د . عبد علي عوض
خلال حكم نوري المالكي وبعد أن ضربَ الفساد أطنابه وألخراب عمَّ في جميع مناحي ألحياة، وسادتْ ثقافة إقصاء ألآخر بكل الوسائل، وفُرِضَت ألثقافة الظلامية للإسلام ألسياسي الطائفي، ومِن بين ألقطاعات ألتي تلقت ضربات موجعة هي ألثقافة وألإقتصاد … فحاول ألمالكي تبييض وجهه وإثبات إيمانه بألتعددية ألفكرية وألثقافية عن طريق أعلانه بتأسيس { ألمجلس ألأعلى للثقافة}، لكن إتضح لاحقاً أنّه كان يُراد لذلك ألمجلس أن يصبح مجرّد جهاز تابع للحاكم ليجمّل صورته، وألدليل على ذلك هو منع ألتمويل المالي أللازم لوزارة ألثقافة ألتي يقع على عاتقها ألعبيء ألأكبر للنهوض بالواقع ألثقافي ألعراقي، ولذلك لم يظهر ذلك المجلس إلى النور بألرغم من ألملاحظات ألبناءة ألمقدَمّة من قِبل ألمعنيين بألشأن ألثقافي…. وعلى ألصعيد ألإقتصادي، تمّ ألإعلان عن تأسيس{ ألمجلس ألإقتصادي ألأعلى}، وكألعادة، ساهم مختلف ألإقتصاديين بألإدلاء بآرائهم ووجهات نظرهم حول كيفية إعادة بناء ألإقتصاد ألعراقي… وهنا يجب ألإنتباه إلى السبب ألذي أدى إلى فشَل تأسيس ذلك المجلس وهو إنقسام ألإقتصاديين إلى فريقين، أحدهما يريد تطبيق خلطة كوكتيلية[ إقتصاد ليبرالي في ظل ألفوضى ألإقتصادية ألعارمة]، وألفريق ألثاني يتمثَل بخبراء ألإقتصاد ألعراقي ألوطنيين ألذين نجحوا بتعرية ألتوجهات نحو تطبيق قواعد ومفاهيم ألإقتصاد أللبرالي ألتدميرية.
عندما أصبحَ عادل عبد ألمهدي رئيساً لمجلس ألوزراء، أعلنَ في برنامج حكومته عن إصراره بمكافحة ألفساد!، فقامَ بتأسيس[ المجلس ألأعلى لمكافحة ألفساد] … والمتتبِع لهيكلية ذلك ألجهاز، سيجد أنّ غالبية ألجهات ألمكونة له متورطة بألفساد: ديوان ألرقابة ألمالية، هيئة ألنزاهة، ألسلطة ألتشريعية، ألسلطة ألتنفيذية …
ألسـلـطة ألقـضائيـة وألإدعاء ألعـام:
من بين ألأجهزة ألتي ذكرها عادل عبد المهدي في برنامجه لمكافحة الفساد هي ألسلطة ألقضائية، لم أحشرها مع أسماء ألجهات ألآنفة ألذكر ألسابحة في مستنقع ألفساد، لكونها” ألسلطة ألقضائية” أساساً مسلوبة ألصلاحيات وفاقدة لإستقلاليتها ألتي صادرها نوري المالكي … لذلك لا نجد قاضياً يتجرأ بمحاسبة أي فاسد خوفاً من تصفيته جسدياً. … أما بألنسبة للإدعاء ألعام، لا يزال يطبق ألطُرق وألأساليب ألقانونية ألتقليدية في مجال إصدار مذكرات إلقاء ألقبض على ألمتهمين بمختلف ألجرائم، إذ أن ألمدعي ألعام ألذي لم نرَ صورته ولا نعرف إسمه/ مع ألإحترام وألتقدير له/ يطالب بأن تقدَّم له شكوى تحريرية وعلى ضوئها يقوم بدوره بإصدار مذكرة إلقاء ألقبض … هنا، يعلم جيداً ألسيد ألمدعي ألعام بأنه لا يوجد مواطن مستعد أن يجعل من نفسه كبش فداء، فلو قام بتقديم شكوى تحريرية، فسيكون مصيره ألتصفية ألجسدية!… لذا يجب ألأخذ بألبراهين ألمنطقية، وعلى سبيل ألمثال: إذا كان شخص ما حافياً عارياً ما قبل عام 2003، وأصبح لاحقاً مليارديراً ، ألا يُعتبَر تغيّر وضعه ألمالي بسرعة قياسية دليلٌ قاطع.
إنّ حقيقة ألهدف من وراء تأسيس- ألمجلس ألأعلى لمكافحة ألفساد- هو إطالة عمر حكومة عبد المهدي الهزيلة وألضحك على ألشعب … كيف يستطيع حرامي مُعتّق بغطاء قانوني بمعية جهات على شاكلته أن يقضي على ألفساد … إنها ألمهزلة بعينها!.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط