سلطة مجلس النواب العراقي بتشريع القوانين

م.م رحاب خالد حميد
بيّن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 اختصاصات مجلس النواب العراقي في المادة(61) منه,وجاء في البند أولاً من المادة المذكورة اختصاص مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية,وعالجت المادة(60)من الدستور آلية تقديم مشروعات القوانين والتي حصرها بمنفذين يعودان للسلطة التنفيذية وهما “رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء”,آما ما يخص مقترحات القوانين فأنها تقدم من عشرة أعضاء من أعضاء مجلس النواب أو من إحدى لجانه المختصة,وأشارت المادة(14/أولاً) من قانون مجلس النواب العراقي وتشكيلاته رقم(13) لسنة 2018 النافذ إلى صلاحية المجلس بممارسة الاختصاصات الواردة في التشريعات النافذة وفقاً للدستور وهذا القانون والنظام الداخلي.وقد بينت المادة(17) من القانون المذكور اختصاصات مجلس النواب وأولى هذه الاختصاصات هي تشريع القوانين الاتحادية(المادة17/أولاً), وبحسب ما جاء في المادة( 128) من النظام الداخلي لمجلس النواب فأنه يتم تقديم مشرعات القوانين من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء الى رئيس مجلس النواب وهو بدوره يقوم بإحالتها إلى اللجان المختصة في مجلس النواب لدراستها وإبداء الراي فيها قبل عرضها على المجلس لمناقشتها,أما مقترحات القوانين المقدمة من عشرة من اعضاء مجلس النواب تحال إلى اللجنة القانونية عبر رئيس مجلس النواب لدراستها وإعداد تقرير عنها للمجلس يتضمن الرأي في جواز النظر في الاقتراح أو رفضه أو تأجيله.

ولدى الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم 6 لسنة 2006 كونه شرع من مجلس النواب مباشرةً ,فأن المحكمة الاتحادية العليا قررت في قرارها رقم 21/اتحادية/اعلام/2015 وموحدتها29/اتحادية/اعلام/2015 في 14 /4/2015 بأن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 كرس مبدأ الفصل بين السلطات في المادة(47) منه وبالتالي فأن لكل سلطة من السلطات الاتحادية”التشريعية والتنفيذية والقضائية” أن تمارس مهامها واختصاصاتها وفقاً لهذا المبدأ,بالتالي فأن لمجلس النواب النواب أن يمارس اختصاصاته الواردة في الدستور ومنها تشريع القوانين الاتحادية التي تقتضيها المصلحة العامة ووفقاً للسياقات الدستورية بشرط أن يراعي عند ممارسته لهذا الحق مبدأ الفصل بين السلطات الذي كرسته المادة(47) من الدستور,وأن لا يكون من بين القوانين التي يشرعها مجلس النواب بشكل مباشر ما يمس هذا المبدأ ومن بين تلك القوانين التي تمس هذا المبدأ هي التي ترتب التزامات مالية على السلطة التنفيذية لم تكن مدرجة في خططها أو في موازناتها المالية دون التشاور معها أو اخذ الموافقة بذلك وكذلك القوانين التي تتعارض مع المنهاج الوزاري الذي نالت الوزارة ثقة مجلس النواب على اساسه وكذلك أن لا تكون ماسة بمهام السلطة القضائية دون التشاور معها. واستناداً لذلك فأن لمجلس النواب أن يمارس اختصاصه بتشريع القوانين التي تجد فيها تحقيقاً للمصلحة العامة وفي نطاق الدستور.

وبعد توضيح اختصاص مجلس النواب بتشريع القوانين يثار تساؤل مؤداه حول مدى صلاحية مجلس النواب أثناء ممارسته لحقه في تشريع القوانين بتضمين القوانين الاتحادية التي يقوم بتشريعها وفقاً للسياقات الدستورية اختصاصات إضافية للمحاكم القضائية غير تلك الاختصاصات المنصوص عليها في قوانينها..؟

ولدى طلب محكمة القضاء الإداري من المحكمة الاتحادية العليا النظر بدستورية البند(ثامناً) من المادة(9) من قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016 من خلال نظرها لإحدى الدعاوى المقامة أمامها,كونه يتعارض مع نظام التدرج القضائي في نظر الدعوى,والذي جاء فيه (لمن رُفض طلبه من لجنة الطعن المشكلة وفق البند (سابعاً) من هذه المادة حق الطعن في قرارها لدى المحكمة الإدارية العليا بعد (60) ستون يوماً من تاريخ التبلغ بتتيجة الطعن ويكون قرارها باتاً),وبالتالي يجب أن يتم طعن بالقرار المذكور في البند اعلاه أمام المحكمة العليا التابعة للنظام القضائي العادي وليس الإداري,قررت المحكمة الاتحادية العليا بقرارها رقم (228/اتحادية/اعلام/2018) في 20 /12/2018 بأن مجلس النواب قد أضاف بموجب البند(ثامناً) من المادة(9) من قانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016 اختصاصاً آخر إلى اختصاصات المحكمة الإدارية العليا المحددة بالمادة(2/رابعاً/أ/ب/ج) من قانون رقم 17 لسنة 2013 قانون التعديل الخامس لقانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979 فأن ذلك يشكل خياراً تشريعياً مارسه المجلس حسب اختصاصاته المنصوص عليها في المادة(61/أولاً) من الدستور وهو حق مارسه مجلس النواب لدى أصداره لكثير من التشريعات منها على سبيل المثال ما ورد في المادة(31/احدعشر/3) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل الذي خول المحافظين الطعن بالقرار الذي تصر عليه مجالس المحافظات أمام المحكمة الاتحادية العليا دون المرور بمحاكم أدنى وعليه فان هذا النص موافق لأحكام الدستور ولا يتعارض مع أحكامه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here