الأشياء تلد أعداءها!!

الموجودات تتفرق , وتتعدد وتنقطع عن ذاتها وجوهرها البَذْرَوي وتتحول إلى عدوٍ لمبتدئها , وبهذا تنتشر وتغيب لكنها تتحقق وفقا لما فيها من القدرات المدفونة.

وهذا ينطبق على الأفكار والرؤى والتصورات والعقائد والأحزاب والحركات والأديان , وكل تفاعل جمعي أو فردي في ربوع الحياة المتلدلة.

وعلة ذلك أن الدوران يفرض قوانينه ويؤكد حتميته وما ستؤول إليه المكوّنات القائمة في وعاء الدوران وآليات تمازجها وإنطلاق ما فيها من المحتويات المكنونة.

ولا يوجد حزب أو حركة أو دين إلا وأنجب ما يُعاديه من الطاقات التي تسعى للتعبير عنه بما يناقض كنه ما فيه من الصيرورات , ولهذا فأن مسيرة المعتقدات الأرضية إلى تفرق وتنافر وتجاذب وإصطراع , ولن يهدأ لها بال , ما دام الدوران هو القانون المتحكم بالموجودات.

تلك طبيعة ما يدور ومصير المحصور في وعاء مغلق يتقلب على نار ذات لهب , حيث يتحقق الإنطباخ والطهي المتواصل للعناصر والمواد المتراكمة في الوعاء , مما يؤدي إلى تقديم طبخاتٍ جديدة كل يوم , وبإختلاف الليل والنهار تتأكد حتمية التجدد والتبدل والتفاعل المتغير في بواطن الأرجاء.

ووفقا لقانون الطهي الأرضي فأن وجبات الأجيال لا يمكنها أن تكون واحدة وبذات المقادير والمواد , وإنما لكل جيل وجباته المختلفة عن الأجيال السابقة واللاحقة , وهذا يعني أن العقل لا بد له من الإعمال لكي تتأكد الرسالة التبدلية , والنهج الطهيوي لكل موجود.

أي أن القبول بوجبة أجيال سابقة تتسبب بتسمم وجودي وتقيؤ حضاري وأمراض إنهيارية ذات تراكمات تدميرية وتواشجات تخريبية , لأن في ذلك تعطيل للعقل وتدمير للمسيرة الصاعدة إلى كنه ما فيها من المعلومات والمجهولات والتأينات النفسية والسلوكية والفكرية , مما يحتم المراجعات والمُداراسات والتنقيحات والتحريرات الضرورية للمواكبة والتمسك بحبل السرمد.

وعليه فأن القول بالجمود الذاتي والموضوعي , يُعدّ إنتحارا معرفيا ووؤدا عقليا , وخلعا لرأس الحكمة وطمرا لطاقات الكائنات الساعية نحو برهان التداني من علم اليقين , مما يصيب السيل الخلقي بإصطرابات المشية وتعثر المسير , حتى لتتساقط الحياة في حفر ظلماء تتناهمبها الظلماء.

ومن هنا فأن الإجتهاد من ضرورات البقاء وأن القراءة المعاصرة لأي نص من حتميات التلاقح والتناضج والتعاصر والتواكب مع مفردات الزمان والمكان , وعدم الإنقطاع عن أفياض التداخلات الولاّدة المقتدرة الساعية لإنجابٍ أصيل يختزن إرادة مواليد.

فهل أن العدو الذاتي نافع ومفيد؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here