مشكلة اللادولة في العراق!

علاء كرم الله

لم يؤد الاجتياح الأمريكي للعراق في 9/4/2003 الى سقوط النظام السابق فحسب بل أدى الى تدمير دولة كاملة بكل كيانها السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والحضاري بعد أن فتحت الحدود وأستبيح العراق بشرا وحجرا.

وعلى الرغم من مرور أكثر من (15) عام على ذلك الحدث الكبير والرهيب وتعاقب خمسة حكومات على أدارة البلاد وعودة غالبية مؤوسسات الدوله العسكرية منها والمدنيه وانشاء الدستور وانتخاب البرلمان واصدار الكثير من القرارات والقوانين وكذلك الانفتاح السياسي للعراق على محيطه الاقليمي والعربي منه تحديدا والاستقرار النسبي للحالة الامنية نقول على الرغم من كل ذلك الا ان العراق الجديد كدولة أعيد تأسيسها لم يسترد عافيته بعد.

فلازالت هيبة الدولة ضعيفة بعيون الناس وقد كان للتطبيق الخاطيء (للدمقراطية والفدرالية)! بأعتبارها الاساس الذي يقوم عليه النظام السياسي الجديد في العراق اثره الواضح في ذلك، حيث برزت الكثير من القوى التي صارت تنازع الحكومة السلطه وفرض الهيمنة والقوة على الشارع العراقي.

أن ما حدث في العراق من فراغ سياسي وأمني بعد سقوط النظام السابق وغياب صورة الدوله بشكلها المركزي والتي جبل عليها الشعب العراقي منذ تأسيس دولته عام 1921 دفع بالكثير من المواطنين الى الاستقواء بعشائرهم وطوائفهم الدينيه وقومياتهم لتكون ملاذا امنا ومصدر قوة لهم.

ولقد اشرت آنفا بأنه على الرغم من مرور اكثر من 15 عام على أعادة تأسيس نواة دولة العراق الجديد الا ان المواطن العراقي ظل متمسكا بهويته العشائرية والطائفية والقومية بسبب ما يراه من ضعف الحكومه وقراراتها وغياب سلطة القانون وكثرة مراكز القوى المتعدده داخل الدوله.

فغالبية العراقيين لديهم شعور بأن العراق الجديد لا تحكمه سلطة الحكومة وقوانينها وقواتها المسلحه وأجهزتها الامنيه وهو الذي يفترض ان يكون، بل هناك الكثير من القوى الاخرى التي تنازعها وتنافسها القوه والسيطره على الشارع العراقي.

فالمرجعيات الدينيه بأختلاف مذاهبها والعشائر العراقية والفصائل المسلحة التابعة لبعض الاحزاب السياسيه القوية والعصابات والمافيات المنظمة والتنظيمات الارهابية بخلاياها النائمة منها والعاملة وقوات الصحوة وحتى حمايات المسؤلين كل هؤلاء يمثلون مراكز قوى مؤثره في الشارع العراقي.

أضافه الى الشركات الامنية الخاصة لحماية المسؤلين سواء كان من الاميركان او غيرهم وغالبية هؤلاء من المرتزقة ومن جنسيات عالمية مختلفة.

وكذلك وجود القوات الاميركية وسفارتها التي تمثل مركز الثقل الأكبر والاقوى لكونها لازالت صاحبة الحل والعقد في الشأن العراقي!. كل هذه القوى بمختلف توجهاتها وغاياتها واهدافها عكست صوره مشوهة لا لضعف الحكومة فقط بل لفقدان هيبة الدولة بشكل عام.

أن غالبية العراقيين يشعرون الان بشيء من الأسى والخوف بأن هناك أكثر من دولة داخل الدولة العراقية. فمتى تنتهي مشكلة اللادولة في العراق؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here