سبب عنصرية الفنلنديين-السويديين تجاه العرب والمسلمين في السويد

إيهاب المقبل

يتواجد في السويد نحو ٧١٠ ألف فنلندي، منهم نحو ١٥٠ ألف فنلندي أستقرَ أجدادهم في مرحلة ما بالقرب من الحدود السويدية-الفنلندية، وتحديدًا في وادي تورن شمال السويد. واليوم لدى معظم هؤلاء الفنلنديين-السويديين عدو مشترك واحد في السويد وهو: العرب والمسلمين. فما هو السبب يا ترى؟!

في البداية لا يوجد هناك دولة اسمها فنلندا، فقد كانت فنلندا جزءًا لا يتجزأ من أراضي مملكة السويد خلال الفترة الممتدة من القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر، أي قبل إنشطار نصف المملكة الشرقي ليشكل دوقية فنلندا الكبرى ذاتية الحكم سنة ١٨٠٩، في تمويل وإتحاد شخصي مع الإمبراطورية الروسية المناوئة لمملكة السويد. ولذلك، لايزال “الخنجر الفنلندي” يؤثر في نفوس السويديين الأصليين ليومنا الحالي، فهم يعدّونه “خنجر غدر وخيانة”.

والفنلنديين ليسوا سكان فنلندا الأصليين، لكون المادة الجينية مختلفة عن سائر الأوروبيين الآخرين لدرجة أنها سبب رئيسي للتحدث عن الفنلنديين كمجموعة أو سلالة منفصلة. ويظهر بحسب إختبارات الحمض النووي ان الفنلنديين منحدرين من الجزء الشرقي والشمال الشرقي من روسيا، أي سيبيريا، قبل إستيطانهم الغابات الفنلندية، ولذلك لقبهم الأصلي “سكان الغابات الفنلندية”. وعلاوة على ذلك، تشرح الكروموسومات (واي) كيف انتقل أسلاف الفنلنديين من الجزيرة العربية قبل نحو عشرة الاف سنة، عبر الجبال الباكستانية إلى شمال الصين وكوريا الشمالية، ومن هناك إلى سيبيريا وجبال الأورال، ثم إلى فنلندا بحسب الباحث والمؤرخ السويدي نيكلاس بيرسون، ولذلك يعدونهم أيضًا من “سكان آسيا”. وزيادة على ذلك، تختلف جماجم الفنلنديين عن جماجم السويديين والاوروبيين، فجماجم الفنلنديين قصيرة تشابه جماجم المغول أو الأتراك أو سلالة جبال الألب بحسب الأبحاث التي اجريت على ٧٦ جمجمة فنلندية كانت محفوظة في معهد كارولينسكا السويدي.

وفي المقابل، ينحدر السويديون الأصليون إلى السلالة الجرمانية، اي المانيا، ويتمتعون بجماجم أكبر من جماجم الفنلنديين، وبشرة أكثر بياضًا، وشعر أشقر أو أسود فاتح جراء التزاوج مع السلالات الاخرى، على عكس الشعر الفنلندي الأسود الداكن او الرمادي، مما يجعل التفاوت ظاهرًا للعيان بين السويديين الاصليين من جهة والفنلنديين أو الفنلنديين-السويديين من جهة اخرى. وبالإضافة الى ذلك، يمتاز سلوك السويديين الاصليين بالهدوء النسبي، وعدم الجرأة على الضرب أو الدخول في عراك أو مشاجرة، على عكس السلوك الفنلندي العدائي نوعًا ما لدرجة قدرته على إستخدام الأدوات الحادة مثل السكين للطعن والقتل.

كل هذه الأسباب أعلاه جعلت من الفنلنديين-السويديين جماعة عرقية منعزلة في السويد، لهم سلالتهم وصفاتهم وسلوكياتهم ولغتهم الخاصة، فعلى الرغم من حياتهم في السويد لعقود طويلة، إلا انهم لا يعدّون سويديين بنظر السويديين الأصلييين من جهة، ولا يعدّون فنلنديين بنظر الفنلنديين القاطنين في فنلندا من جهة اخرى. وعلى الرغم من ايجادة الفنلنديين-السويديين للغة السويدية، إلا انهم مازالوا لليوم الحالي ينتمون للطبقة العاملة أو الطبقة الوسطى المنخفضة، ويمتهنون في الغالب الصيدّ والزراعة، وبنسب أقل يعملون في بعض المهن الاخرى في مجال التعليم والمجالس البلدية ومكاتب الخدمات الإجتماعية (مثل السوسيال).

وخشى الفنلنديين-السويديين من فقدان مواقعهم مع قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين العرب والمسلمين إلى السويد خلال السنوات الأخيرة، ولذلك دفعهم هذا التنافس الجديد ليكونوا ناشطين رئيسيين داخل الأحزاب الشعوبية المتطرفة المعادية للعرب والمسلمين مثل حزب ديمقراطيي السويد، ومحاولين بنفس الوقت التركيز على القاسم المشترك، أي الجانب الديني بإعتبار ان كلا الفنلنديين-السويديين والسويديين الاصلييين ينتمون إلى كنيسة واحدة، وهي الكنيسة البروتستانتية، ولذلك يطالب حزب ديمقراطيي السويد بهيمنة الكنيسة على مرافق الحياة في البلاد، مما يعني إستهداف الطفل والمرأة المسلمة بالدرجة الأساسية، وبالتالي إستهداف أساسات العائلة العربية والمسلمة.

والخلاصة، سبب عنصرية الفنلنديين-السويديين تجاه العرب والمسلمين في السويد، هو للحفاظ على مواقعهم في المجتمع السويدي بجانب تغيير نظرة السويديين الأصليين تجاههم، ليعدونهم مجموعة موالية للسويد، وليس مجموعة منفصلة، حتى وان كان هذا الهدف يجري فوق دماء مئات الالاف من المهاجرين العرب والمسلمين في البلاد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here