الدجل والعمائم!!

تجتاح وسائل الإعلام والتواصل الإحتماعي موجة من الخطب والمواعظ والتصريحات التي يصدح بها ذوي العمائم المتنوعة , وخلاصتها أنها تهاجم الوضع القائم وتنتقد ما تقوم به الدولة , وكيف أن الفساد فيها عميم والخراب سائد والإعمار بائد.

وتجدهم يتكلمون بلغة تُظهر بأنهم مع الشعب على الحكومة , ويتناسون بأنهم هم الذين أفتوا وشجعوا الناس لإنتخاب الذين بالحكومة , بطروحات تضليلية وتخويفات وترهيبات ما أنزل الله بها من سلطان , غايتها الكرسي والحكم , ولا علاقة لها بالوطن والمواطنين.

عمائم تخدعك بدجلها وأضاليلها وتظلماتها ومقهوريتها , وكأنها تتكلم بلسان المحرومين والمنكوبين بالفساد , وبفقدان هيبة القانون والتحول إلى ضحايا وعبيد للحرمان من الحاجات , فتجدهم يكدحون من أجل لقمة يومهم , والذين يخاطبونهم يتنعمون برغد العيش والعز والثراء الفاحش.

وهذه لعبة مدبرة وآلية لإخماد الإرادة الشعبية وتدجين البشر وتحويله إلى قطيع , فالكلام ضد الدولة من قبل المعممين المستفيدين من الوضع القائم والفساد الدائم , إمتهان لحقوق الناس ومشاركة في كبح إرادتهم ومصادرة حقوقهم , لأن في خطاباتهم دعوات إستكانة وتسويغ للظلم والمعاناة , وتبرير لما يتحقق من نهب وإستحواذ على ممتلكات الناس.

وهي تحث على إستلطاف البؤس والقهر والذل والهوان , وتحسب ذلك من أصول العبادة والتبعية والإيمان بالدين الذي يتصورون , وهم يعززون الشعور بأن المجتمع فيه سادة وعبيد , وما يحق لهؤلاء لا يجوز أو يحق لغيرهم الذين عليهم الرضى بقدر الله ونصيبهم من الدنيا , وأن يكونوا من الصاغرين للأسياد الذين يسرقون وينهبون ويتنعمون ويبطشون ويظلمون بإسم الدين.

وهم بما يقومون به يساندون الفساد والخراب والدمار , وتمزيق المجتمع وترسيخ الطائفية والمذهبية والتحزبية والفئوية , ولا يتجرؤون على الإقدام على عمل ينفع الناس , وإنما عملهم الكلام الذي يخدرون به التابعين لهم , وإشاعة الأوهام والهذيانات التي تنفعهم بتجارتهم المربحة التي ترفع رايات دين , وتبيع وتشتري البشر المسكين وتزج به في جحيمات الأنين.

ولا يمكن الإقتناع بما يقولونه لأن أعمالهم تفضحهم تماما , فهم في رفاهية والذين يخاطبونهم في عسر وضنك عيش , ويحسبون أن ما هم عليه رزق من ربهم الذي به يؤمنون , وما يعانيه الناس بلاء من ربهم الذي يمتحنهم به لكي يفوزوا بجنات النعيم , وهم الفائزون بجنات الدنيا وما بعدها , لأنهم السادة الذين خصهم ربهم بالنعمة وفضلهم على الناس أجمعين.

وبإختصار إنهم دجالون ومضللون وللكراسي يبوّقون , ومنها يغنمون وبها يتنعمون , وستكشف معادنهم لو تعرضتَ لكرسي مطمئن أمين , بنعمته يتحدثون!!

فإلى متى يمررون سلعة الدين , ويتاجرون بالمساكين , ويرددون معهم اللهم آمين؟!!

فاستفق أيها البشر ولا تكونن من المغفلين!!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close