أمريكا لم تسقّط صداما حبا لعيون ” الشيعة ” السود الوسيعة

بقلم مهدي قاسم

لعل من سذاجة بمكان الاعتقاد بأن الإدارة الأمريكية ــ
البوشية ، قد أقدمت على إزاحة صدام عن الحكم ــ حصريا ــ تيمنا و حبا جارفا بعيون” الشيعة ” السود و الوسيعة ، إنما عملية الغزو وإزاحة صدام كانت قد جاءت حسب متطلبات الخطط والاستراتيجية الأمريكية المستجدة في المنطقة أولا ، و بمثابة تصفية حسابات شخصية بين صدام
و آل بوش ، سيما بعدما أخذ صدام ” يتمرد ” على ماما أمريكا وهو الذي كان غلامهم المفضل على مدى عقود سابقة ثانيا ..

فالغاية الأساسية والرئيسية من عملية الغزو كانت في الدرجة
الأولى و الأخيرة ــ و مثلما أسلفنا ــ هي إزاحة صدام عن السلطة و إذلاله قدر الإمكان ، و تاليا تفكيك الدولة العراقية كغاية أساسية ، و سيان بعد ذلك ماذا سيحدث و إلى أين ستنتهي تطورات الأحداث المستجدة في العراق سواء إيجابا أو سلبا ..

بدليل على أنه لم تكن لدى الإدارة الأمريكية السابقة أية
رؤى أو تصورات مستقبلية عن العراق الجديد ــ ما بعد مرحلة صدام ، ما عدا اصطحاب مجموعة من سياسيي الصدفة الذين اتضح فيما بعد أن أغلبهم لصوص وحرامية خطيرين و جشعين وعملاء لدول الجوار ، فمن هنا جاءت موجات ” العصف الإرهابي المتواصل / مصحوبة بالفوضى الخلاقة ” ــ
وهي العبارة التي اختلقتها تلك الإدارة أما لتبرر فشلها السياسي و تخطبها الأمني في العراق، أو تغطية على نوايها التدميرية المبيتة و المسبقة بحق الدولة العراقية ..

أما لكون أحزا ب الإسلام السياسي ” الشيعية هي التي أصبحت
في النهاية الرابح الأكبر من عملية إزاحة صدام عن الحكم فما كان ذلك إلا بفعل صدفة ليس غير ، بل و بمثابة دليل أما على غباء الإدارة الأمريكية آنذاك ــ وأنا أشك بذلك ــ أو على خبثها المبطن بهدف إدخال العراق إلى دوامة الفوضى الخلاقة اللامتناهية بدليل إنها سمحت
لفيلق بدر ــ كميليشيا قتالية مسلحة ومدربة جيدا ، حاربت ضد العراق جنبا إلى جنب مع الجيش الإيراني ، إضافة إلى حزب الدعوة والمجلس الإسلامي و غيرها من تنظيمات ومنظمات ” ذات صبغة طائفية أخرى لدخول العراق وممارسة النشاط السياسي أو ذات الطابع المسلح ، بينما كان
معروفا عند أوساط سياسية و أبحاث معاهد استراتيجية وعلى رأسها الأمريكية ، أن هذه الفيالق و المليشيات و كذلك الأحزاب ” الشيعية ” ذات الهوى الخميني ، قد أُسست في إيران تحت إشراف مباشر من قبل السلطات الإيرانية و أجهزة مخابراتها ، حتى أن ثمة شكوكا قوية تفيد بأن
بعضا من زعماء هذه الأحزاب و قادة أجنحتها المسلحة كانوا ضباطا عاملين في تلك الأجهزة الإيرانية بالرغم من كونهم كانوا من أصول عراقية ..

هذا في الوقت الذي كانت شدة العداء القائمة و المستعرة
بين النظام الإيراني و الإدارة الأمريكية آنذاك في أوجّها الملتهب و المتصاعد لحد تلويح بتصادم وشيك !!..

فهل من محلل عبقري يستطيع أن يفهم أو يفّسر كل هذا التخبط
العشوائي و التناقضات المتناقضة عندالإدارة الأمريكية ــ البوشية في ذلك الحين على هذا الصعيد ؟ ..

أما لكون غالبية الشيعة العراقيين ” العاديين ” لم يستفيدوا
كثيرا من وجود قادتهم في مواقع النفوذ السياسي و كراسي السلطة ، فسبب ذلك يرجع إلى ضحالة و تفاهة هؤلاء ” الزعماء و القادة ” ، كرجال حكم فاشلين وفاسدين ، فضلا عن نزعتهم الكلبية الجشعة و غير المحدودة في حب المال و الجاه والإدمان المهووس على اللصوصية والنهب المنظّم
للمال العام .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here