دعس وعدس!!

دعسَ يَدعسُ دعسا فهو داعس والمفعول مدعوس.

دعسه: داسه دوسا شديدا

دعسته سيارة: داست عليه فقتلته

مَداعيس جمع مدعاس وهو طريق وطئه المارة كثيرا فذللوه.

ويمكن إشتقاق العديد من الكلمات من هذا الجذر (دعس) , والدعس سياسة وآلية للسيطرة على الناس , ولا يعني دعسا ماديا وحسب , وإنما نفسيا وسلوكيا , إذ يمكن دعس النفس البشرية وسحقها وإذلالها وقتلها وتدميرها.

وآليات الدعس النفسي لا تحصى ولا تعد , وتعيش تحت وطأتها العديد من المجتمعات التي أصابها الإذلال والهوان , وخيمت على وجودها التبعية وإستسلمت للخضوع والخنوع وتعطيل العقل , ومحق الإرادة , وإتخاذ التوسل والهوان سبيلا للبقاء.

ويمكن دعس النفس البشرية بالطعام أيا كان نوعه , وذلك برهنها بالحاجات وحصرها في زوايا حرمانية قاتلة , ومن ثم توزيع نوع من الطعام عليها لإرضاء جوعها وبعض حاجتها , ويُقرن هذا العطاء بما يساهم في إخناعها من الأفكار والشعارات.

وقد مورس الدعس النفسي في الإتحاد السوفياتي أبان الحقبة الإستالينية , التي تم فيها إقران الطعام وتلبية حاجات الجوع بالشعارات والأفكار الماركسية , وبواسطة الدعس النفسي تم تدجين الناس وزرع الأفكار الماركسية في عقولهم ونفوسهم , بآليات إقرانية شديدة معتمدة على نظريات بافلوف التي تحكمت بالسلوك البشري وإستعبدت الناس.

ويبدو أن بعض المجتمعات في المنطقة أخذت بهذه الأساليب , ووجدت في الطعام وسيلة سهلة للوصول إلى التخنيع النفسي , والسحق المنظم للإرادات وإستعباد الناس عن طريق الأفواه , وعندما تأمَّلتْ كلمة ” دعس” تلاعبت بترتيب حروفها , وإتخذت من ذلك آلية للقبض على مصير الناس وصيدهم من الأفواه التي تريد الطعام , ووجدت في أهم أنواع الطعام في شهر الصيام الوسيلة المثلى للإمتلاك والإمتهان.

وهذا أسلوب حكم ظالم وإعتداء سافر على قيمة الإنسان وحقوقه الطبيعية المسطورة في لوائح حقوق الإنسان , ووسيلة لإشغال الناس بموضوعات وحاجات تبعدها عما تقوم به الحكومة وينتهجه نظامها , ويمارسه أعضاؤها من نشاطات فردية لتأمين المصالح الشخصية والإستثمار في الفساد , وتجاهل الخطط اللازمة لبناء الوطن وتلبية حاجات المواطن , ووضع رؤية لخطة خمسية أو غيرها تكفل الرقاء وتنمية الإقتدار.

فتداعسوا وتحولوا إلى مداعيس تدوسكم أقدام الكراسي , وتذللكم الويلات والتداعيات , التي تنتجها تيارات فئوية وطائفية ذات أجندات إقليمية وعالمية , والكرسي لا ينسى المدعوسين , وسيملأ أفواههم بالعدس الثمين!!

وإن الدعس مذهب المسيطرين على مصير المواطنين!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here