البرلمان يُضمِّن قانون الموازنة 37 فقرة جديدة والماليّة النيابيّة تترقّب طعن الحكومة

بغداد / محمد صباح

تتحدث اللجنة المالية النيابية عن مخاوفها من تقديم الحكومة طعناً أمام المحكمة الاتحادية على بعض فقرات قانون موازنة 2019 التي أقحمت من قبل أعضاء المجلس أثناء التصويت، مبينة أن النواب أضافوا قرابة 37 مادة على القانون أثناء التصويت.

وفي سياق متصل، يشير نواب إلى أنّ عدد متعاقدي وزارة الكهرباء الذين سيتم تثبيتهم على الملاك الدائم يصل إلى (35) ألف متعاقد، أما محاضرو وزارة التريبة فيتراوح عددهم بشكل تقريبي حوالي (15) ألف محاضر مع تخصيص مبلغ قدره (120) ألف دينار للمحاضر الذي لم يشمل في هذه التعيينات شهرياً.
ويتحدث رئيس السنّ في اللجنة المالية النيابية، النائب أحمد الصفار في حديث مع (المدى) قائلا إن “صلاحيات مجلس النواب لإجراء تعديلات على قانون الموازنة العامة محدودة ولا تتعدى سوى تخفيض النفقات، وإجراء المناقلة في أبواب الصرف العام”، مؤكداً أن لجنته “لم تتجاوز حدود هذه الصلاحيات في إعداد الصياغة النهائية لقانون الموازنة الاتحادية التي أقرها البرلمان”.
وفي فجر يوم الخميس الماضي تمكن مجلس النواب من تمرير قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 التي بلغ حجم إيراداتها حوالي 106 تريليونات دينار (88.5 مليار دولار)، فيما قدرت النفقات بـ 133 تريليون دينار (111.5 مليار دولار)، بعجز إجمالي بلغ (27.5) ترليون دينار (23 مليار دولار).
وباشرت اللجنة المالية في مجلس النواب قبل أكثر من أسبوع تقريباً بإعداد وكتابة الصيغ النهائية لمسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 بعدما أنهت ملف الاستضافات لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والهيئات المستقلة.
ووصل عدد الملاحظات التي قدمها أعضاء مجلس النواب على قانون الموازنة العامة إلى اللجنة المالية النيابية ــ قبل التصويت عليها ــ الى حوالي 300 ملاحظة تتعلق في مجملها بمخصصات تنمية الأقاليم والأموال المخصصة لإعمار المدن الغربية وموازنات محافظات البصرة وبابل وواسط وتصدير النفط من إقليم كردستان.
وخلت الموازنة الاتحادية للعام الجاري من تخصيص الدرجات الوظيفية إلّا أنها خولت مجلس الوزراء استحداث الدرجات الوظيفية لتثبيت العقود والأجراء اليوميين بحسب الأسبقية والحاجة الفعلية لتلك الدائرة أو المؤسسة للمتعاقد.
ويوضح رئيس السن في اللجنة المالية النيابية، مضمون هذه الفقرة أو المادة بالقول إن “مسألة العقود والأجراء اليوميين قضية كبيرة كونها تخص قطاعات واسعة وشاملة في الحكومة العراقية”، منوها إلى أن أعداد المتعاقدين والأجراء اليوميين أكبر بكثير مقارنة مع الأموال المخصصة في قانون الموازنة.
ويلفت إلى أن “مجلس النواب محدود الصلاحية، ومفروض عليه عدم إضافة درجات وظيفية في مشروع قانون الموازنة العامة”، مشدداً على أن لجنته “التزمت ببنود وفقرات ومواد قانون الموازنة التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب”.
وكانت الحكومة السابقة قد أرسلت مشروع القانون إلى مجلس النواب، لكنّ الأخير رفض القانون من حيث المبدأ بعد تحفظ الكثير من كتله على عدد من الفقرات، فيما طالب إلزام الحكومة بإجراء تعديلات جذرية على مواد الموازنة.
ويوضح رئيس اللجنة المالية النائب الصفار قائلا إن “النصوص المتعلقة بتثبيت العقود وتغيير الأجراء اليوميين إلى متعاقدين هي كانت مقترحات أرسلتها الحكومة ضمن مسودة قانون الموازنة، فضلاً عن قيام عدد كبير من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترحات مثلها إلى اللجنة المالية”، لافتاً إلى أن “تصويت مجلس النواب على هذه المقترحات سيفرض على الحكومة وضع خطة معينة لتثبيت أصحاب العقود”.
ويشير الصفار في حديثه بشأن تضمين تثبيت العقود والأجراء اليوميين في قانون الموازنة الى أن “الحكومة ركزت في المقترحات التي صوت عليها مجلس النواب على تثبيت عقود القطاعات التي وصفتها بالضرورية كالكهرباء والنفط وتحويلهم إلى الملاك الدائم”، مؤكداً أن “أصحاب العقود للقطاعات الحكومية الأخرى أمرها منوط بالحكومة وليس البرلمان أو اللجنة المالية”.
وكان مجلس الوزراء قد قرر مساواة أصحاب العقود مع الموظفين وشمولهم بالامتيازات والحقوق التي يحصل عليها الموظف في الدولة كالقروض والأراضي السكنية والإيفادات والتقاعد، إلى جانب منحهم أولوية في التعيين على الملاك الدائم وفقاً للحاجة والاختصاص، واحتساب خدماتهم لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد.
ويؤكد الصفار أن لجنته “حريصة على تقليل البطالة وتعزيز وتوفير الخدمات للمواطن العراقي من دون استثناء”، مستدركاً “لكن البرلمان غير قادر على إضافة فقرات ومواد جديدة في قانون الموازنة الاتحادية لأن فيها تبعات مالية على الحكومة التي تطعنا بها أمام المحكمة الاتحادية”.
ويكشف أن “مجلس النواب أضاف قرابة 37 مادة على قانون الموازنة أثناء سير جلسة البرلمان التي انتهت فجر الخميس الماضي”، لافتاً إلى أن “اللجنة المالية البرلمانية لم تكن راضية على إضافة فقرات جديدة على قانون الموازنة العامة”.
ويبين النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “مشروع قانون الموازنة العامة أصبح مكوناً بعد هذه الإضافات والمقترحات التي تقدم بها مجموعة من النواب مما يقارب ثمانين مادة”، مؤكدا أن “قسماً من هذه المواد مناقلات، وقسماً آخر فيه تبعات مالية قد تكون حجة للحكومة للطعن بها أمام المحكمة الاتحادية”.
وتكونت مسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 التي أرسلها مجلس الوزراء إلى مجلس النواب في 24 تشرين الأول 2018 من (52). ويوضح الصفار أن “الحكومة اتفقت مع اللجنة المالية النيابية أثناء مراجعة القانون على عدم تجاوز سقف الإنفاق تفادياً لزيادة حجم الصرف المحدد في مسودة القانون”، متوقعاً “قيام الحكومة بالطعن أمام المحكمة الاتحادية على بعض المواد التي تمت إضافتها في جلسة التصويت”.
ويتطرق النائب الكردي إلى موقف لجنته من هذه الإضافات التي تمت من دون مراجعة قائلا إن “المالية النيابية كانت محرجة من إضافات مجلس النواب على قانون الموازنة العامة والمقترحة من قبل أعضاء المجلس”، مشدداً على أن “موقفها النهائي يصب في خدمة المواطن العراقي”. ويشير الصفار إلى أن “المالية النيابية بعدما استكملت مراجعة مسودة قانون الموازنة العامة لم تضف موادَّ فيها تبعات مالية على الحكومة بل اقتصرت على إجراء المناقلات في أبواب الصرف من خلال وجود مبالغة في نفقات بعض من الوزارات”.
ويتابع رئيس السن في اللجنة المالية النيابية أن “حجم هذه المناقلة لم يتعدّ (4) ترليونات دينار. كان هدفنا خلق فرص عمل للقطاعات والوزارات المختلفة في الدولة العراقية”، مضيفا أن لجنته “أجرت مناقلة من قبل موازنات البنك المركزي وكذلك من وزارات الكهرباء والنفط والداخلية والدفاع”.
ويؤكد النائب عن محافظة دهوك أنّ “وضع نص في مشروع قانون الموازنة من قبل اللجنة المالية النيابية يخول الحكومة في تثبيت العقود والأجراء اليوميين يهدف لخلق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع”، موضحاً أن “تثبيت أصحاب العقود والأجراء اليوميين من قبل الحكومة سيكون استناداً للأسبقية والخدمة وحاجة الجهة الحكومية التي يعمل بها المتعاقد”.
ويلفت الى أن “تثبيت العقود في كل القطاعات والوزارات أمر متروك الى الحكومة التي ستلجأ إلى إصدار تعليمات لتنفيذ قراراتها السابقة القاضية بحل مشاكل أصحاب العقود والأجراء اليوميين”.
وفي سياق متصل، يتحدث النائب، عن ظروف إقرار قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 داخل مجلس النواب، التي وصفها بـ”الاستثنائية” قائلا إن لجنته “عملت على مدار 38 يوماً متواصلة التقت خلالها عدداً من الوزراء والمسؤولين وانتهت بالتصويت على القانون”.
ويوضح أن “المراجعة الأولى وجدنا فيها مشروع قانون الموازنة الذي أعدته الحكومة السابقة خالياً من بنود وفقرات المنهاج الوزاري الذي قدمته الحكومة الجديدة”، مشيرا إلى أن “البرلمان والحكومة اشتركا في إعداد قانون الموازنة من جديد”.
ورغم ذلك، يصف رئيس السن “قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 ليس بمستوى الطموح لمعالجة كل المشاكل والتداعيات التي يعاني منها المواطن العراقي”، فيما يقول ان ضيق الوقت والظروف الاستثنائية التي تعمل بها الحكومة والبرلمان تسببا بهذه الصياغة.
في المقابل، يقول عضو اللجنة المالية ماجد الوائلي إن “قرار تثبيت أصحاب العقود والأجراء اليومين قرار حكومي سبق إقرار قانون الموازنة العامة الذي تضمن تثبيت عقود وزارة الكهرباء والمحاضرين في وزارة التريبة”.
ويضيف الوائلي في تصريح لـ(المدى) إن “عدد متعاقدي وزارة الكهرباء الذين سيتم تثبيتهم على الملاك الدائم يصل إلى (35) ألف متعاقد، أما محاضرو وزارة التريبة فيتراوح عددها بشكل تقريبي حوالي (15) ألف محاضر مع تخصيص مبلغ قدره (120)ألف دينار للمحاضر الذي لم يشمل في هذه التعيينات شهريا”.
ويتابع أن “أصحاب العقود في الوزارات والدوائر المختلفة سيتمتعون بذات الامتيازات الممنوحة للموظف مع وجود أسبقية لهم في التعيينات استناداً لقرار مجلس الوزراء”.
ويلفت إلى ان “مجلس النواب أضاف إلى هذه المادة المتعلقة بتثبت العقود صيغة أو عبارة تلزم الحكومة تثبيت عقود الكهرباء والمحاضرين في وزارة التربية على الملاك الدائم”، مؤكداً أن “الموازنة كانت مضغوطة من ناحية الأموال والدرجات الوظيفية وإيراداتها محدودة غير قابلة للزيادة”.
ويشير إلى أن “أية إضافة فيها تبعات مالية قد تجعل قانون الموازنة عرضة للطعن من قبل الحكومة الاتحادية”، مؤكداً أن “قانون الموازنة الاتحادية نص على تثبيت أصحاب عقود الكهرباء والمحاضرين”.
ويتطرق النائب عن تحالف الإصلاح للحديث عن المواد التي تمت إضافتها على قانون الموازنة العامة قائلا إن “هناك مواد تمت إضافتها من قبل لجنته وأخرى قدمت كمقترحات من قبل أعضاء مجلس النواب”، مؤكداً أن “من ضمن هذه المواد تحويل حملة الشهادات الدراسية في وزارتي الدفاع والداخلية إلى الوزارات المدنية”. ولم يستبعد النائب عن محافظة النجف “احتمالية طعن الحكومة ببعض من مواد قانون الموازنة العامة التي تمت إضافتها في جلسة التصويت”، مؤكداً “المواد الجديدة التي تمت إضافتها اشترط رئيس مجلس النواب بتحقيق الوفرة المالية لتنفيذها”.
وفي ما يتعلق بالمواد التي سقطت بالتصويت داخل مجلس النواب يوضح النائب ماجد الوائلي أن “مجلس النواب أسقط المادة التي تمنح وزارة التريبة تكليف مطبعة النهرين بطباعة الكتب حصرا وتجهيز المديريات بالدفاتر والمستلزمات المدرسية”، مبينا أنه “بعد إسقاط هذه المادة ستكون طباعة الكتب لجميع المطابع العراقية المحلية بعد رفع الخصوصية وإسقاطها عن مطبعة النهرين”.
ويتابع ان “رفض المادة (14) من قانون الموازنة التي كانت تمنح دوائر الدولة العراقية بالتوسع في الاستثمار في القطاع الخاص على اعتبار عدم وجود ضمانات لتنفيذها بشكل صحيح”، لافتاً إلى أن “الهدف من الرفض هو الدفع بالقطاع الخاص نحو اعتماد قانون الاستثمار”.
وتنص المادة (14) التي أسقطت في قانون الموازنة على منح الوزارات والجهات غير مرتبطة بوزارة والمحافظات التوسع في فتح باب الاستثمار الخاص والمشاركة مع القطاع الخاص بحدود اختصاصاتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here