وسط ضجيج إذاعات الاغتراب مازالت إذاعة ينبوع الحياة لراعيها الاب حنا سولاقا

تتبنى خطاب التسامح والمحبة والسلام .

باقة واسعة من الإذاعات يزخر بها مهجرنا الامريكي بشكل عام وفي ولاية ميشيغن على وجه الخصوص ، تتنوع توجهات وسياسات تلك الاذاعات وفقا ً للجهة التي تدعم كل إذاعة ، أو إستنادا ً الى ما يؤمن به أصحاب تلك الاذاعات من مبادئ يحاول ترجمتها عبر السياسة الاعلامية التي يرسمها لمحطته ، وتشتمل تلك الباقة على إذاعات دينية وسياسية ومنوعة وغيرها من الصبغات ، وبغض النظر عن المضمون الذي تقدمه كل إذاعة ، يسقط أغلب تلك الاذاعات في شراك تدني جودة الخطاب الاعلامي ، وآليات تقديمه للمستمع ، وتشترك معظم تلك الاذاعات في عنصر التسويق الاعلامي الذي يعد حجر الزاوية لضمان إستمرار بث تلك الإذاعات لبرامجها المعتادة ، ما قادني للحديث عن خريطة الاعلام الاذاعي في مغتربنا الامريكي في ديترويت وضواحيها هو ذلك الضجيج وتلك الفوضى التي يشهدها ذلك القطاع ، حيث يصادفك وأنت تحاول تحريك مؤشر الراديو على الموجات التي تستقبل البث ، العديد من الظواهر السلبية التي تسيء لمهنة الإعلام الذي يُفترض أن يكون السلطة الرابعة لدى هؤلاء القائمين على أمر تلك الإذاعات ، حيث تصطدم أحيانا ً بإذاعات دينية تستخدم أساليب حوار هجومية على الطرف الآخر الذي يعتنق ديانة أخرى ، وتارة أخرى تتفاجأ بإذاعات لا تُجيد سوى تغذية الخطاب الطائفي عبر تمرير موضوعات في ظاهرها تحليلي وفي باطنها النيل من الآخر ، وما يجعل هدفها مكشوفا ً هو فقر المادة الإعلامية المقدمة للمستمع ، ومع إشتداد حالة الاستقطاب الديني والطائفي والقومي التي يعاني منها المجتمع العراقي في الداخل والخارج أيضا ً ، يمكن القول أن ليش ثمة بوصلة وطنية حقيقية قادرة على إنتاج خطاب إعلامي موضوعي ومهني ووطني في هذا المهجر الامريكي ، بسبب إرتباط معظم أصحاب تلك الإذاعات بأجندات سياسية في الداخل العراقي ، فضلا ً عن أن هؤلاء لا يتقن معظمهم مهنة الاعلام ولم يطلع على أسس العملية الاعلامية ومبادئها المهنية في عملية نقل الخبر أو عملية التحليل التي يجب أن تنطلق وفق مبدأ موضوعي شامل لا يغفل شيئا ً من تفصيلات المشهد ، بينما نجد هنا أن هؤلاء الطائفيين يركزون على جزء ٍ من هذا المشهد ويتركون الجزء َ الأكبر من المشهد لعدم رغبتهم في إنتقاد المستبب بمشهد الخراب الذي يعم وطننا الحبيب العراق .

ووسط هذا المشهد الإعلامي الملتبس الذي ينطبق على وسائل الاعلام الاغترابية الاخرى المقروءة وغيرها لابد من التوقف عند إذاعة( ينبوع الحياة) التي تبث بشكل أسبوعي برنامجها الذي يقوم بتقديمه الاب الفاضل حنا سولاقا راعي الكنيسة اللوثرية وهو عراقي حد النخاع ويسعى دائما للحفاظ على كل القيم النبيلة التي إكتسبها من مجتمعه البغدادي الاصيل في فترة الصبى والشباب فل يمثل أيقونة بغداد بتسامحها وإنفتاحها على الاخر ، ويصر على الحفاظ على إنتهاج طريق الاعتدال والتسامح وعدم المساس بمشاعر الآخر المختلف بشكل سلبي ، بل أنه يحاول من خلال نافذته الاذاعية إيصال روح التسامح والمحبة على قاعدة الاخوة الانسانية ، ويتضمن برنامجه تفسير بعض نصوص الكتاب المقدس والتي يختار منها ما يفيد مستمعيه لترسيخ مبادئ الحب والتعاون بين الناس على قاعدة الدين لله والوطن للجميع ، ولانه يؤمن بهذه الفلسفة لذا فهو يُطلق العنان دوما ً للعمل الإنساني من خلال ما يقدمه من خدمات للاجئين عبر الكنيسة اللوثرية التي يعمل بها والمعنية بشؤون اللاجئين أو من خلال تقديمه الاستشارات القانونية الصحيحة للقادمين الجدد ، ومازال وسط هذه الفوضى التي تشي بكل ما هو عنصري وطائفي يصر على أن الانسان هو القيمة العليا التي يجب الحفاظ عليها وتعزيز هويتها الانسانية بغرس زهرات الحب والاحترام المتبادل بين الناس .

إستبرق العزاوي – ديترويت

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here