الصراع الفرنسي الايطالي في ليبيا

سالم سمسم مهدي

تصاعد مؤخرا الصراع بين شركة ( توتال ) الفرنسية وشركة (أيني ) الايطالية ليتوسع ويصل إلى مراكز القرار في البلدين حيث أتهم كبار المسؤولين الايطاليين فرنسا بعدم رغبتها باستتباب الأمن في ليبيا من أجل بقاء السيطرة على النفط والغاز قائمة لأن الاستقرار يهدد ذلك …

كلنا يعلم أن فرنسا لعبت دوراً رئيسيا بالإطاحة بالرئيس القذافي ويعض الليبيون أصابع الندم على ذلك باستثناء الذين وضعوا أيديهم على أموال ومقدرات البلاد حالهم حال البلدان الأخرى التي حصلت فيها الفوضى وما زالت بلدان أخرى مرشحة لهذه الهستيريا القاتلة …

بعد عام 2011 أعطيت لشركة توتال الفرنسية أفضلية في كثير من العقود تماشيا مع ما قامت به الطائرات والبوارج الحربية التي غيرت النظام مما أثار حفيظة شركة أيني المنافسة والتي كانت لها اليد الطولى في الحقبة السالفة …

الغريب أن فرنسا عمدت على تهميش دور ايطاليا وتعاونت مع روسيا بالرغم من العقوبات الأوربية على موسكو وهذا يوضح مقولة ( الأخلاق تسقط عندما تحضر الفلوس ) وبالمقابل فأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيد الخطة الايطالية في ليبيا لأن تدخل فرنسا بنظره يوسع الصراع المسلح بين الفصائل المتقاتلة هناك …

كنا قد تحثنا سابقا عن دور فرنسا في محاولات إذلال العرب والمسلمين وفي محاضرة سابقة لي في منتدى آل الشعرباف وذلك في شباط 2003 تحت عنوان ( هل لليهود حق في فلسطين كما يدعون ) تطرقت إلى الحملة العسكرية الفرنسية بقيادة نابليون وبتمويل من عائلة آل روتشيلد اليهودية والذي فشلت حملته عند أسوار عكا بالرغم من المجازر التي أرتكبها لدرجة أنه كان يفاوض القوات المدافعة في المدن الفلسطينية وعند ألقاء السلاح يعدمهم جميعاً ويلقي بهم بالبحر أو يتركهم بالعراء وهو ما أدى إلى انتشار الطاعون بين جنود جيشه وهزيمته وقبل حملة نابليون كانت الحروب الصليبية بزعامة فرنسا مع اعطاء دور لبريطانيا في بعض الاحيان لضمان انضمامها للحملة لوجود صراع ديني بين الطرفين …

رغم محاولة نابليون واليهود من أخفاء الأسباب الحقيقية للحملة ولكن التوتر الذي أصابه نتيجة صمود عكا أثر عليه وجعله يطلق نداءا من خارج أسوارها الى يهود العالم يطلب منهم الهجرة إلى فلسطين علما أن عدد اليهود فيها ذلك الوقت كان ثمانية آلاف يهودي فقط …

أن فوز شركة أيني الإيطالية بمشروع بحر السلام للغاز والنفط بالتعاون مع شركة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أثار حفيظة فرنسا وأجج الصراع الاقتصادي بين البلدين والذي طغى عليه التوتر السياسي مؤخراً وأعاد إلى الأذهان الصراع بين فرنسا وبريطانيا على قناة السويس وكل المنطقة للأسباب الاستعمارية ذاتها وكأن العرب لا وجود ولا رأي لهم في الوقت الذي شقت فيه دول العالم قاطبة طريقها نحو التطور والرقي أبتداءا من اليابان وأستراليا وأندنوسيا ومروراً بالهند وماليزيا ولا أريد أن أتحدث عن معجزة الصين التي كانت قبل عقود قليلة يأكل أبنائها حتى الحيوانات الهالكة كي يضمنوا البقاء أحياء ليومهم من المجاعات التي كانت تعصف بهم بين فترة وأخرى وتحصد أرواح الملايين وها هو اقتصادها يتنافس على الأولوية …

أما العرب فلم يسمح لهم إلا بالشكليات الفارغة والدليل أن ترليونات الدولارات تحجز في بنوك العالم الغربي وعند الحاجة يُفرض عليهم أنفاقها لمصلحة الدول الأخرى وكما فعل ترامب مع السعودية عندما فرض عليها صفقات سلاح بمئات مليارات الدولارات من شروطها أن لا تُستخدم إلا ضد العرب والمسلمين …

وبالعودة إلى مشروع بحر السلام الذي يبعد عن طرابلس 120 كم ويحوي 260 مليار متر مكعب من الغاز ونجحت الشركة الايطالية بالحصول على فرصة استثماره مناصفة يُعد الأرخص والأقرب إلى أوربا مما اسال لعاب الشركات الأخرى ذات الاهتمام وهكذا يظل العرب مشروع تراجع للخلف في وقت يتقدم فيه العالم وتحولت العائدات التي تدخل الخزائن العربية إلى هبة يتصرف بها الحكام العرب فقط لأن لا سيطرة للشعوب عليها بل أصبحت نقمة وبلاء .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here