العراق يتسلّم 1500 داعشي كانوا محتجزين لدى قوة سوريّة

بغداد/ وائل نعمة

في وقت ترفض فيه الدول الأوروبية تسلّم “دواعشها” المحتجزين في سوريا، يبدو أن العراق تطوع للقيام بذلك الدور رغبة في محاكمتهم في بغداد، وإلا سيقوم ترامب بتنفيذ وعده وتسريحهم بدون ضوابط، كما صرح بذلك مؤخراً.
نحو 1500 عنصر من “داعش” هو الرقم التقديري النهائي الذي سيستلمه العراق من قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ”قسد” خلال الايام القليلة المقبلة، ولا يعرف بالضبط ما إذا كانوا جميعهم عراقيين.
إلى جانب ذلك يتوقع أن يستقبل العراق آلاف العوائل التي كانت قد غادرت البلاد في سنوات سيطرة التنظيم على المحافظات الغربية والشمالية، وأغلبهم من عوائل المسلحين.
وحتى الآن لم يصدر عن الحكومة العراقية أي تصريحات رسمية بهذا الخصوص، سوى ما قاله رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الاسبوع الماضي، بأن بلاده “معنية بما يجري في سوريا”. وعلى وفق مصدر أمني مطلع تحدث لـ(المدى) وطلب عدم نشر اسمه إن “العراق تسلم أمس 230 داعشياً من قوات سوريا الديمقراطية وقبل ذلك بيومين كان قد تسلم 150 مسلحاً”، مبيناً أن العدد في تزايد لأن المعارك في سوريا مازالت مستمرة.
ويقدر المصدر أن العدد المتبقي من المسلحين الذين ستتسلمهم بغداد في الايام المقبلة هو “1000 داعشي”، فيما أكد أن كل العناصر التي تم تسلمها هم من جنسيات عراقية، ومن محافظات الانبار، صلاح الدين، ديالى، كركوك، ونينوى.

سجال ترامب وأوروبا
ويثير ذلك العدد الكبير الشك فيما لو كان بالفعل كل المعتقلين هم من جنسية سوريّة خصوصا مع تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، التي دعا فيها بريطانيا وألمانيا وفرنسا الى استعادة أكثر من 800 مقاتل في تنظيم داعش اعتقلوا في سوريا لمحاكمتهم.
وساد جدل خلال الايام الماضية بين ترامب والاوروبيين حول تسليم عناصر التنظيم المنهزمين في سوريا.
وقالت وزارة الداخلية الألمانية، مؤخرا، إن “العراق أبدى اهتماما بمحاكمة بعض مقاتلي التنظيم من ألمانيا ومبدئيا كل المواطنين الألمان ومن يشتبه بأنه قاتل إلى جانب ما يسمى بتنظيم داعش له الحق في العودة”.
ولكنها أضافت أن ذلك مشروط بـ”السماح لمسؤولين من القنصلية بزيارة المشتبه بهم”. وبينت انه “في سوريا لا يمكن للحكومة الألمانية ضمان الواجبات القانونية والقنصلية التي يتعين القيام بها تجاه المواطنين الألمان المسجونين بسبب الصراع المسلح هناك”.
وتقول السلطات الألمانية إن نحو 1050 شخصا سافروا من ألمانيا إلى سوريا والعراق منذ 2013 وقد عاد ثلثهم تقريبا بالفعل إلى ألمانيا.
بالمقابل أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه يوم الإثنين الماضي، أن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حلفاء أوروبيين بشأن استعادة مئات من مقاتلي “داعش” من سوريا، وأنها ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ “كل حالة على حدة”.
وقالت بيلوبيه: “هناك وضع جيوسياسي جديد في ظل الانسحاب الأمريكي.. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي.. لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب ترامب”.
وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة المقاتلين وزوجاتهم، ووصفهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان بـ”أعداء” الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق. وهدد ترامب في سلسلة تغريدات أطلقها مؤخرا أن القوات الاميركية ستضطر الى إطلاق سراح مسلحي داعش “في حال رفضت تلك الدول تسلمهم”، محذرا من أن ذلك سيكون خيارا سيئا سيقود الى تسلل هؤلاء المقاتلين الى أوروبا.
منطقياً يبدو أن أكثر الدول التي ستتأثر بتهديدات ترامب بتسريح المسلحين هو العراق، بسبب قربه من موقع الاحتجاز في سوريا، بالاضافة الى أن أغلبهم (الدواعش) كانوا متواجدين في العراق خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويقول عباس صروط، عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان لـ(المدى) انه “بحسب التصريحات الامريكية يجب ان تتسلّم كل دولة مواطنيها التابعين لتنظيم داعش”، مضيفا “في حال رفضت تلك الدول فسيكون من الجيد أن يحاكم العراق كل داعشي كان له نشاط داخل بلدنا لأنه أكثر المتضررين من أفعال التنظيم”.

الخوف من تكرار سيناريو أبو غريب
ونهاية العام الماضي أعلن مجلس القضاء الأعلى، أن أعداد المتهمين بالانتماء الى تنظيم داعش من الاجانب الذين تمت محاكمتهم بلغ (508) صدرت بحقهم أحكام على وفق قانون مكافحة الإرهاب بعد إثبات صلتهم بالتنظيم.
ويثير احتجاز المسلحين الخطرين في العراق، الخوف من تكرار سيناريو ما حدث في 2013 حين هرب أكثر من 1000 عنصر من “القاعدة” من سجني أبو غريب والتاجي، الذي مهد لاحقاً لظهور تنيظم داعش.
ويزداد الخوف مع معلومات عن نية العراق استقبال 50 ألف لاجئ سوري، كما صرحت به رئاسة الوزراء في الاسبوع الماضي، دون إعطاء تفاصيل واضحة. كذلك يقول المصدر الامني إن “هناك أكثر من 2000 عائلة عراقية، أغلبهم من أسر داعش، تستعد للانتقال من سوريا الى العراق”، مبيناً أنهم سيسكنون في مخيمات النزوح في عدد من المحافظات.
يوم الخميس الماضي، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، أن عودة النازحين العراقيين في سوريا تتم بإشرافها. واضافت بأنها “تتابع تطور الأحداث في المنطقة الحدودية وتداعياتها الأمنية المحتملة على الوضع الأمني الداخلي للعراق”.
وأكدت العمليات في بيان لها “استنفار مواردها العسكرية كافة في هذه المنطقة من خلال الرصد والمراقبة لمواجهة كل التداعيات المحتملة لمنع تسلل العناصر الإرهابية بشكل منفرد وصد أي تعرض على القوات المرابطة”.
من جهته قال النائب عباس صروط انه “من واجب العراق إعادة مواطنيه بعد التأكد من سلامة موقفهم الامني”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here