعني تغير دراماتيكي في الخارطة الأستراتيجية للمنطقة دون أن يكون الخليج ومشيخاته مملكات القلق العربي بمنأى عن التداعيات الكارثية. فهناك تحولات جيواستراتيجية وتسوناميات ارهابية في المنطقة بفعل أمريكي، من أجل تعزيز حالة التشظي التي يشهدها العراق وسورية والمنطقة، كي تمهّد لتنتج ميلاد أرخبيلات كيانية طائفية أو اثنية وذلك لشرعنة اسرائيل الصهيونية في المنطقة، مع ترسيمات لحدود نفوذ جديدة مع حلفاء مع فرض خرائط دم BLOOD MAPS كأمر واقع بمشارط العمليات القيصرية، وعبر استراتيجيات التطهير العرقي والطائفي ETHNIC CLEANSING كل ذلك مع التفكيك الممنهج والتفتيت الجغرافي والتلاعب بجينات الوحدة الوطنية، وافشال الدول الوطنية FAILIN STATES واستهدافات للجيوش الوطنية ذات العقيدة الوطنية واحلال ديمقراطيات التوماهوك وبديلها الداعشي المعولم، لتأمين مصالح الشركات الأمريكية والأوروبية النفطية في المنطقة. يؤكد الكثير من الخبراء والباحثين والمراقبين في شؤون الناتو، أنّ اجتماعات أمنية وعسكرية تعقد هذا الأوان الدولي بشكل غير معلن للقيادة المصغرة لحلف الناتو، اجتماعات صناعة الشركاء والأعداء على حد سواء، لها تداعيات ومفاعيل وعقابيل رأسية وعرضية في نتائجها المتوقعة على أدوار جديدة لحلف الناتو، في المسارح الإقليمية والدولية من فلسطين المحتلة حيث الصراع العربي الأسرائيلي وأدوار جديدة لمصر، الى أوكرانيا مروراً بالعراق وسورية حيث الأرهاب المعولم ودواعش الماما الأمريكية مع شبه استدارات خليجية هنا وهناك، نعم هي أدوار يصار هندستها هذا الأوان المتصاعد صراعاً وعمليات مخابراتية قذرة، بفعل الشراكات الحقيقية بين نواة الناتو ونواة البلدربيرغ الأمريكي واستعدادات للتنفيذ للوكلاء من بعض عرب وبعض غرب. ومن هنا تنبع أهمية هذه الأجتماعات في ظل حالة التباين لا بل الصراع الأمريكي الأوروبي المتفق على سقوفه من تحت الطاولة، بالإضافة إلى وضع عقيدة أمنية استراتيجية جديدة للحلف بعناصر مختلفة متعددة، بحيث يأتي كل ذلك في ظل تنامي غير محدود للجماعات الأرهابية المتطرفة بفعل السياسات الأمريكية الأمبريالية وشراكاتها البلدربيرغيّة العميقة، بشكل عامودي وأفقي في الشرق الأوسط، وفي ظل تنافس روسي أميركي مشوب بالحذر من كلا الطرفين، يؤشّر لعودة أشكال من الحرب الباردة اذا استمر بنفس الوتيرة، وفي ظل التمسك الأوروبي غير العميق بالأتفاق النووي مع ايران، مع عدم رضى طهران على الفعل الأوروبي حتّى اللحظة ازاء هذا، والتوترات الغربية الأميركية مع ايران وبخصوص برنامجها النووي السلمي. منذ بدء مقاربات الضرورة الأستعمارية الجديدة، وحلف الناتوهو حصيلة تفاعلات العلاقات الأوروبية – الأميركية ذات السمة الإستراتيجية، لجهة التعاطي مع العالم وملفاته المختلفة وما زال، ولو تم الرجوع الى الخلف قليلاً، لفحص تكوين هذا التحالف الجاري بين أميركا وأوروبا عبر الحلف(الآن ثمة ارتباك في ثناياه وسقوف متفق عليها بشكل سري)، لوجدنا أنّ سببه الرئيس هو: دماء الأميركان في( النورمندي )في شمال فرنسا، فهو من قبيل رد الجميل الذي سعت اليه أوروبا، وعلى وجه الخصوص فرنسا لتحريرهم من حكومة “فيشي” في حينه، ومنح الأمريكان نقاط احتكاك ساخنة ومتقدمة جداً ونوعيه، مع الترسانة العسكرية الروسية الشاملة في تلك الظروف التاريخية، التي استوجبت وجود حلف آخر، هو حلف وارسو المنحل فيما بعد، ويسعى الأمريكي الآن الى وارسو 2 منظومة الناتو العربي السني حيث الأهداف غير واضحة للأوروبي وغيره، في حين بعض العرب والعربان يسقطون في الفخ الجديد الواحد تلو الآخر. الآن ومنذ سنيين خلت، ما زالت عقيدة ومذهبية حلف الناتو العسكرية دون تغير، وان جرى محاولات على تطويرها في قم سابقة في حينها، وان حدث تحول في العقيدة السياسية له بعد أحداث أيلول 2001 م، فعقيدته تقوم على مبدأ سلامة وحدة آراضي الدول الأعضاء، حماية الاستقلال السياسي للدول الأعضاء، حماية أمن الدول الأعضاء، وكل هذا واضح في الفقرة رقم(5)من ميثاق الحلف، لمحاولة فهم ما تسعى له واشنطن الآن من احداث انقلاب فكري، في مفهوم عقيدة الحلف التي ما زالت تقوم، على مفهوم الردع بمفهومه الشامل، وان كان في قمته الأخيرة للحلف، حدثت تطورات استراتيجية لجهة الآنف ذكره. وتتحدث المعلومات والمعطيات الجارية، عن أجندات اجتماعات القيادة المشتركة المصغرة للناتو والتي تعقد سراً الآن، أنّه سيتم بحث الوضع في لبنان وفلسطين المحتلة وأفغانستان وسورية والعراق وليبيا واليمن وفي أفريقيا، والخروج بإستراتيجية خروج لقوات الناتو من أفغانستان المحتلة، وعبر مراحل زمنية قابلة للتغير والتغيير، كما سيتم بحث موضوعة الدرع الصاروخية والأزمة الأوكرانية، وهل ما زالت موسكو شريك حقيقي للحلف أم لا؟، والأهم من هذا وذاك أنّه قد يتم بحث المفهوم الأستراتيجي الجديد للحلف، عبر مسودة بحث تم اعدادها من قبل نواة قيادة الحلف، والتي تساوقت وتماثلت مع دراسات تم اعدادها في قمة ويلز وقمة لشبونة، حيث هناك مجموعة من خبراء السياسة والدبلوماسية والاستخبارات، بقيادة ثلّة محافظين جدد ومن أعضاء وكوادر البلدربيرغ الأمريكي، حيث يعتقد أنّ الورقة البحثية هذه، ستكون إسناداً لمسودات البحث السابقة، والخطّه القادمة لعمل الناتو في مختلف المسارح الدولية والإقليمية، وفقاً لعقيدة أمنية استراتيجية جديدة ومختلفة. تؤكد تقارير محايدة، أنّ التساوق والتوافق والتماثل، وصل درجة التطابق التام، بين محتوى مسودة نواة القيادة المشتركة المصغرة للحلف، ومحتوى تقرير ثلّة المحافظين الجدد أعضاء وكوادر البلدربيرغ الأمريكي، ففي احدى قمم الناتو، تم تطوير المفهوم الأستراتيجي للناتو الذي كان يقوم، على أساس اعتبارات فرضية الدفاع عن الأرض، التي توجد فيها دول الأعضاء، إلى مفهوم جديد يتمثل في كيف يتم الدفاع عن الأرض؟ فحسب مسودة بحثيّ نواة قيادة الناتو وبعض أعضاء وكوادر البلدربيرغ، يشمل مصطلح ” الدفاع ” التالي: التصدي للمخاطر الجديدة والمتمثلة في الأرهاب ألأممي، الدول المارقة، أسلحة الدمار الشامل، بعبارة أخرى الفزّاعات القديمة، تم إعادة إنتاجها كشمّاعات مستحدثة، لأدوار أوسع للناتو في العالم، حيث إيران(رغم اتفاقها النووي)وسورية والعراق بالدرجة الأولى عبر الدواعش وجلّ سلال الأرهاب المعولم، تقع ضمن الأستهدافات الجديدة للناتو. إنّ الذي تم ذكره آنفاً، يشي باختصار وحسب اعتقادي وظني، إلى سعي محموم للناتو، مدفوعاً من الأميركيين لتوسيع نطاقات مسارح عملياته بحيث يقوم، باستهداف الإرهاب أيّاً كان وفي أي مكان وزمان، كذلك استهداف الدول المارقة أيّاً كانت وفي أي مكان وزمان، أضف إلى ذلك كل من يسعى أو مجرد معرفة نيته، في امتلاك أسلحة الدمار الشامل، يتم استهدافه أيّاً كان وفي أي مكان وزمان، بلغة أخرى هناك أدوار قادمة وفاعلة للناتو، خارج نطاق حدوده لحماية ما تسمى بحدوده الإقليمية ومجاله الحيوي، هكذا يقول أمين عام الحلف لوسائل الميديا المختلفة. وتقول المعلومات، أنّه في آخر قمة للناتو تم التوصل الى تفاهمات شاملة أميركية – أوروبية، من المؤكد أن تقود الى وضع شبكة الدفاع الصاروخي التي تنوي واشنطن نشرها في أوروبا، تحت تصرف حلف الناتو باعتباره الكيان المؤسسي الرسمي المعني، بالتعاون الأميركي الأوروبي بشؤون الدفاع عن أوروبا، بعد أن كانت أميركا ترفض ذلك جملةً وتفصيلاً، وتصر على ضرورة أن تستضيف أوروبا فقط، شبكة الدفاع الصاروخي مع التزامها بعدم تدخل حلف الناتو، في كل وجل شؤون هذه الشبكة والاشتراك ” بالسيستم ” الخاص بها. من خلال مجلس شراكة الناتو – روسيا الذي تم تشكيله عام 2002 م، فقد قبلت روسيا الفدرالية التعاون مع الحلف في حينه، لجهة أفغانستان دون المشاركة في المجهود الحربي هناك، كما قبلت التعاون مع الناتو بشأن الدرع الصاروخي في أوروبا، لكن مضمون هذا التعاون ما زال في حكم المجهول حتّى اللحظة، وان كان لن يخرج عن إطار ومضمون إستراتيجية الدفاع الروسية، بعقيدتها الجديدة والمعروفة للجميع، وهنا أتذكر وبعمق وقبل انطلاق ما سمّي بالربيع العربي وتحديداً في العام 2010 م عندما صرّح الجنرال فوغ الأمين العام الأسبق للحلف في ذلك التاريخ، تصريحاً مفعماً بالتفاؤل والرومانسية عندما قال: (الأحتياجات الأمنية لروسيا والناتو لا تتجزأ)والسؤال هنا وبعد نتائج وتداعيات اطلاق برامج الربيع العربي، وما جرى ويجري في تونس وجرى ويجري في مصر، وفي ليبيا وفي سورية، وما جرى ويجري في اليمن، وفي العراق وفي لبنان وفي فلسطين المحتلة، والعدوان الأخير على غزّة وعقابيله على الصراع العربي الأسرائيلي، وبعد تفاقمات الأزمة الأوكرانية وعقابيلها، وبعد تصريحات أمين عام الحلف الأطلسي الحالي: أنّ الباب لم يغلق أمام أوكرانيا للأنضمام اذا آرادت للناتو، وتصريح رئيس الوزراء الأوكراني أنّ بلاده تريد احياء عملية انضمامها للحلف، في مواجهة ما أسماه بالعدوان الروسي، وطلبه من برلمان بلاده التخلي عن سياسة الحياد ازاء الحلف، وبعد تنديد الناتو الشديد بالعمليات العسكرية غير المشروعة لروسيّا داخل أوكرانيا(على حد وصفه وحسب وجهة نظره)، وبعد تأكيد الرئيس الروسي فلادمير بوتين على تطوير وتفعيل الترسانة النووية الروسية، وأنّ روسيّا لن تنجّر في صراعات ونزاعات خارجية ولكنها ستدافع عن نفسها وأمنها القومي، ومجالاتها الحيوية ضد أي عدوان أو تهديد. بعد كل ما قيل وهذا وذاك وبعد البحث الروسي الأيراني المشترك في لقاء ظريف لافروف الأخير في موسكو، حول آفاق انشاء قوّة دولية لمكافحة الأرهاب، هل ما زال هناك من يتحدث عن شراكات روسية مع الناتو من جانب أوروبا والناتو والأمريكان وحلفائهم؟ وهل ما زال يجرؤ الوجه المدني للناتو الأتحاد الأوروبي يتحدث عن ذلك؟ أعتقد أنّ الخاسر في جلّ المسألة استراتيجيّاً هو الناتو ووجه المدني الأتحاد الأوروبي وأوروبا، وان كان بالمعنى التكتيكي وعلى المدى القصير هناك تأثيرات الى حد ما مؤلمة على روسيّا بشكل عام، لكنها في النهاية كتحدي لروسيّا ستتحول الى فرص حقيقية ونوعية وايجابية أمام نواة الدولة الروسية وشعوبها واقتصادياتها.انّ تقارير بعض الخبراء والمراقبين الدوليين والمتابعين، لجدول أعمال الأجتماعات السريّة التي تعقد ضمن هياكل الناتو ويتم تسريب المعلومات لهم وحسب الحاجة كبالون اختبار، تشي بنتائج مذهلة وخطيرة لجهة النظام الدولي المعاصر، من حيث توسيع نطاقات الارتباطات، بين قوات الناتو والقوات الأميركية، حيث تصبح كل قيادة أميركية – إقليمية، هي في ذات الوقت قيادة لقوات حلف الناتو، توسيع مسارح عمل قوات الناتو، ضمن ولاية عامة تتيح لها استهداف كافة مساحات الكرة الأرضية، توحيد مفهوم المخاطر الجديدة على الشكل والمضمون التالي: كل ما يشكل خطراً للولايات المتحدة الأميركية، هو في ذات الوقت خطراً لبلدان الناتو(الصين مثلاً)، وفقاً لمفهوم جديد: العدو واحد والقضية واحدة، ادماج قواعد الأشتباك التي تعتمدها القوات الأميركية، ضمن قواعد الاشتباك التي يعتمدها حلف الناتو. المثير للانتباه، لدرجة تدفع المراقب والمتابع والباحث، في شؤون الناتو الى الضحك بشكل هستيري، الذي يجعله يرتمي بالأربع وعلى ” قفاه”، هو أنّ تعريف المخاطر التي تهدد الناتو، والمتمثلة في الأرهاب ألأممي، الدول المارقة، امتلاك أسلحة الدمار الشامل، هو تعريف يتساوق ويتماثل ويتوافق، مع تعريف مجلس الأمن القومي الأميركي، والإستراتيجية الأمنية البريطانية الجديدة، للمخاطر التي تهدد مشروع الهيمنة الأميركية والبريطانية. وهذا يشي بوضوح، أنّ على حلف الناتو محاربة الإرهاب، وفقاً للمفهوم الأميركي البريطاني، والذي يتطابق مع المفهوم الإسرائيلي، الذي يحصر الأرهاب في القوى العربية والإسلامية المناوئة ” لأسرائيل”، كذلك على الناتو محاربة الدول المارقة، وحسب المفهوم الأميركي الذي يحدد الدول المارقة: سورية، ايران، كوريا الشمالية، فنزويلا، كوبا، السودان الى حد ما، وزمبابوي. ومصطلح (مارق) يقصد به هو: كل من يرفض الهيمنة الأميركية أولاً والبريطانية ثانياً، كذلك على الناتو محاربة عمليات انتشار أسلحة الدمار الشامل، وفقاً للانتقائية الأميركية التي تستثني إسرائيل، ولا تنظر الى الهند والباكستان، وفي نفس الوقت تستهدف ايران وعبر اتفاقها النووي. انّ للعقيدة الأمنية الأستراتيجية الجديدة للناتو، وجه آخر خطير جداً غير وجه الأفراط العدواني، انّه وجه سيناريو التظليل المخابراتي، وتؤكد المعلومات والتقارير المخابراتية الدولية المحايدة والخاصة، أنّ ما هو أكثر خطورة في المفهوم الأستراتيجي الجديد للناتو، يتمثل في المعلومات الأستخباراتية الكاذبة، التي يتم اعدادها بواسطة أجهزة مخابرات بلدان الناتو، وخاصةً السي أي إيه، والمخابرات الفرنسية، والمخابرات الكندية، والمخابرات البريطانية، والتي تتعاون ضمن روابط الشراكات الحقيقية المخابراتية المفتوحة، مع شبكات المخابرات الأسرائيلية المختلفة: الموساد، وحدة أمان، الشين بيت، الخ، وهذا يشي بتأكيدات غير مسبوقة، أنّ سيناريو التضليل المخابراتي، الوجه الأخر القبيح للإستراتيجية الجديدة للناتو، سوف يشهد حدوث المزيد من حلقاته، والتضليل هذه المرة لن يبدأ فقط على البيت البيضاوي والبنتاغون، وإنما أيضاً على قيادة وكوادر حلف الناتو، مما يتيح ذلك للبنتاغون ارسال القوات الأميركية، وبصحبتها قوات حلف الناتو، وحتّى للفصل بين الأسرائليين والفلسطينيين، وهنا يتساءل المرء: هل يشهد الصراع الأستراتيجي العربي الإسرائيلي، بجزئية المسار الفلسطيني العبري، والمسار اللبناني العبري، والمسار السوري العبري، أدوار مخابراتية وعسكرية للناتو؟!. الولايات المتحدة الأميركية، وتحت حملة عناوين وشعارات ذرائعية جديدة، تتساوق مع مصالحها التكتيكية والإستراتيجية، في ظل تداعيات عقدين من زمن ألفية جديدة للميلاد انتهت سنواتهما، وتحت تنميط مستحدث بضرورة تحريك عجلة تطوير حلف الناتو، باتجاه اعتماد عقيدة ومذهبية استراتيجية مختلفة عن سابقتها، تسعى وبثبات إلى إحداث انقلابات لجهة العلاقات مع أوروبا، وخاصةً في الملف العسكري الأمني، عبر إيجاد مفهوم استراتيجي، لا بل عقيدة استراتيجية متطورة لحلف الناتو كذراع عسكري سياسي أممي لأعضائه، وخاصةً واشنطن لجهة الشرق الأوسط، وتحديداً الملف السوري والملف العراقي، والملف اللبناني والملف المصري، والملف السوداني والأيراني، بجانب الملف الأردني كملف مخرجات للملف الفلسطيني ولاحقا السعودي ووضعه على المشرحة، كل ذلك للتدخل في مفاعيل الصراع العربي الإ سرائيلي لصالح أمن الكيان الصهيوني، أو لجهة دول أوروبا الشرقية(سابقاً)والمعني المجال الحيوي الروسي وأوكرانيا، أم لجهة دول آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا، بما فيه القرن الأفريقي، ولمحاصرة النفوذ الصيني والروسي و الأيراني وجلّ دول البريكس المتصاعد هناك. فكل الأشارات السياسية التي ظهرت في التصريحات الأخيرة لمؤسسة البنتاغون الأمريكي، الصندوق الأسود للسياسة الأميركية الخارجية بنكهات المحافظين الجدد، تشي بوضوح لمساعي ورغبات أميركية جامحة, لجهة الدفع باتجاه استبدال المفهوم الأستراتيجي القديم لحلف الناتو، بمفهوم استراتيجي مستحدث يقوم ليس فقط على مفهوم الردع والهجوم، في حالة الأعتداء العسكري على أحد الدول الأعضاء، لا بل يتأسس على مفهوم الضربات الوقائية أو الأستباقية، وهذا يتساوق بانسجام مع الطموحات الأميركية المتقاطعة مع الصهيونية العالمية، إزاء مستقبل وضع حلف الناتو ومستقبل دور قوّات الحلف في المسرح الأفغاني الباكستاني تحديداً، ولجهة الشرق الأدنى وأيّة مسارح ملتهبة أخرى بما فيها أوكرانيا، أو في طور الأعداد أميركيّاً اسرائليّاً( بمعنى بلديربيرغيّاً) لألتهابها كساحات ليصار الى التدخل أو التهديد به.باختصار شديد: واشنطن تريد نسخة متطورة لحلف الناتو نسخة القرن الحادي والعشرين، وخلفية الرؤية الأميركية هذه تتمثل في أنّ دول حلف الناتو لم تتعرض لخطر الأعتداء على آراضيها وسيادتها، بواسطة دول عدوانية قائمة بحد ذاتها، وإنما هناك المخاطر النوعية الجديدة، والمهدّدات العابرة للحدود والقارات والقوميات، الناشئة بفعل وعمل الفاعلين غير الرسميين، والفاعلين من غير الدول على شاكلة: تنظيم القاعدة وعبر الأصدار الممتاز منه داعش ومشتقاته(صناعة ومنتج استخباراتي أمريكي بامتياز وفقاً لرؤية البلدربيرغ الأمريكي، والراعي دمى الدول كأدوات من بعض العرب)، حماس باتجاهاتها المختلفة، حزب الله المتصاعد في قوّته، حركة الجهاد الإسلامي المتنامية وسكّتها الأيرانية، حركة المجاهدين الشباب وتحولاتها …الخ كل ذلك ليصار الى شطب أوروبا أمريكيّاً. وهذه المخاطر وفق الرؤية الأميركية البلدربيرغيّة لا بدّ من مواجهتها، لوأدها في مراحل نموها الأولية، وعلى وجه الخصوص في داخل ما سمّي مؤخراً أميركياً، بالدول الفاشلة والمفككة. لذلك لا بدّ من اعادة تعريف مصطلح”اعتداء”، واستبداله بمصطلح”خطر”أو”تهديد”، وهذا يعني إذا ما قرّرت احدى دول الحلف، القيام بردع المخاطر قبل استفحالها، فانّه يتوجب على الدول الأعضاء الأخرى، وعلى الفور القيام بممارسة الردع معها، كونه تهديد وخطر مشترك، سيقع على الجميع هذا ما تريده أميركا. وبناءً على ما ذكر آنفاً، رؤية الولايات المتحدة الأميركية المزروعة، في “مخيخ”مطبخ مجلس الأمن القومي الأميركي اسرائليّاً، ومن قبله نواة البلدربيرغ وذراعه العسكري المجمّع الصناعي الحربي وعبر ضغوط الأيباك ومراكز الدراسات الأخرى، لم يعد حلف الناتو حلف دفاعي بالمعنى الضيق لهذه الكلمة، بقدر ما هو حلف أمني استراتيجي بقوّة انتشار سريع بفعل التغيرات التي حدثت، في البيئة الأمنية المحلية والأقليمية والدولية، عبر فاعلين غير رسميين، وفاعلين من غير الدول، بل من تنظيمات معادية حيث المخاطر والتهديدات التي قد تواجهها الدول الأعضاء بالحلف، تأتي من مكامن داخلية للدول الفاشلة والمفككة. التنظيمات المعادية من غير الدول وعلى مختلف مشاربها وتوجهاتها، تجد الحضن الدافئ والملاذ الآمن، في جغرافية الدول الفاشلة والمفككة، عندّها يبقى على الحلف(بنسخته المستحدثة بخبث) التحرك للقضاء على هذه المخاطر والتهديدات، بعد إعادة تنميط خارطة الدول الفاشلة والمفككة وحسب ما تراه واشنطن. انّه تطور استراتيجي في غاية الخطورة، وعلى المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة مواجهة هذا السعي الأميركي البريطاني الإسرائيلي الفرنسي، عبر خلق رأي عام أممي ضاغط، “للجم” هذا الجموح المجنون الذي قد يقود إلى خراب العالم عبر حروب محلية واقليمية ودولية. حيث تلك التهديدات والمخاطر، الآتية من دول فاشلة ومفككة، هي أصلاً من صناعات مخابراتية أميركية اسرائلية بريطانية كندية فرنسية بدفع من جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي.

سما الروسان في 20– 1 – 2019م.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here