لغتنا العربية واهميتها في حياتنا اليومية

* د. رضا العطار

يظن الكثيرون ان (القول) هو مجرد (لفظ) ينطق به الانسان وكانما هو ذبذبات هوائية سرعان ما تذهب ادراج الرياح، في حين ان (القول) سلوك لفظئ يحمل دلالة (الفعل) وكأنما هو نشاط بشري ينقل صورتنا الى الاخرين. ويسجل طابعنا الخاص في ضمير العالم الواقعي. والحق ان القول حين يجيء في وقته المناسب فانه لا بد من ان يبدو بمثابة (فعل) حقيقي يكفل للشخصية ضربا من الاتزان. ويحقق لها صورة من صور التواصل مع الاخرين – – – ولما كانت المواقف التي تعرض للذات مواقف متعددة متحددة باستمرار دون ان يكون ثمة تكرار يجعل منها صورا متشابهة متطابقة، فليس بدعا ان يكون لكل (كلمة) معنى اصيل يرتبط بالموقف النوعي الخاص الذي تقال فيه.

معنى هذا ان المعجم اللغوي قد لا يكفي لتجديد معاني الكلمات نظرا لان الكلمة الواحدة لا تتحدد مرة واحدة والى الابد بل هي تبدو جديدة اصيلة في كل مرة تجري فيها على لسان شخصية فريدة تواجه موقفا جديدا، ولعل هذا ما عناه الفيلسوف (هنري دولاكرو) حين قال (ان الكلمة لتخلق من جديد في كل مرة يتفوه بها انسان)

قد يمر الانسان بحالات نفسية عابرة او احاسيس وجدانية غامضة دون ان يتمكن من تحديد المعالم الدقيقة الواضحة التي تفصل شخصيته عن البيئة الخارجية المحيطة به ولكنه لو حاول التعبير عن تلك الحالات النفسية لأشاع ضربا من التحديد في صميم حياته الواعية ولأستطاع عن هذا الطريق ان يصل الى مرتبة المعرفة.

وحين نقول ان (الاسم) يخلق (الموضوع) فاننا نعني بذلك انه يلتقط حقيقة (الموضوع) فيما وراء مظاهره العابرة الزائلة، ونحن حين نسمى بعض الحالات الشعورية، فاننا نخلع عليها ضربا من الوجود الحقيقي. وآية ذلك انني حين اقول:
(انني جائع) او (انني عاشق) فانني عندئذ اكون قد عثرت على مفتاح السر الذي يقلقني ما دمت قد استطعت ان اهتدي الى (اسم) الحالة النفسية التي امرّ بها.

وكثيرا ما يجيء اللفظ الذي اطلقه على الحالة النفسية فيمتد بي الى ما وراءها وكان اكتشافي لاسم تلك الحالة هو الخطوة الاولى على درب التحرر منها ! – – – وفضلا عن ذلك فان عملية التعبير اللغوي هي التي تزودنا بطبيعة ثابتة يمكن عن طريقها تفسير الماضي وتوجيه المستقبل.

* مقتبس من كتاب فلسفة مشكلة الحياة، للدكتور زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here