«دواعش» سوريا في مرمى المدفعية الفرنسية بالعراق

الاثنين – 6 جمادى الآخرة 1440 هـ – 11 فبراير 2019

في عمق الصحراء العراقية تصوب ثلاثة مدافع فرنسية فوهاتها غرباً باتجاه الحدود مع سوريا التي تبعد ثلاثة كيلومترات، وراء ذلك الجيب الأخير لمسلحي تنظيم داعش في سوريا. وتخترق طائرات حربية فجأة الأجواء وبعد لحظات يسمع دوي انفجارات ويرتفع غبار رمادي في الجانب السوري.
وقال الكولونيل فرنسوا ريجيس ليغرييه، قائد القوة المدفعية الفرنسية التي تدعم الجيش العراقي وقوات سوريا الديمقراطية في حربهما على «داعش»، وهو يشير إلى امتداد صحراوي: «هنا نحن على أقل من عشرة كلم من خط الجبهة». وصُفَّت 180 قذيفة عيار 155 ملم جاهزة للاستخدام عند ثلاثة مدافع يبلغ مداها 40 كلم.
وبعد توقف لعشرة أيام أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مقاتلين عرب وأكراد يدعمه التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن، أول من أمس، شن «المعركة الأخيرة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي» واستعادة آخر معقل للتنظيم في بلدة الباغوز وما حولها.
وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي التي وصلت على طائرة عسكرية أميركية أن «النهاية قريبة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنها قولها لأربعين عسكرياً فرنسياً يعيشون مع مائة جندي أميركي في هذا الموقع المتقدم قرب مدينة القائم الحدودية العراقية إن «الإرهابيين باتوا بلا قائد ولا اتصالات وفي فوضى واندحار. أنهوا هذه المعركة».
وأكد ليغرييه الذي كانت فرقته شاركت في تحرير الموصل شمال العراق عام 2017 «اليوم لم يعد هناك إلا بضع مئات من المسلحين ليس أكثر في الباغوز». وأضاف: «في الموصل استمرت المعركة تسعة أشهر واحتجنا عشرة آلاف قذيفة. في هذه الجبهة أمضينا أربعة أشهر واستخدمنا 3500 قذيفة»، مشيراً إلى ظروف مناخية صعبة مع «عواصف رملية وأمطار» كما أنها تجبر أحياناً الطائرات على التوقف عن التحليق لكنها لا تمنع المدافع من القصف.
وقال اللفتانت فالنتين (27 عاما) المتخرج حديثاً في مدرسة سان سير الشهيرة للضباط: «في نهاية السنة (2018) كان النسق مكثفاً ولم نكن ننام كثيراً». ورغم الحماية المضاعفة، تتعرض آذان العسكريين لتجربة قاسية. غير أن الضابط الشاب الذي يخوض أول مهامه قال مبتسماً: «لقد خبر أسلافنا ما هو أسوأ بكثير إبان حرب 1914» العالمية الأولى. وسيغادر هو ورفاقه الأسبوع المقبل ساحة المعركة ليتم إبدالهم للمرة الأخيرة دون شك. وقالت الوزيرة الفرنسية إن تنظيم داعش «كمساحة على وشك الاضمحلال. وهي لحظة بالغة الأهمية قاتلنا لأجلها لأشهر وسنوات وشاركت فيها قواتنا بشكل كامل».
ومنذ بدء عمليتهم أطلق الفرنسيون 18 ألف قذيفة وشنوا 1500 غارة جوية وعززوا قوات حليفة كانت مشتبكة مع المسلحين المتطرفين. لكن «القتال لم ينته تماماً» بحسب الوزيرة، مضيفة: «ما نريد تفاديه تماماً هو إعادة تشكل (داعش) في أشكال سرية مما سيهدد المنطقة ويمس الاستقرار كما يهدد بلداننا».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here