التكاملات ونمو الروح .. في فكر المحقق الصرخي

احمد الركابي
ان المجتمعات المسلمةُ بشكلٍ عامٍ يَجب أنْ تُربي حياتها على ثقافةِ القيامِ بالأعمال الصالحةِ في كلّ وقتٍ وحين، وهذا لا يكون إلا من خلال الأجواء التعليمية التربوية الآمنة التي تعمل على بث القيم الحسنة في الامة ،فقد كانت حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وباقي الأنبياء – عليهم السلام – مدارسَ حية يُمكنُ لأيِّ شخصٍ مهما كان عُمُره أنْ يَتعلم منها، كما أنّ حياة الصحابة الكرام مليئةٌ بالنماذج التي تصلح للاقتداء بها، وهذا ما ينبغي التركيز عليه بشكلٍ كبيرٍ عند التعامل مع الأجيالِ الصاعدة.

ينظُر الإسلام إلى الإنسان نظرةً متكاملة، فالإنسان فيه جسدٌ ورُوح، لا ينفصل أحدُهما عن صاحبه، وفيه – بحُكم تركيبه الجسَدي – مجموعةٌ من الشهوات تدفعه نحوَ عمليات الإشباع، وبحُكم تكوينه الرُّوحي مجموعةٌ مِن القُوَى تسمو به نحوَ الكمالات، وهو بحُكم تكوينه العقلي فيه قُدرةٌ على اختيارِ هذا الطريق أو ذاك، أو يجمع بينهما في صورةٍ لا يُضحِّي فيها بجسده مِن أجْلِ رُوحه، ولا برُوحه مِن أجْلِ جسده، والتضحية بأحدهما لا يتحقَّق معها الاستخلاف في الأرض، وقد خلَقه الله؛ ليكونَ فيها خليفة.
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]. والتربية الإسلاميَّة جاءتْ بمنهجٍ شامل متكامل يهتمُّ بنموِّ الجسدِ اهتمامَه بتنمية العقل وتقوية الرُّوح، كل ذلك في أسلوبٍ هادئ يوصِّل إلى الكمال الإنساني المنشود، وهذا التجانس بين الجسد والرُّوح وإطلاق حريَّة العقل للنظَر والبَحْث في مكوِّنات الطبيعة لا تحقِّقه نظريةٌ تربوية سابقة أو معاصرة؛ وأنَّى لها أن تدرك ذلك وهي مناهجُ بشريَّة بَحْتة تعتمد في أبحاثها ونظرياتها على العقلِ البشري والموروث من العادات؟! والعقلُ البشري لا يستطيع الاستقلالَ بإدراك الحقائقِ على ما هي عليه ما لم يهتدِ بنور الوحي المنزَّل مِن عند الله سبحانه وتعالى وهو عينُ ما انفردتْ به التربية الإسلاميَّة التي تستمدُّ منهجَها وأساليبها وطرقَ التأثير النفسي مِن القرآن الكريم وسُنَّة رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم.-

وبهذا فان حصول الحياة الطيبة للعبد، بالعمل الصالح فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)،[10] فالآية الكريمة تبيّن أنّ الله سبحانه وتعالى وعد كلاً من المؤمنين والمؤمنات الذين يعملون الصالحات بالحياة الطيّبة التي لا خبث فيها في الدنيا، وفي الآخرة يكون الجزاء هو الجنة.

ومن هذا المنطلق فقد اشار المحقق الاستاذ الصرخي الى دور العمل الصالح الذي يوصل الانسان الى مرضاة الله سبحانه وتعالى ، وهذا جزء من كلامه الشريف جاء فيه :

((من الواضح ان الانسان الذي يعمل في سبيل الله تعالى – ويؤثر ويضحي بمصالحة الشخصية في سبيل راحة الاخرين
والمصالح الاجتماعية فبقدر ذلك تنمو روحه وتتسع افاقه حتى يصل الى التكامل الاخلاقي )) انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here