هل أنتهت فصول التآمر على الحزب ؟

يعيش الحزب خلال هذه الأيام أجواء حزن نتيجة مرور الذكرى السبعين لأستشهاد الرفيق فهد(مؤسس الحزب) وحازم وصارم أعضاء المكتب السياسي الذين أعدمهم النظام الملكي في 14/2/1949 ، كذلك الذكرى السادسة والستون لأنقلاب شباط الأسود الذي أستشهد فيه سكرتير الحزب سلام عادل وعدد من القادة الحزبيين وأعداد كبيرة من الأعضاء والأصدقاء للحزب تجاوز العدد في أحصائيات رسمية الألف وستمائة رفيق وصديق .

-أن التأمر على الحزب والذي أشتركت ولأزالت تشترك فيه أطراف متعددة أستهدف محاولة القضاء على الحزب أو على الأقل أضعاف تأثيره على المجتمع العراقي لاسيما وان هذه الأطراف لمست منذ العهد الملكي الدور الكبير الذي لعبه الحزب في الحياة السياسية والأجتماعية العراقية، حيث أعد بحق مدرسة لتعليم رفاقه وأصدقاءه في كيفية بناء الأنسان الوطني المعاصر المحب لوطنه والمسلح بروح الحب للمعرفة والتعلم ونكران الذات والتضحية والسلوك الأجتماعي المميز وخاصة ما يتعلق بأحترام المرأة.

*لا عجب أن هذا التميز للشيوعي العراقي لم يعجب أعداؤه الذين وأن أختلفت مشاربهم لكنهم أجتمعوا على هذا الهدف (محاربة الشيوعيين) ولهذا رأينا كيف أجتمع القومي مع المتدين والرجعي في فترات متعددة لهذه الغاية .

-التأمر هذا أخذ مسارين مختلفين ولكن لنفس الهدف والغاية:

*المسار الأول كان ضرب تنظيم الحزب الشيوعي العراقي من الخارج من قبل السلطات المختلفة عبر زج الرفاق والأصدقاء بالسجون أو النفي أو التصفية الجسدية (أعدام ،رمي بالرصاص أغتيالأت بطرق مختلفة ،التعذيب لحد الموت وغيرها من طرق التصفيات للنفس البشرية)،التضييق بالعمل ،رفض تشغيلهم …..الخ من الوسائل التي يبتكرها هؤلاء لأذية الحزب وأصدقاءه.

هذا المسار تعاونت السلطات المختلفة التي حكمت البلد منذ العهد الملكي والتي لم تتوان في هذه القضية حتى بالأستعانة بالخبرات الدولية حيث شاهدنا كيف أشتركت المخابرات البريطانية والأمريكية لتقديم كل الدعم لهذه الحكومات سواء أيام العهد الملكي أو في أنقلأب شباط الأسود لتقديم كل ما لديها من المعلومات لأيذاء الحزب ولم تبخل الرجعية العربية بتقديم هذا الدعم والكل يتذكر الدور المصري لضرب ثورة تموز والشيوعيين وكذلك الاردن والرجعية الخليجية .

نتذكر سوية الأيام الكالحة لحكم البعثيين بعد أنقلاب 1968 وكيف أدارالبعثيون الحكم بعد أن سيطروا على مقدرات البلد وخاصة أبان حكم المقبور صدام حسين ليصدروا قراراتهم بتصفية الحزب وأعضاءه بكل الطرق والذي نجحوا فيه بابعاد الحزب عن الساحة

السياسية العراقية عدا كردستان ولكن لم ينجحوا بالقضاء عليه مثلما فشلت الحكومات التي سبقتهم للوصول لهذا الهدف.

*المسار الثاني تمثل بنخر الحزب من الداخل وبرع به البعثيون من خلال زرع العملاء التابعين لهم داخل التنظيمات الحزبية خاصة بعد أمتلاكهم خبرة كبيرة بهذا المجال نتيجة الدورات المخابراتية الكثيرة التي تلقوها في دول متعددة وكذلك لطبيعتهم الخاصة المشبعة بالغدر والمكر.وتجسد هذا بشكل كبير في فترة السبعينات وما تلاها .

في فترة حركة الأنصار تلمسنا كثيرأ هذه القضية من خلال زجهم لعناصر من خارج الحزب للدخول للحركة ومحاولة القيام بأعمال محددة (قتل للقادة،تسميم للرفاق ….)،أضافة الى زج عناصر حزبية سابقة بعد ترهيبهم أو تقديم مغريات مادية لهم وكان هؤلاء هم الأخطر بسبب عدم كشفهم ببساطة مثل السابقين. زاد الطين بله هو وصولهم لقادة حزبيين وتعاون هؤلاء مع الأجهزة المخابراتية مثل أبو حكمت (عضو ل.م) ابو هيمن (عضو منطقية يعيش في السويد الأن)،أبو طالب (أعدمه الحزب) وغيرهم الكثيرين .خطورة هؤلاء تمثلت بكشف كل تفكير وعمل الحزب للسلطة وبالتالي سهل للسلطة ضرب الحزب بكل قوة وكان ذلك عبر كشف الركائز الحزبية ومن ثم الرقاق الذين يعملون بالتنظيمات السرية في مدن العراق المختلفة ولسنوات عديدة وهو الذي كان يحير الحزب في كيفية وصول السلطة لهذه التنظيمات رغم أن أكثر من رفيق قدم ملآحظات حول سلوك هؤلاء الخونة ولكن لم تسمع شكواهم جيدأ ولم تؤخذ بعين الأعتبار حتى أنكشف هؤلاء وعين طريق الصدفة .

-عام 1980 أثناء الحركة الأنصارية أتفق المسؤول الحزبي للقاطع سليم أسماعيل(ابو يوسف عضو م.س)مع أحد الرفاق المعروفين جيدأ بالحركة وطلب منه بأن يسجنه مع السجناء (كان لدينا عملاء بالسجن)على أعتبار وصول أخبار حول الرفيق ولابد من تدقيقها .الغاية من ذلك كانت هي هز الرفاق وشحذ تفكيرهم بعدم الأطمئنان الأعمى لكل رفيق مهما كانت صفته وشخصيته ولكن دون تطير .الرفيق السجين بعد يومين أخرج من السجن وجرى تبليغ الجميع بأن الشكوك حول الرفيق لم تكن صحيحة .هذه المسرحية أحدثت هزة قوية لدى الجميع وكانت كافية لكي نفهم السلوك الغريب الرفاق الذين أتضحت خيانتهم فيما بعد .

-بعد سقوط الصنم تكشفت أوراق عديدة لعمل الكثير من أعضاء الحزب مع الأجهزة الأمنية ووصلت هذه الأوراق ليد الحزب ولأعلى سلطة فيه وبانت الكثير من التفاصيل لعمل هؤلاء داخل الحزب وبالتالي تطرح هنا الأسئلة التالية :

-هل نجح الحزب في تحصين تنظيماته من تأثير عمل هؤلاء بعد السقوط (بعض الرفاق والأصدقاء يشير الى وجود البعض ممن عمل بالأجهزة المخابراتية البعثية لازالوا بالتنظيم الحزبي) ؟

-هل جرى أطلاع اللجان القيادية على أسماء هؤلاء ومن ثم الحذر من وصولهم الى مراكز قيادية؟

-لجان النزاهة لديها الكثير من الوثائق التي تخص العملاء سواء للحزب أو غيره من الأحزاب .هل أستلم الحزب نسخ من هذه الوثائق والتي تخصه وجرى التعامل معها ؟واذا كان الجواب بنعم هل تعاملت معها لجان خاصة أم بقيت أسيرة رفيق معين دون أطلاع الأخرين عليها وبالتالي قد تكون عرضة للضياع أو التلف ؟

– هل لمكانة الحزب الضعيفة بالحياة السياسية العراقية دورأ لما ذكر أعلاه ؟

-الأحزاب الأسلامية التي أستلمت الحكم بعد الطاغية ،ألم تستفد من خبرات البعث وخاصة وأن الكثير من أعضائها كانوا بعثيين قدماء في زرع عناصر لها داخل تنظيماتنا ؟

*لاشك أن كل الضربات والمحاولات لأيذاء الحزب لم تنهي الحزب (ستبقى مستمرةعلى الدوام)رغم كل التضحيات الجسيمة لأنها بكل بساطة لا تستطيع قلع جذوره الممتدة عميقأ بداخل جسم المجتمع العراقي فهو لم ولن يكون حزبأ سياسيأ فقط ،بل هو كيان أجتماعي سياسي حيوي يتناسل مثل الفطر يقلع من مكان لينبت أكثر منه في مكان اخر ،هو ثمرة طيبة لخيرة أبناء هذا البلد المعطاء الذي يرفد الحزب بأحسن ناسه رغم علمهم بأن طريقه هو التضحية والصعاب ولكن نقاوة الضمير والروح هو ما يجذب هؤلاء الناس له ،لكن كل هذا لا يمنع من الحذر والرصد وفتح كل مجسات الحزب لرصد هكذا حالات.

مازن الحسوني 2019/2/9

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here