بغداد تؤجِّل عمليّة عسكريّة داخل سوريا بطلب أميركي

بغداد/ وائل نعمة

ما يزال التنافس شديداً بين القوات الأمريكية وفصائل الحشد الشعبي للسيطرة على الحدود الطويلة مع سوريا الذي تسبب مؤخراً بتأجيل عملية عسكرية واسعة لتطهير المنطقة من بقايا داعش.
كان من المفترض أن تنطلق العملية التي يُحضَّر لها منذ أسابيع يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، لكنّ الحكومة العراقية قررت في اللحظات الأخيرة إيقاف كلّ شيء. يقول مصدر عسكري مطلع لـ(المدى) طلب عدم نشر اسمه: “كانت كل الاستعدادات جاهزة والجميع ينتظر ساعة الصفر للهجوم، لكن الموافقات من الحكومة لم تأتِ”.
ويضيف المصدر قائلا: “الخلاف على مشاركة الحشد الشعبي في العملية كان السبب وراء تعثر انطلاقها”، مبيناً أن “القوات الامريكية اعترضت على مشاركة الحشد القادم من خارج الأنبار وطلبت مشاركة الحشد العشائري فقط، على أن تبقى بقية الحشود في الخلفيات”.
وبحسب المصدر فإن “القوات الامريكية هي من ضغطت على الحكومة العراقية لتنفيذ الحملة العسكرية، لكنّ اقتراب الحشد الشعبي من الحدود جعل واشنطن تتراجع”.
وقبل أسبوع من موعد انطلاق العملية العسكرية كانت (المدى) قد كشفت عن “محاولات أمريكية لإبعاد الحشد عن الحملة العسكرية بعد زيارة ميدانية مفاجئة الى الحدود استفزّت الحشد هناك”.
وقتها قال قائد عمليات الحشد الشعبي في الأنبار، قاسم مصلح، إن قواته “منعت القوات الأمريكية من استطلاع ميداني مريب، للقطعات الأمنية ضمن حدود مسؤوليتها”.
وأشار القيادي الى أن “تلك المعلومات تكشف سرية القوات المرابطة، مما يجعل استهدافها سهلاً، إذ أن كشف تلك المعلومات غاية في الخطورة”.
وكان نحو 20 ألف مقاتل عراقي قد تم تجهيزه للحملة، التي كان من المفترض أن تدخل في عمق الأراضي السورية لمسافة 80 كم، وتبدأ من مدينة القائم الى هجين السورية.
وبدأت قبل يومين من الهجوم عمليات القصف التمهيدي بالراجمات والمدفعية باتجاه مواقع تحصن داعش، فيما خُطط للعملية أن تستمر 10 أيام كحد أعلى، وأن تسلم الأراضي المحرَّرة بعد ذلك الى الجانب السوري.
وعلى الرغم من تأجيل موعد العملية أو ربما إلغائها بحسب ما يرجحه المصدر العسكري، إلّا أنه يقول إن “القوات المجهزة للحملة لم تعد إلى مواقعها السابقة وقد تحدث ترتيبات جديدة لإطلاق العملية”.
والخلاف على الحدود بين القوات الامريكية والحشد ليس جديداً، حيث نشبت خلافات مماثلة العام الماضي للسيطرة على المناطق الحدودية غرب الموصل.
وأرسلت القوات الأمريكية في حزيران الماضي، دوريات عسكرية الى الحدود، كما استقرت لنحو شهر قرب سنجار، وترددت حينها أنباء على اعتزامها إنشاء قاعدة عسكرية، لكنها غادرت بعد ذلك.
ويقول هاشم الموسوي، وهو قيادي في الحشد الشعبي لـ(المدى) إنّ “الولايات المتحدة تضغط منذ أشهر على الحشد لإبعاده عن ملف مسك الحدود”.
ويعتقد الموسوي أن واشنطن “تريد أن تسيطر على الحدود لتجعله مسرحاً جديداً لإدخال جماعات مسلحة جديدة كما أدخلت داعش في السابق”.
ويقدر التحالف الدولي وجود 2000 مسلح في مناطق دير الزور السورية، بينما التقديرات العراقية تتحدث عن أكثر من 3000 عنصر.
وقال الحشد في أول من أمس إنه صد هجوماً مسلحاً على الحدود مع سوريا، لكنّ المصادر العسكرية تنفي ذلك وتقول ان “تلك الأخبار من ضمن الصراع بينها وبين القوات الامريكية، ولم يكن هناك أي تعرض خلال أكثر من أسبوعين على الحدود”.

البحث عن البغدادي
إلى ذلك تداولت أنباء عن عبور قوات أمريكية متواجدة في قاعدة أربيل من أحد منافذ كردستان الى الحدود السورية بحثاً عن زعيم ما يعرف بالدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، ترافقها وحدة من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”. وبحسب التسريبات فإنّ البغدادي محاصر الآن بمساحة تبلغ نحو 10 كيلومترات مربعة ضمن محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، وتحديداً في ريف دير الزور بين الباغوز والمراشدة جنوباً والسفافنة غرباً، وصحراء البوكمال التي تتصل بالعراق شرقاً.
لكنّ المصادر العسكرية شككت في تصريحات لـ(المدى) بصحة الأخبار وبالمكان الذي يتوقع أن يتواجد به البغدادي. وقالت المصادر إنه “بحسب المعلومات فإن أبو بكر البغدادي متواجد في الصحراء السورية التي ترتبط مع بادية العراق الغربية”.
وكان آخر تسجيل صوتي منسوب الى البغدادي، قد نشر في آب الماضي، انتقد فيه كلّاً من روسيا والولايات المتحدة ودعا أنصاره إلى عدم الاستسلام بعد الهزائم التي تلقاها التنظيم في كل من العراق وسوريا.
وكانت الاستخبارات العراقية قد أعلنت مطلع تموز 2018 أن ابن البغدادي حذيفة البدري قُتل في سوريا بثلاثة صواريخ روسية موجهة أصابت المغارة التي كان بداخلها.
ورفعت واشنطن المكافأة المالية من 10 ملايين دولار الى 25 مليون دولار مقابل القبض علي البغدادي أو إعطاء أي معلومات عنه.
كذلك كانت بغداد قد رصدت مكافآت مالية لقاء القبض عليه أو قتله هو و49 قيادياً بتنظيم داعش من بينهم جنسيات عربية.
ومنذ إعلان ترامب قراره الأخير بالانسحاب من سوريا نهاية العام الماضي، والقوات الامريكية زادت من تحركاتها داخل العراق.
وفي مطلع العام الجديد دخلت الى “عين الأسد” 150 آلية عسكرية جديدة قادمة من الكويت في يوم واحد فقط، حيث شهد ذلك اليوم بدء عملية تعزيز القوات الامريكية، بحسب شهود عيان ومسؤولين.
وتوالت بعد ذلك عمليات إدخال الآليات، بمعدل 30 آلية يومياً بأرتال طويلة، فيما شهدت حركة الطيران العسكري منذ ذلك اليوم نشاطاً ملحوظاً، حيث سجلت 15 رحلة إقلاع وهبوط يومياً للطائرات الامريكية، التي يرجّح أنها تنقل جنوداً. وقال فرحان الدليمي، عضو مجلس محافظة الانبار لـ(المدى) ان “القوات الامريكية منذ ذلك الوقت تتحرك كثيرا بين القائم والرمادي وبيجي”. وأول من أمس قال رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي انه في ولايته الحكومية كان عدد القوات الامريكية في العراق نحو 10 آلاف مقاتل.
في المقابل بيّن المسؤول المحلي تعليقاً على مقاطع فيديو نشرت أول من أمس عن عجلات عسكرية قيل إنها أمريكية وتتجول في الفلوجة، ان “الأخبار حقيقية وهي ضمن الوحدات التي تدرب الشرطة في المدنية، لكن حين تنتقل من مكان الى آخر تكون بصحبة آلية عسكرية ثقيلة للحماية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here