وساطة أميركيّة تُنهي القطيعة بين الدفاع والبيشمركة وتُعيد الأخيرة إلى المتنازع عليها

يبدو أنّ تدخل السفارة الامريكية أنهى أكثر من عام على القطيعة بين قوات البيشمركة ووزارة الدفاع الاتحادية، حيث يقوم الفريقان بوضع اللمسات الأخيرة على خطة إعادة انتشار القوات الكردية في المناطق المتنازع عليها بعد انسحابها.
بالمقابل فتحت تلك التطورات الباب لإيجاد حل سياسي لأزمة الحكومة المحلية في كركوك، المعلقة منذ أواخر عام 2017 حيث يقترب الحزبان الكرديان الكبيران “الديمقراطي” و”الاتحاد” على تسمية محافظ جديد بديلاً عن راكان الجبوري الذي يدير المنصب بالوكالة.
وبدأت الإثنين الماضي، لجنة مشتركة من وزارتي الدفاع و”البيشمركة” بالإشراف على تحديد النقاط العسكرية في المناطق المتنازع عليها بمحافظات كركوك وديالى ونينوى على وفق اتفاقية سابقة بين الجانبين.
وأعلنت وزارة البيشمركة، أن اللجان المشتركة بينها وبين وزارة الدفاع باشرت عملها فعلياً، بغية إعادة تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها”، مؤكدةً أنها “بانتظار تقرير اللجان التي تجري كشوفات ميدانية من أجل عودة البيشمركة إلى تلك المناطق”.
وكشف في الاسبوع الماضي عن اجتماع هو الاول من نوعه عقد بين الطرفين بعد أحداث عرفت بـ (16 تشرين الثاني 2017)، “لاستئناف العمل المشترك وإعادة نشر القوات بحسب الحاجة إليها والعمليات الأمنية ضد تنظيم داعش وتنفيذ ذلك بشكل عملي على الأرض”، بحسب تصريح الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار ياور.
ووصف ياور المفاوضات بـ”الجادة”. وقال: “كان لدى الطرفين تفاهم مشترك بضرورة العمل معاً كما كان عليه الحال قبل عام 2014 خاصة أن داعش عاود الظهور في هذه المناطق وهو على وشك أن يشكل تهديداً خطيراً عليها حيث ينفذ عمليات إرهابية بشكل شبه يومي”.
وفي نهاية كانون الاول الماضي، بدأت تحركات جديدة للسفارة الامريكية في بغداد بإقناع الأطراف الثلاثة في كركوك (الكرد، والتركمان، والعرب إعادة الأوضاع في المحافظة الى مرحلة ما قبل تمدد داعش.
واستضافت السفارة الأمريكية في بغداد التركمان والكرد بشكل مشترك، والعرب منفردين قبل ذلك الموعد بأسبوع، وكان الهدف هو توزيع السلطة والملف الامني في المدينة المتعددة القوميات.
وأكد مسؤولون وقتذاك أن الاجتماع الأخير في السفارة الأميركية مع مكونات كركوك كان يهدف الى تحويل الكلام الكثير عن إعادة الأوضاع الى ما قبل 2014 الى “إجراء فعلي”.

مخاوف متبادلة
ويخيف الإجراء الأخير أطرافاً عربية وتركمانية في كركوك، خصوصا مع تمدد الطرفين بعد أحداث المحافظة الاخيرة، على المناصب الإدارية والأمنية هناك، وهو ما دفع النائب التركماني أرشد الصالحي المعروف بمعارضته للتواجد الكردي بالمحافظة أن يقول أمس: “لن تعود كركوك الى ما قبل ١٦ تشرين الاول مرة أخرى”، داعياً الشعب الى عدم الاستماع إلى إشاعات المغرضين تجاه كركوك.
وجاءت تصريحات الصالحي بعد عقد الاخير اجتماعا مع النائب العربي عن كركوك خالد المفرجي وقائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الامير يار الله “لبحث الوضع الامني في كركوك”.
وبنفس الطريقة قال المفرجي في صفحته على فيسبوك ان قائد العمليات المشتركة أكد له ان “القوات الاتحادية هي الوحيدة المسؤولة عن الملف الامني في محافظة كركوك، ولن تشاركها أي قوة أخرى في مسك الارض والحماية”.
وشدد المفرجي على أن “كل ما يشاع سواءً في مواقع التواصل الاجتماعي او في وسائل الاعلام عن مشاركة قوات البيشمركة في ملف كركوك الامني عارٍ عن الصحة ولا يمت للواقع بصلة”.
بالمقابل لم ترض بعض الاطراف الكردية عن حجم قوات البيشمركة التي ستشارك في عملية إعادة الانتشار الجديدة، حيث قال سكرتير الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني محمد الحاج محمود الأسبوع الماضي، إن قوات البيشمركة لن تتمكن من ممارسة سلطتها كما في السابق في حال عودتها الى محافظة كركوك المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.
وقال الحاج محمود المعروف في الاوساط الكردية بـ”كاكه حمه” للصحفيين عقب اجتماع عقده مع الاتحاد الإسلامي الكردستاني في أربيل، إن عودة قوات البيشمركة الى كركوك أمر جيد، مستدركاً القول إن “العودة الى منطقة ليست خاضعة لسيطرتك أمنياً أمر ليس بالسهل”.
وأضاف “كاكه حمه” إن قوات البيشمركة ستعود الى كركوك ولكن عددها سيكون 1000 عنصر مقابل 12 ألف عنصر من الفرقة العراقية المتواجدة هناك”.
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، قد وصل الى بغداد في مطلع شباط الحالي، وعقد اجتماعا مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، بينما أكد مسؤولون وقتها أنّ الجانبين بحثا ملف تشكيل الحكومة وعودة البيشمركة إلى مناطق الصراع بما فيها كركوك.
وبدأت أول ملامح التغيير في المحافظة حين قرر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استبدال قوات جهاز مكافحة الإرهاب بشكل مفاجئ بعد ساعات من اللقاء الاخير الذي جمع أطراف كركوك بالسفارة الامريكية.
وكان الياور قد كشف في ربيع 2018 لـ(المدى) عن زيارة وفدين يمثلان الولايات المتحدة وبريطانيا (ضمن التحالف الدولي) وزارة البيشمركة في كردستان، وعرضا إحياء المشروع الامني القديم الذي كان معمولاً به قبل عام 2014.
وأكد أمين عام الوزارة جبار ياور وقتها، أن الوفدين كانا مهتمّين بإعادة التنسيق بين قواتنا والقوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها. وأشار الى أن الوزارة أكدت أنها “مستعدة لإعادة العمل المشترك في المناطق الخاضعة للمادة 140”.
كما كشف ياور وقتذاك عن أنّ الوفدين أكدا أنهما “سيجتمعان حال عودتهما الى بغداد بالجهات المعنية، وسيؤيدان إعادة التنسيق المشترك بين الطرفين ويدفعان بذلك الاتجاه”.
وتعتبر البيشمركة، العودة الى التنسيق السابق أصبحت مبررة الآن، خاصة بعد زوال داعش.
وكانت الاتفاقية الامنية السابقة التي أبرمت قبل انسحاب القوات الاميركية نهاية 2011، قد نصت على تشكيل مجموعة لجان أمنية مشتركة بين وزارة الدفاع الاتحادية والبيشمركة، بالاضافة الى لجان عمل مشتركة بين كبار ضباط الوزارتين. وفضلاً عن ذلك فقد كانت هناك مراكز أمنية ونقاط مشتركة بين الطرفين في (ديالى، صلاح الدين، كركوك، ونينوى)، وهي مناطق متنازع عليها، ويعيش فيها أكثر من مليون كردي في المناطق بمساحة تبلغ 37 ألف كم مربع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here