تحليل يحصي خسائر “فادحة” تنتظر العراق بإخراج القوات الامريكية

ذكر مايكل نايتس الزميل الاقدم في معهد واشنطن، والذي عمل في جميع محافظات العراق منذ عام 2003 في مقال تحليلي له انه من المحتمل جدا أن يناقش مجلس النواب العراقي قريبا مشروع قانون يتعلق بتنظيم القوات العسكرية الأجنبية في العراق.

وذكر نايتس في مقاله ان هذا شأن عراقي، يندرج تماما ضمن الحقوق السيادية للبلاد، ويجب على الولايات المتحدة والدول الأخرى في التحالف احترام وجهات نظر العراق مهما كانت. والأمر الذي هو ذو أهمية قصوى أن العراق يفهم بوضوح ما هي الآثار التي يمكن أن تترتب عن أقواله وأفعاله على التحالف، وما هي المنافع غير العسكرية التي قد يخسرها العراق، إلى جانب انهيار شراكاته العسكرية.

تحالف اقتصادي وسياسي وعسكري

وقال الكاتب ان لم يتمتع العراق أبدا على مر التاريخ بمستويات الانتباه والدعم الدولييْن اللذين يحظى بهما منذ اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” لبعض أراضي البلاد في حزيران/يونيو 2014.

واردف بالقول “التحالف الدولي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”. هذا التحالف الذي جمعته الولايات المتحدة هو كتلة تتألف من 79 عضوا وتشمل العراق و73 دولة أخرى وخمس منظمات دولية (هي “جامعة الدول العربية” و”تجمّع دول الساحل والصحراء” و”الاتحاد الأوروبي” و”الإنتربول” و”منظمة حلف شمال الأطلسي”). ويضم التحالف الدولي أغلبية دول “مجموعة العشرين” (12 دولة). كما يضم ثماني وثلاثين دولة أوروبية بالإضافة إلى تركيا، و13 دولة أفريقية، وعشر أمم آسيوية، وتسعة بلدان عربية (بما فيها المملكة العربية السعودية وكافة دول الخليج الأخرى)”.

ونوه الى ان “قوة المهام المشتركة ـ عملية العزم الصلب (‘عملية الحل المتأصل’)”. “قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب” هي الشريك العسكري الأساسي للعراق في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وهي قوة مهام عسكرية بقيادة الولايات المتحدة تشمل ستة عشر بلدا، هي الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والبرتغال والدنمارك والسويد والنرويج وهولندا، بالإضافة إلى تركيا والأردن والمغرب. كان العراق معزولا دبلوماسيا واقتصاديا قبل “قوة المهام المشتركة”، وسيعود إلى هذه الحالة إذا لم تعُد قوات التحالف “معنية في اللعبة”

ومضى بالقول ان منذ عام 2014، شهد العراق حشد أقوى الأمم والقوات العسكرية والاقتصادات في العالم لضمان بقاء الدولة العراقية. وبمساندة الجهد الذي بذله التحالف، مع الدعم القوي من أعضاء “مجموعة العشرين” في التحالف (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا وكندا وأستراليا والسعودية وتركيا و”الاتحاد الأوروبي”)، أمّن العراق ترتيبا احتياطيّا قيمته 5.38 مليار دولار من “صندوق النقد الدولي” وتم التعهد بمبلغ 30 مليار دولار في “مؤتمر إعادة إعمار العراق” الذي نظّمه أعضاء التحالف في الكويت في شباط/فبراير 2018.

من كان يهمّه العراق، قبل عام 2014 وبعده؟

وذكر الكاتب لا يرجع التركيز الدولي غير المسبوق على بقاء العراق واستقراره وازدهاره إلى نوعٍ من لحظة إدراك اختبرها قادة أكبر دول العالم التي يشكّل العراق شريكا حيويا لها. فلم يأبه تقريبا أي من الشركاء الحاليين في “قوة المهام المشتركة” بالعراق على الإطلاق في الفترة بين 2003 و2011، عندما واجهت البلاد محنة رهيبة مماثلة. وما أدى إلى هذا التزايد الهائل في الالتزام العالمي هو الانتشار الفعلي على أرض العراق للقوات العسكرية التابعة لمجموعة من الدول الأوروبية ودول “الناتو” بموجب “قوة المهام المشتركة ـ عملية العزم الصلب”. فأصبح كل من المساهمين في قوة التحالف ـ وما زال ـ معنيا جدا بالعراق.

وبحسب الكاتب فانه يشكّل قيام بعض القوى العظمى الصناعية مثل ألمانيا وكندا والنرويج والسويد وهولندا بنشر جنودها وجندياتها في العراق رمزا من الرموز القوية. فقبل “قوة المهام المشتركة”، لم يكن أي من دول “مجموعة العشرين”، أو الاقتصادات العشرين الكبرى اللاحقة بعدها، يأبه بالعراق. وبعد تأسيس “قوة المهام المشتركة”، عزمت أغلبية مجموعة العشرين والاقتصادات الأوروبية على الالتزام ببقاء العراق واستقراره وازدهاره. وهذا ليس من قبيل الصدفة.

واشار الى انه إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد من الأدلة ـ فيما عدا 69 قتيلا من [قوات] التحالف، و28 فرقة عراقية مدرَّبة، وآلاف الغارات الجوية، ومليارات الدولارات من الدعم الأمني ـ فإن إحدى الطرق البسيطة لإثبات هذا النشاط هي تعداد كافة الزيارات التي قام بها رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والدفاع إلى العراق في السنتين والنصف اللتين سبقتا عملية نشر “قوة المهام المشتركة” والزيارات في السنوات التي تلت هذه العملية، فبالنسبة إلى قادة الغرب، تشكل زيارة العراق (مثل الزيارة الأخيرة لملك إسبانيا) استثمارا كبيرا للوقت والجهد والنفقات والتخطيط الأمني. لذلك، تدل هذه الزيارات على الالتزام بمستقبل العراق. ويُظهر الرسم البياني أدناه الاتجاه الرئيسي، وهو الارتباط القوي بين الاهتمام الدولي بالعراق وعلاقته بتواجد “قوة المهام المشتركة”:

وقال ايضا إن الاتجاه واضح وضوح الشمس: فمعظم البلدان الأوروبية ودول “الناتو” لم تفكر كثيرا في العراق إلى أن تعرّض جنودها للخطر في تلك البلاد. ومنذ تشكيل “قوة المهام المشتركة”، أصبحت هذه الدول ملتزمة إلى حد كبير بمستقبل العراق.

واضاف انه في المقابل، استمرت البلدان التي لم تنضم إلى “قوة المهام المشتركة” ولم ترسل جنودها إلى العراق ـ بما فيها ثمانية بلدان من “مجموعة العشرين” ـ في معاملة هذا البلد كأولوية غير مهمة.

وتابع بالقول انه في الأشهر الـ 54 التي شملها استطلاع [خاص] بعد سقوط الموصل، لم تَقُم الدول الأعضاء في مجموعة العشرين من خارج “قوة المهام المشتركة” إلا بـ “ثلاث” زيارات رفيعة المستوى إلى العراق، مقابل “84”زيارة مشابهة قامت بها الدول الشريكة في “قوة المهام المشتركة”. ولم يصوّت أصدقاء العراق بواسطة أحذية جنودهم فحسب، بل أيضا بواسطة أقدام قادتهم.

كيفية الحفاظ على التعاون بين العراق و”قوة المهام المشتركة”

وراى نايتس ان الحكومة الأميركية تحتاج إلى حشد شركاء “قوة المهام المشتركة” و”التحالف الدولي ضد تنظيم داعش” لضمان أن يكون لحكومة العراق تقدير واضح لعدد من الحقائق المهمة كالآتي:

واكد ان العراق بحاجة إلى الدعم المستمر من “قوة المهام المشتركة”. أصبح الجيش العراقي الآن أفضل بكثير مما كان عليه عند سقوط الموصل في حزيران/يونيو 2014، بوجود كادر قيادي غير مسيّس. ومع ذلك، تبقى القوات العسكرية العراقية و”قوات الحشد الشعبي” غير مهيأة بشكل مؤسف وتفتقر إلى الموارد البشرية والتدريبات والمعدات المناسبة للتخلص من التمرد الجديد لتنظيم “الدولة الإسلامية” في نينوى وكركوك وديالى.

ولفت الكاتب الى انه ستبقى “قوة المهام المشتركة” موحّدة. ستسعى بعض الفصائل المعادية لأميركا إلى إبعاد الولايات المتحدة (والمملكة المتحدة) عن الشركاء الآخرين في “قوة المهام المشتركة”، على أمل إضعاف تدخل الولايات المتحدة في العملية من دون فقدان الدعم الأوروبي. لكن في الواقع، هناك أسباب وجيهة للغاية وراء تولي واشنطن قيادة التحالف: فالولايات المتحدة توفّر معظم الدعم اللوجستي والأصول الاستخباراتية والأصول الجوية والأموال، ولن تكون بعثة “قوة المهام المشتركة” في العراق (و”بعثة التدريب التابعة للناتو” في العراق) ممكنة، لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد اللوجستي بدون الولايات المتحدة. ويعني ذلك أن كامل بنية “قوة المهام المشتركة” ـ وليس فقط القوات الأميركية ـ قد تنهار مثل بيت من ورق، وتُجرّد العراق من كامل الدعم، إذا احتدم جدل ما حول التواجد الأميركي وأثار قرارا بالانسحاب في “المكتب البيضاوي”.

وخلص الكاتب الى انه من دون “قوة المهام المشتركة”، سيشهد العراق تدهورا في علاقاته الدولية. كما يشير الرسم البياني أعلاه، كان العراق معزولا دبلوماسيا واقتصاديا ـ إذ عانى من الإهمال وغياب الدعم ـ قبل “قوة المهام المشتركة”، وسيعود إلى هذه الحالة إذا لم تعُد قوات التحالف “معنية في اللعبة”. فالشراكة العسكرية الخاصة بـ”قوة المهام المشتركة” هي منبع العديد من العلاقات الدبلوماسية الجديدة ـ والهشة ـ بالنسبة للعراق.

واختتم الكاتب مقاله بالقول على حكومة الولايات المتحدة ضمان قيام كل شريك في التحالف ـ ولا سيما كل مساهم في “قوة المهام المشتركة” ـ بإبلاغ النقاط المذكورة أعلاه بوضوح إلى الحكومة العراقية. وقد يساعد هذا الشكل اللطيف من الأسلوب قادة العراق على إدراك جدية اللحظة الراهنة ويشدّد على الرابط الوثيق بين الدعم الدولي للعراق ـ السياسي والاقتصادي والعسكري أيضا ـ واستمرار بعثة “قوة المهام المشتركة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here