ساحة المدرسه

ثمةُ أحزان في حياتنا لا تنسىى ولا يندمل جرحها مدى الحياة وهناك أيام مرت نتمنى لو نعيشها ألف مرة ولا تنقضي أبدا وثمة أحلام لم تتحقق إلا بعدما نفقد شغفنا بها
و سعادة كانت بين أيدينا لم ندركها ألا بعد زوالها تلك هي حياتنا
وفي صباح كل يوم تكتب لنا حكايه فكان صباحي مختلف حيث قادني القدر به
ان التقي في يومي بتلك التلميذة
ففي ساحة المدرسة لفت نظري طفله لم تتجاوز السادسه من عمرها تحمل بيدها حافظة طعامه مفتوح رئيتها تتنقل بين الطالبات معلمتها تنظر اليها والى بقية الطالبات بهدوء أغاظني اقتربت منها بهدوء كي اكشف سرها او لعلي اكتشف سر حافظتة الطعام التي بيدها دنوت منها والقيت عليها الصباح
صباح الخير ماهو اسمك حبيبتي أجابتني بخجل نور مامعك في هذه الحافظه وهل
لديك حلوى تبيعها كنت أظنها تبيع ما في داخل الحافظه نظرت إلي وقد احمر وجها من الخجل وتلك أنفاسها المتسارعة من الخوف مني
هزت رأسها على استحياء وأرتني الحافظه المفتوح ثلاث سندويشات صغيره ملفوفة بعناية وأكاد المح فيها لمسة أمها بنكهة الحنان والغربه فقلت لها انت بطله يانور تاكلين ثلاث سندويشات نظرت الي بنظرة قلق مبهمه من سؤالي وهزت رأسها نافيا فدنت مني معلمتها بابتسامة قبل ان استرسل في تساؤلاتي انها مس امل انها تبحث عن شريكه
لم افهم ما تعنيه تابعت مع مس امل كل يوم تجهز ام نور لها ثلاثة سندويشات واحدة لها فقاطعتها نور بفرح واثنان لصديقاتي التي ليس لديهم طعام أو من تريد أن تأكل معي من صديقاتي ابتسمت مس امل ولكن الحيره اكلت من عقلي وتفكيري
لم استطع اخفاء دهشتي من الموقف فانا بالكاد اجهز لاولادي طعامهم كل صباح ومضت الأيام لتحمل لي بطياتها فرصة إلقاء مع ام نور في اجتماع اولياء امور الطلبه
فبادرت بالتعرف عليها كي اقتل ذاك التفكير بالسندويشات الثلاثه
فبادرتني بالسلام
ام نور اسفة انا من بغداد لم اكن اعلم انه تعليمات المدرسة تمنع مشاركة الطالبات وجبة الفطور لكنه خير ادخرته لأبنتي عسى يرده الله لي ولها
كانت نظراتي بل كل مشاعري مع كل كلمه تنطقها مستغربه لم افهم ما تعنيه
ام نور فقالت لي في بداية زواجي نقل زوجي الى محافظه خارج بغداد كنت موظفه معه في نفس الشركه وعملنايتطلب منا البقاء حتى الليل لتأمين حياة جيدة لنا و لابنتنا الوحيدة نور التي كنت اتركها صباحا عند صديقه لي وهي جارتي الله يسعدها اين ما كانت واعود اليها بلهفتي وشوقي بعد الظهر لنذهب معا الى بيتنا في العمارة المجاورة لنبدأ يومنا الأسري الجميل (وتابعت وكأنها تستذكر الماضي) في يوم وانا عائدة من الدوام وقد أنهكني التعب والجوع دخلت بالخطأ الى عمارة اخرى وقد امتلأت بروائح الطعام اللذيذ في موعد الغداء روائح اخترقت ذاكرتي قبل انفي وايقظت الشوق في داخلي اشتقت الى أمي وطعامها المشهود له طعام امي بل وحنان امي ووجدت نفسي اغرق في دموعي لو انها هنا ما كان كل هذا التعب لو انها معي لكانت حياتي اسهل اجمل
أدركت حينها أنني أخطات بالعمارة عدت الى جارتي مسرعه ناولتني نوروكانت نائمه هممت بالخروج واذ بها تحضر لي طبقا من الدولمه البغداديه الذي لم اذقه منذ اخر زيارة لي لأهلي في بغداد لصعوبة تحضيره فقالت لي نور احبت الدولمه واكلت الكثير منها فاعرفت انكم من عشاق الدوامه فحسبت حسابكم بهذا الصحن
لن اصف لك يا مس كم كان سر سعادتي وانا اخذ منها الصحن وقد جبر الله خاطري بشيء بسيط لكنه في حينها كان السعادة بحد ذاتها
اتصلت بأمي لاشاركها سعادتي عدة مرات قبل ان ترد علي اخيرا اين انتي يا امي لماذا لا تردي اخذني التفكير والقلق عليها
امي ردي فكري مشغول عليك من الصبح والحنين لكي يقتلني استعذت بالله من الشيطان وتذكرت امي عندما كانت جارتنا المحتاجه مريضه تطبخ الطعام وترسله لها لأنها بامس الحاجه هي واولادها فكانت عندما ترسل لها أوالى أي جار محتاج
يارب ادخرتها لأبنتي في غربتها هي اخلاق ربتني عليها امي وترعرت في تقويمي وأخلاقي لذى أنا أفعل مع ابنتي مثل ما فعلت امي معي اقوم ابنتي عليها وان ادخرها لها وكل ما يجبر خاطرها في كل حين فلربما تكون في يدها شندويش اشتها طفله لم يتسنى لوالدتها تجهيزه لها لسبب ما فتسعد بها كسعادتي بطبق الدولمه الساخن في يوم غريب مرهق
وغادرتني ام نور وانا ادعو الله ان يزيدها كرما واقول في نفسي ادخروا لانفسكم ولاحبتكم فالخير في سعادة تمنح وعطاء بنكهة الحب سيرده الله لنا مضاعف….

بقلم :ذكرى البياتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here