صراع العراق الى اين؟!!

عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي

[email protected]

5/2/2019

ان المتتبع للتاريخ القديم و المعاصر لأرض العراق يعرف جيداً , بأنه كان ارض الصراعات و ساحة المعارك مع الاختلاف في اطرافها و درجة قوتهم و اهدافهم , و هذا يعني بأنه كانت الضحية و غالباً ما انجر شعبه الى ان يحيد الى طرف دون آخر و هذا ما كلفه الكثير …

و هل هذا يعني خصوبة ارض العراق و شعبه لزراعة مثل هذا الانتاج وانهم الوقود المناسب لإشعال النيران ام ان الموقع الجغرافي و ثرواته و خيراته يدفع بأطماع الاخرين الى الصراع عليه و التدخل في شؤونه الداخلية .

يبدو جلياً في الوقت الحالي ما يدور من صراع بين امريكا من جانب و ايران من جانب آخر على ارض العراق فكل منهما يرغب ان يفرض اجنداته عليه دون الاخر و اكيد انه صراع المصالح بأمتياز و على حساب الشعب المسكين و حقوقه , هذا الصراع الذي دخل مراحل جديدة بفرض العقوبات الاقتصادية على ايران و الانسحاب من الاتفاق النووي و محاولة خنق ايران دبلوماسياً و انهيار اقتصاده الى ادنى المستويات و يقابله تصريحات ايرانية بأبراز قوتهم و قدرتهم على الاستمرار في مواجهة امريكا ((الشيطان الاكبر- حسب تعبيرهم)) و انهم لا يتنازلون عن نهجهم و اهدافهم و هذا ما يدفع امريكا الى تكثيف جهودها في سبيل محاصرة ايران و الحد من سيطرتها على المنطقة و خاصة العراق الذي باتت ايران يتدخل في دقائق الامور عبر الجماعات و الاشخاص و الاحزاب القريبة منها .

التصريحات العراقية المتكررة من قبل المسؤولين بأنه لا يمكن ان يكون العراق جزءاً من الصراع الامريكي الايراني تشير و بحكم موقعها كانت و ستكون جزءاً مهماً منها و نستدل على ذلك انسحاب القوات الامريكية من سوريا ليستقر بهم المكان في قواعد عسكرية عراقية ،بالاضافة الى تصريحات الرئيس الامريكي (دونالد ترامب) بأنهم باقون في العراق و ستجري مراقبة ايران من هذه القواعد و قابلها ردود افعال عراقية ،بأنه لن يكون منطلقاً لشن أي عدوان او مراقبة دولة , و ان الوجود الامريكي كما قال حسن الكعبي نائب رئيس مجلس النواب هو تجاوز صارخ و سافر للسيادة و الارادة الوطنية و انتهاكاً فاضحاً للدستور العراقي الذي يقر بعدم اعتبار العراق منطلقاً للاعتداء على أي دولة , معتبراً ما صرح به (ترامب) هو تجاوز العرف القانوني و الدستوري للدولة العراقية خاصة بعد زيارته للقاعدة الامريكية في 26كانون الاول 2018

هذه الزيارة و التصريحات المتتالية و المنتقدة للساسة العراقيين يدفع ببعض القوى السياسية الى طلب مجلس النواب بتشريع قانون يتضمن انهاء العمل بالاتفاقية الامنية مع امريكا و انهاء مهمة المدربين و المستشارين العسكريين الامريكيين و الاجانب في الاراضي العراقية .

لكن السؤال الذي يشغل بال الكثيرين هو هل ان الصراع الامريكي الايراني وصلت الى الذروة ؟! و ان بوادر حرب مدمرة للمنطقة تلوح في الافق اي ان الصراع يتأرجح بين المد و الجزر و ان طرفاها هما المستفيدان و اكثر تحقيقاً لمصالحهما في المنطقة , فان انهاء السيطرة الايرانية تعني تحرر دول المنطقة و خاصة الخليجية من هاجس الخوف و بالتالي قدرتها على قول (لا) لأمريكا في الكثير من الامور , و من جانب آخر انهاء الوجود الامريكي في العراق تعني اطلاق يد ايران بالسيطرة عليها و على غيرها من الدول مما يفقد امريكا حلفاءها و مصالحها , و هذا يعني بان الصراع سيستمر و اذا ما دخلت في أوج مراحلها ستكون حرب بالوكالة بين اطراف تابعة لكل منهما , و بهذا يبقى العراق ارض الصراعات الدولية باصباغ داخلية متنوعة و متعددة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here