ماذا ستفعل بغداد مع عراقيين فروا من آخر معقل لداعش؟

كشفت صحيفة بريطانية، أن مساحة صغيرة في شمال سورية لاتزال تضم القليل من مقاتلي “داعش” الذين لا يزيد عددهم عن 500 شخص يرفضون مغادرة المنطقة التي يسيطرون عليها والتي تبلغ مساحتها حوالي كيلومترين مربعين، وهما “بقايا دولة الخلافة المزعومة”.

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة الـ”غارديان” ، فإن النساء والأطفال فروا من بلدة “باغوز” الواقعة في شمال شرق سورية يوم الثلاثاء الماضي، بعد أسابيع من القصف والهجرة الجماعية لأعداد هائلة لأغلب سكان المنطقة البالغ عددهم تسعة آلاف ما قبل الحرب، حيث سمحت القوات المحاصِرة للبلدة التي يقودها الكورد للمدنيين بالخروج منها.

لكن بعد ثلاثة أيام من القصف المكثف، ظهر عدد أكبر من الأشخاص مما كان يعتقد ، مما جعلهم يتجهون ببطء إلى نقاط تجميع متجاورة في ساحة المعركة.

وكان من بينهم نساء من فرنسا وروسيا وطاجيكستان، وكذلك عائلات من العراق والبلدات والمدن السورية القريبة. حيث أصبحت منطقة “باغوز” نقطة تجميع للمقاتلين وعائلاتهم من الأراضي التي كانت تسيطر عليها المجموعة لفترة من الزمن.

ونقلت الصحيفة عن عدنان أفريني، قائد الوحدة الكوردية المعروفة باسم “قوات سورية الديمقراطية” قوله، بأن “هناك عدداً أكبر من النساء والأطفال الذين تركهم تنظيم “داعش” داخل البلدة أكثر مما توقعناه قبل بدء العملية يوم السبت، والأن نستقبل المئات من عائلات داعش وأطفالهم كل يوم”.

واضاف أفريني: “نحن نواجه قتالاً قاسياً لأن المنطقة صغيرة جداً، وهي مليئة بالمقاتلين، الأكثر تطرفًا وخبرة،. ولا توجد لديهم أي نية في الاستسلام، وأن المقاتلين الموجودين في الداخل هم أكثر المتشددين تطرفاً”.

وقالت إحدى الناجيات من الحرب وتدعى حميدة حسين وتبلغ من العمر 50 عاما، إنها سارت لمدة أربع ساعات للوصول الى بر الأمان، وستقبل الآن أي مصير يخبئها لها القدر”.

وأضافت: “لم يبق شيء في باغوز، لم نكن نستطيع تناول الطعام إلا مرة واحدة في اليوم، هناك بعض النساء والأطفال الذين لا يُسمح لهم بالخروج، فالمدينة كلها مدمرة، والرصاص يتطاير في السماء كالمطر”.

وتقول حميدة إنها كانت من خارج المدينة، لكنها هربت إلى باغوز في الوقت الذي كانت تدور فيه الحرب حولها مثل العديد من الأشخاص الآخرين الذين كانوا يقفون في الميدان.

أما أبو أحمد الراوي ذو 35 عاماً، من “راوة” في العراق فيقول: “لم يكن لدينا أي فرصة للخروج حتى الآن، كنا في كيشما قبل أن ننتقل إلى باغوز، والحرب وصلت إلى هنا أيضا. لقد انتقلت إلى سورية بعد تقدم الميليشيات الشيعية إلى راوة، ولم يكن لدي أي خيار آخر. ولا أعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، لكنني كنت أعرف أن هذه هي الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة”.

وقال صالح عمر وهو عضو في مجلس مدني محلي، “إن أكثر من 1000 من أفراد عائلات داعش قد استقبلتهم القوات الكوردية خلال اليومين الماضيين، وسيتم نقلهم إلى مخيمات اللاجئين القريبة”.

ويعتقد أنهم يضمون عدداً أكبر من الأجانب مقارنة بالعراقيين، إضافة إلى حوالي 10 ألاف غير سوري يتم إيواؤهم من قبل السلطات المحلية في الشمال الكوردي.

وخلال الأربعة أيام الماضية من المراحل النهائية من المعركة التي وُصفت بأنها المعركة التقليدية في حرب الأربع سنوات ونصف ضد “داعش”، هناك دلائل على التوصل الى اتفاق للسماح للأشخاص المتبقين للفرار الى الصحراء – وهو طريقهم الوحيد للهروب.

وقد أدى هذا الترتيب إلى إنهاء القتال في مدينة الرقة في أواخر عام 2017 ، حيث كان المقاتلون وعائلاتهم ينتقلون إلى الصحاري السورية المركزية ، حيث اختفى منهم الكثيرون، بحسب ما ورد في تقرير الـ”غارديان” .

الى ذلك تقول صحيفة “الاخبار اللبنانية في تقرير صادر بعددها اليوم الخميس ان المعلومات حول الصفقة الأميركية مع «قسد»، في ما يتعلّق بانتقال عوائل مسلحي التنظيم إلى العراق، لا تزال ضبابية.

وتشير مصادر إلى أن انتقال العوائل، والتي يبلغ عديدها أكثر من 8 آلاف شخص، إلى الداخل العراقي، وتحديداً إلى منطقة غرب الأنبار، بدأ فعلياً قبل ثلاثة أسابيع. وفي السياق نفسه، توضح مصادر حكومية عراقية أن هذه «الهجرة» هي مطلب عراقي، إلا أن الجانب الأميركي «أرجأ إتمامها أكثر من مرة»، رابطاً ذلك بنية واشنطن الإعلان عن الانتصار على داعش أولاً، والانسحاب من سوريا باتجاه الأراضي العراقية ثانياً.

تؤكد المصادر أن العملية ستكون على مراحل عدة. يستلم الجانب الأميركي في سوريا العوائل العراقية من «قسد»، ومن ثم ينتقل بها إلى مخيمات محاذية للحدود على غرار تلك القائمة في محافظات نينوى لذوي المنتمين إلى «داعش». مخيمات مقفلة ستكون بانتظار تلك العوائل، على أن تبدأ القوات الأمنية العراقية إثر ذلك التحقيق مع أفرادها، ومن ثم إحالة من يثبت تورطه في عمليات إجرامية إلى الجهات الأمنية والقضائية المختصة، في حين يُعاد دمج هؤلاء المحتجزين مع مجتمعاتهم فور الانتهاء من الخطوات القانونية.

تسعى الحكومة إلى احتضان هؤلاء، أي تصنيفهم بين «مجرمين» و«ضحايا»، على اعتبار أن الشيوخ والنساء والأطفال يمكن أن يكونوا أبرياء، أما الرجال فلا بد من النظر في أوضاعهم بشكلٍ فردي. لكن قيادات أساسية عاملة غربي الأنبار تقول إن هذه الخطوة «صعبة التحقق» في الوقت الحالي، أو على الأقل وفق ما يأمله الجانب الأميركي.

تؤكّد المصادر الميدانية أن المعارك القائمة بين «داعش» و«قسد» تشي بأن أمدها لن يكون قصيراً في الوقت الراهن، خاصة أن مسلحي «داعش» يتوزعون بين الجالية العراقية والسورية، فضلاً عن التابعيات الأجنبية. المصادر تذهب إلى أن الواقع الميداني، خاصة لجهة انتشار قوات «الحشد الشعبي» قد لا يكون بالأمر المسهّل لعملية انتقال من هذا النوع، خصوصاً أن قيادة تلك القوات تنظر بحذر إلى إتمام صفقة مماثلة، ما يطرح إمكانية تحريك خلايا نائمة داخل تلك المخيمات، في ظلّ ترجيح مصادر أخرى أن الاتفاق يشمل فقط العوائل العراقية، أما المسلحون الأجانب فستتم إعادة إدخالهم مجدداً إلى سوريا من الجهة الجنوبية لمدينة القائم، على اعتبار أنها منطقة مفتوحة مع الجهة السورية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here