أرقام صادمة عن التسرب من المدارس وناشطون يعتبرونها جرس إنذار

أسبابها كثيرة ونتائجها مدمرة

أفادت إحصاءات رسمية، أن مدارس العراق تشهد تسربا جماعيا للتلاميذ في المرحلة الابتدائية بمعدل 360 تلميذا وتلميذة في اليوم الواحد، فيما أشارت إلى ان عدد المتسربين في العام 2014 كان أكثر من 100 ألف تلميذ وتلميذة وقفز إلى 131 ألفا و649 تلميذ وتلميذة في نهاية 2018، وفيما اكد موقع NRT خلال تقريره على ان للموضوع اسبابا عديدة منها اجتماعية واقتصادية ساهمت بزيادة هذه الظاهرة، اعتبر ناشطون وتربويون هذه الارقام هي بمثابة جرس انذار للتعليم في البلاد.

نسبة صادمة

ويشير التقرير الذي نشره موقع NRT الى مؤشرات التعليم للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط والذي يوضح، “عدد تاركي المدارس الابتدائية حيث تجاوز عددهم 131 ألف تلميذ وتلميذة خلال عام في جميع محافظات العراق، عدا إقليم كردستان، وشكلت الإناث 47,5 في المئة من نسبة المتسربين، على رغم تمسك البنات المعهود بمقاعد الدراسة، خلافا للذكور الراغبين في الإفلات من الالتزام بالقوانين المدرسية”.

جرس إنذار

ويؤكد التقرير ان ناشطون “اعتبروا الاحصائية الاخيرة تمثل جرس إنذار بشأن واقع التعليم في البلاد، بخاصة بعد اكتشاف ارتفاع العدد عن العام الذي سبقه، إذ كان 126 ألف تارك وتاركة بحسب الجهاز نفسه، وهو ما دفع الناشطون والمعنيون الى إطلاق حملة لإنقاذ التربية، حيث شكل إصلاح المنظومة التربوية وزيادة تخصيصاتها المالية والالتفات إلى الأبنية المدرسية المتهالكة نواة مطالبها”، مشيرا الى “مسارعة رئاسة البرلمان إلى التفاعل مع الحملة عبر مناقلة تريليون دينار (نحو 850 مليون دولار) إلى ميزانية وزارة التربية، والتعهد ببناء أكثر من ألف مدرسة بحسب بيان الحملة”.

فيما أشار مختصون تربويون، إلى ان “المشكلة لن تحل من خلال تلك الحملة لأن الخيبة الكبيرة التي تخيم على التعليم حتى لدى المتواصلين في الدراسة بسبب قتامة مستقبل الخريجين في ظل غياب فرص لتعيينهم أو تشغيلهم واستيعابهم ضمن المرافق الحكومية وحتى الخاصة، وهو ما أدى إلى استسهال التسرب وترك المقاعد الدراسية وتشجيعه في بعض الأحيان باعتبار أن التارك يبحث عن قوت يومه بطريقة أخرى خارج أسوار المدارس وسلك التعليم”.

أسباب عديدة

ويفيد التقرير، بـ “تشكيل لجنة برلمانية خلال العام الماضي من اجل دراسة ظاهرة التسرب، حيث توصلت إلى ان أسباب التسرب اقتصادية واجتماعية مركبة”، فيما “اقترح تعاضد مؤسسات الدولة المعنية بإجراءات تشريعية ورقابية وإعلامية واقتصادية لتدارك الظاهرة”، مشيرا الى أن “تقارير داخلية اعدت في مديريات تربية العاصمة، بينت وجود عدد ملحوظ من العائلات لم تعد تتحمل المصاريف اليومية لأبنائها وبناتها من شراء القرطاسية والملابس ولا تستطيع إرسالهم إلى مدارس لا تضمن لهم مستقبلا معيشيا مقبولا، حتى وإن تخرجوا منها بنتيجة متفوقة”.

من جانبها، أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن “الشرائح الفقيرة والمعدومة في المجتمع العراقي ومن ضمنها الأسر التي هي دون خط الفقر أو بين أفرادها من هم من ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة، تشكل 17 في المئة من سكان العراق وتنتظر 450 ألف أسرة في العام الحالي إضافتها إلى مليون و350 ألف أسرة أخرى ضمن الشبكة المشمولة برواتب الإعانة الاجتماعية”.

آثار المحاصصة

ويبين الموقع، “شكوى القائمين على التربية من آثار المحاصصة الحزبية والسياسية على القطاع التعليمي ووزارة التربية على وجه التحديد، إذ تناوب ساسة مثلوا الأحزاب والكتل الطائفية الشيعية والسنية على إدارتها خلال الدورات السابقة، وأدت الخلافات السياسية على هذا المنصب إلى بقائه شاغرا حتى الآن، على رغم مرور نحو 100 يوم على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي وباءت محاولة ملء هذا الفراغ بالفشل، وذلك بعد تقديم وزيرة التربية شيماء الحيالي استقالتها على خلفية الضجة الاعلامية التي رافقتها”، فيما ينقل عن مختصون ومسؤولون في مديريات تربية المحافظات قولهم، إن “هنالك اسبابا مختلفة للتسرب المدرسي، منها اتساع رقعة الفقر، وكثرة العائلات اليتيمة التي فقدت معيلها جراء الحروب والانفجارات، وغياب الدعم المادي لأبناء العائلات المتعففة، فضلا عن المشكلات النفسية الناجمة عن تفكك الأسر وظاهرة الطلاق والمشكلات العائلية، إذ سجلت المحاكم العراقية 10 حالات طلاق خلال كل ساعة على مدى الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، إضافة إلى تكدس الطلاب في الصفوف، كما تدور شكوك بأن للقطاع الخاص والتعليم الديني دورا في التسرب الجماعي من المدارس الحكومية، وذلك عبر جذب طلاب العائلات المتمكنة إلى حضن المدارس الخاصة”.

تعليم إلزامي ومجاني

وينص القانون العراقي على إلزامية التعليم ومجانيته في الوقت نفسه، ويعاقب أولياء الأمور في حال التنصل من هذا الواجب بشكل نظري، وخصصت الحكومة نحو 6 في المئة من الموازنة العامة للبلد للتربية، كما يتجاوز عدد العاملين في وزارة التربية مليون موظف ومدرس، بحسب الإحصاءات الرسمية، ويشكل الطلبة ثلث سكان العراق (أكثر من 6 ملايين في الابتدائية و293 ألفا في الثانوية ما عدا كردستان ونينوى).

والجدير بالذكر ان العراق احتل المرتبة 22 على مستوى العالم منتصف الثمانينيات في مستوى التعليم، ونال في الفترة نفسها جائزة من “اليونيسكو” تقديرا لنجاحه في محو الأمية، لكن الحروب وما أعقبها من عقوبات دولية ومشاحنات طائفية أدت إلى التفريط بهذه الإنجازات، إذ شهد البلد تراجعا سريعا إلى الوراء تمثل في زيادة أعداد التلاميذ المتسربين من مدارسهم بنسبة 28,8 في المئة خلال أعوام 2013 – 2018، وقفز عددهم من 101 ألف تلميذ وتلميذة في نهاية 2014 إلى 131 ألفا و649 تلميذ وتلميذة في نهاية 2018.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here