قوة سلطة الدولة تصدّ باب فتنة الأولمبية الدولية

بغداد/ إياد الصالحي

اختلاف بعد اِئتلاف .. مشهد لم يتوقّعه المراقبون لأزمة انتخابات اللجنة الأولمبية الوطنية التي بدأت بمقترح اجتماع حكومي للخروج بحل مرضٍ يسدّ أبواب فتنة التدخل الدولي لإيقاف انشطة الرياضة العراقية، وتوصَّل المجتمعون لمقترح تشكيل هيئة مؤقتة تدير شؤون العمل الرياضي لمدة معلومة حتى يستقيم طريق الفرقاء ويلتقوا تحت مظلة قانون جديد يأخذ بأيديهم لتوحيد المواقف وملامسة ناصيات الانجازات.
لكن ما حصل بعد فضّ الاجتماع الحكومي إننا أمام اختلافٍ في القناعات والتفسيرات والتوجّهات، فوزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد رياض العبيدي أكد أن “الوضع القانوني للمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية يعد غير شرعي، وعليه يتوجّب تشكيل هيئة مؤقتة لإدارة ملف الأولمبية الى حين إقرار قانون اللجنة الأولمبية في مجلس النواب”، واضاف في تصريح نقله قسم الإعلام والاتصال في الوزارة إن ” اصرار المكتب التنفيذي على إجراء الانتخابات يعد مخالفة صريحة لقوانين الدولة، ويتحمّل القضاء مسؤولية الدفاع عن قراراته لا سيما أن العراق بلد يحترم مبدأ الفصل بين السلطات، وعلى الهيئة العامة أيضاً إحترام الدولة وقوانينها كونها صاحبة الدعم بكل أشكاله”.
فيما فاجأ رعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية الوسط الرياضي بتصريح للزميلة (الملاعب) أكد فيه ” إن مقترح الحكومة بتأجيل الانتخابات سيعرّض الرياضة العراقية الى عقوبات دولية تضرّ برياضة العراق”. مضيفاً إن ” اللجنة الأولمبية الوطنية ماضية الى إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد يومي الجمعة والسبت المقبلين في حال عدم ورود ما يخالف إجراءها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية”.
ترى أهذه خلاصة الاجتماع بعد شدّ وجذب لأكثر من سنة لاسيما أن الطرف الحكومي حرص على التعامل بشفافية وصبر كبيرين واجه أزاءهما نقداً واسعاً من قطاعات رياضية وجماهيرية بحثت عن إجراء رسمي نهائي لا رجعة عنه، ثم هل أن مطلب الحكومة بتشكيل هيئة مؤقتة تأخذ بعاتقها تسيير الأمور الى ضفّة الأمان من خلال تعديل مسار العملية الانتخابية هو إجراء مُجدٍ، ومن يضمِن عدم تجدّد المشاكل خلال فترة المؤقتة، وما أبرز الأمور التي تناقشها الهيئة حسب اهميتها والشخوص المرشحين لها لتفادي سلبيات ما حصل عام 2008 بعد حلّ الأولمبية آنذاك بقرار حكومي أيضاً؟ ولا يُعرف هل أن مدة المؤقتة تكفي لكتابة قانون جديد للأولمبية أم تُعتمد المسودّة الأخيرة التي رُكنت في البرلمان وتضاف اليها البنود المقترحة، وأخيراً إذا ما جاء ردّ الأولمبية الدولية بعدم قبول وجود المؤقتة ما المطلوب عمله من الحكومة والنُخب الرياضية التي رفعت توصيات مخلصة للاصلاح؟!
للحصول على أجوبة مقبولة في حدودها الواقعية، إلتقتْ (المدى) عضوة ملتقى النخب الاكاديمية د.منى البدري واطلعتها على كل التساؤلات والمحاور التي تشغل الشارع الرياضي فبادرتْ بالقول :” كنا ننتظر الاجتماع الحكومي بفارغ الصبر بعدما خُطّط له منذ فترة، وتوقعنا النتائج التي تمخّض عنه طالما أن الجميع يحرص على أنهاء الأزمة وفي المقدمة منا الحكومة التي تعي مدى تدهور الوضع الرياضي العام وتحاول مع بعض القيادات المعروفة في هذا المجال أن تضع الخطوط العريضة لحلول منطقية وسريعة بعيداً عن أي خرق أو تجاوز لقوانين اللجنة الأولمبية الدولية، ليس خوفاً، بل احتراماً وحرصاً على ديمومة الرياضة في العراق”.

مَظَلاَّت الوزارات
واضافت :”كل من يقول إن الرياضة بعيدة عن الحكومة فهو خاطئ وتلك شماعته يعلّق عليها خروقاته وتجاوزاته القانونية، فقانون اللجنة الأولمبية الوطنية يولد من رحم مجلس النواب كجهة تشريعية والحكومة التنفيذية واجهزتها الرقابية تتابع الانفاق المالي والإجراء الإداري بدقة، ومعلوم أن كثير من الاندية تمارس انشطتها تحت مَظَلاَّت وزارات حكومية مادياً وإدارياً ناهيك عن المُنحة السنوية المخصصة للأولمبية الوطنية، فكيف لا علاقة للحكومة بالرياضة وبما تتخذه من قرارات تحمي مصالحها من عبث الاشخاص؟!
وأوضحت البدري : “يجب أن يكون التدخّل الحكومي الاصلاحي قوياً بمساندة مجلس النواب، فنظرة متأنية عن واقع بلدنا لن نجد أي فاعلية للمرتكزات الاساسية مثل الرياضة المدرسة والجامعية كما ان الأندية لا تعمل بشكل صحيح، وبالتالي هناك عمل عشوائي في سوح الرياضة وأن المرتكزات الثلاثة تؤثر بشكل أساسي وصميمي على الاتحادات والأولمبية”.

شخوص المؤقتة
وعن مدى صواب تشكيل الهيئة المؤقتة لإدارة اللجنة الأولمبية في المرحلة المقبلة قالت :” جرى الحديث سابقاً بشكل مُسهب عن موجبات التشكيل المُلحّ لتسيير الأمور الى برّ الأمان، لكن ينبغي أن نـأخذ هذه المرة بعض النقاط على محمل الجد ونتساءل أولاً من أين ستشرَع المؤقتة بعملها، هل ستكون مُكمّلة لتصحيح المسار أم تلغي كل شيء وتبدأ من الصفر؟ أعتقد أن أجدر من يجيب عن هذين التساؤلين هم الشخوص الذين يمسكون زمام إدارة الهيئة المؤقتة فيما لو كان وافقت اللجنة الأولمبية الدولية عليها وشخصياً أشكّ بمنحها الموافقة”.
وتتابع ” أرى وجوب اختيار الشخوص لتحمّل مسؤولية الهيئة المؤقتة بطريقة سليمة مجرّدة عن أي مصالح خاصة، لدينا اسماء معروفة بنزاهتها وأيديها بيضاء وباعها طويل في هذا المجال، أكاديميون وقيادات رياضية سبق لهم أن عملوا فترات سابقة في قطاعات رياضية مختلفة، وهمّشوا تماماً لسبب أو لآخر، هؤلاء هُم مَن سيُحددوا خطّة العمل الأفضل على وفق معطيات معينة، كل ذلك يتوقف على موافقة اللجنة الأولمبية الدولية”.

مسودّة القانون
وأشارت عميدة كلية التربية الرياضية للبنات سابقاً إلى “ضرورة مراجعة مسودة قانون الأولمبية الجديد وأبرز مواده المكتوبة قبل سنتين وإضافة بنود لازمة وحذف أخرى حسب الأهمية بعد التشاور مع متخصّصين قانونياً وإدارياً وأولمبياً، ومع الاسف في جميع المجالات الإدارية إننا نهمل ما أنجزَ سابقاً، وأي إدارة تستلم المهام تنسف ما عملته الإدارة السابقة وتبدأ من الصفر، وهذا خطأ، فنحن بلد عريق لدينا من التشريعات المهمة التي يمكن أن نستند اليها، يمكن إضافة ما يلائم مستجدّات عملنا في هذا الظرف، فتلك حالة مستهجنة أن يتعوّد العراق على شطب تاريخه والإتيان بجديد من دون سند يُدعم الافكار المستحدثة”.

نصيحة
وكشفت البدري ” أتوقع عدم قبول الأولمبية الدولية مقترح تشكيل الهيئة المؤقتة لإدارة شؤون الرياضة، وليس بغريب عليها رفضه، ومن هنا أتوجّه بالنصيحة لمسؤولي الأولمبية الدولية لو عرفتْم بالواقع الحقيقي للرياضة العراقية وما وصلت اليه من تخلّف لسارعتم بفرض هيئات رقابية صارمة بمساندة حكومتنا لضبط ما يحدث من مجريات صادمة في مفاصل رياضتنا، وبناء على ذلك من حقّنا التساؤل: مَن ينقل الواقع الصادم للجنة الأولمبية الدولية؟ سأترك الاجابة للوسط الرياضي الواعي والمؤمن بأن القرارات الدولية تصاغ على وفق ما يصلها من معلومات إيجاباً كانت أم سلباً”.

من فمك أدينك!
ولفتت البدري انتباه الوسط الرياضي إلى انه” كان هناك ستة رؤساء اتحادات رياضية مركزية في اللقاء التشاوري الذي دعا اليه الخبير الرياضي الدكتور باسل عبدالمهدي في فندق بابل، وهم انفسهم كشفوا مستور الخروقات وشخّصوا الاخفاقات ولسنا نحن لأننا غير مُطلعين على أروقة اللجنة الأولمبية الوطنية مثلما هُم كوننا لا نعمل فيها، بل نستشعر الفشل الحاصل بمرارة، أما كيف ذلك ومن المسؤول عنه؟ هُم نقلوا تصوّرات واضحة وكافية للحُكم على عدم صلاح استمرار الوضع الرياضي وضرورة وضع حدٍّ له اليوم قبل الغد وكما يقال .. من فمك أدينك”.
واستدركت قائلة :”في حال رفضت اللجنة الأولمبية الدولية مقترح تشكيل الهيئة المؤقتة يجب أن تأخذ الحكومة دورها بقوة أكبر، ولابد من فرض سلطة الدولة في هذه المرحلة، كما ندعو الى تشكيل هيئة رقابية عليا لشؤون الرياضة في العراق كأحد الحلول السريعة لمواجهة أي مصدّ دولي يُعيق حركة الدولة لتصحيح مسار الرياضة”.

لماذا التخوّف؟
واختتمت د.منى البدري حديثها :”إن اللجنة الأولمبية الوطنية مسؤولة عن رياضة الانجاز، وتوجد مؤسسات تابعة للدولة مسؤولة عن قطاعات أخرى في الرياضة كالتربية والتعليم العالي والشباب، ولهذا تواجد في الاجتماع مع رئيس اللجنة الأولمبية وزير التعليم العالي د.قصي السهيل ووزير الشباب د.احمد رياض العبيدي، فلماذا تتخوّف الأولمبية من اشراك الحكومة في إتخاذ القرارات وتمهّد لوأد الأزمة بحزمة من الإجراءات اللازمة لاسيما أنها تتسلّم أموال طائلة من الدولة والقسم الأعظم لموارد الاندية من الوزارات التابعة لها مثل الطلبة والزوراء والشرطة والنفط وهكذا بالنسبة لرياضات الجامعة والتربية التي ترفد المنتخبات باللاعبين واللاعبات وتعمل سوية من أجل الارتقاء بالرياضة العراقية كل هذه الانشطة تستمد ميزانياتها السنوية من وزارات الدولة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here