نقل 70% من صلاحيات الحكومة الاتحادية إلى المحافظات المحرَّرة

بغداد/محمد صباح

استكملت أربع وزارات نقل صلاحياتها بشكل كامل إلى محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى استناداً إلى التعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة 2008، فيما يعرقل القانون ذاته استكمال نقل صلاحيات وزارتي التريبة والصحة.

ويقول أمين عام اللجنة العليا للتنسيق بين المحافظات في مجلس الوزراء طورهان المفتي في حديث مع (المدى) إن “عملية نقل الصلاحيات مستمرة بصورة تدريجية من الوزارات الاتحادية المشمولة بقانون رقم (21) المعدل إلى المحافظات المحررة من سيطرة تنظيمات داعش، حيث وصلت عملية النقل إلى ما نسبته 70% أسوة بالمدن والمحافظات الأخرى”.
ويوضح المفتي أن “هناك أربع وزارات استكملت نقل صلاحياتها إلى المحافظات الغريبة (الأنبار وصلاح الدين ونينوى) بشكل كامل” من دون أن يذكرها، مؤكدا أن “محافظات الوسط والجنوب استكملت نقل صلاحياتها من الوزارات ما نسبته 100%”.
وأقر مجلس النواب السابق في الرابع عشر من شهر كانون الثاني من العام 2018 التعديل الثالث لقانون المحافظات غير منتظمة بإقليم بمقتضاه منح المحافظين تفويضاً في تحريك القطعات العسكرية داخل حدود محافظاتهم في حال حصول اضطرابات تهدد الأمن في المحافظة.
ويلفت المفتي إلى أن “هناك مشكلة قانونية وردت في التعديل الثالث لقانون نقل الصلاحيات للمحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 تتمثل في استثناء وزارتي التريبة والصحة في نقل صلاحياتهما للمحافظات مما أثر على نقل صلاحياتهما للمدن الغريبة”.
ويعزو المسؤول الحكومي تأخر وزارة البلديات والإعمار والإسكان في نقل الصلاحيات الى دوائرها في محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى الى “الروتين المتبع في عملية نقل الصلاحيات”، مشددا على ان “الحكومة تفكر في استكمال نقل الصلاحيات لكل الوزارات ثم تتفرغ للبحث عن حل لمشكلة التريبة والصحة”.
ويكذب المسؤول في الحكومة الحديث عن “تراجع وزارتي الصحة والتريبة وسحب صلاحياتها التي منحت للمحافظات قبل تصويت مجلس النواب على التعديل الاخير”، لافتا إلى أن “التريبة والصحة طالبتا في سحب صلاحياتهما لكنها لم تتم”.
ويوضح أن التعديل الثالث لم ينص على كلمة “الأثر الرجعي” بل منح حق نقل الصلاحيات لهاتين الوزارتين (التريبة والصحة) إلى مجلس الوزراء فهو من يقرر موعد نقل الصلاحيات، مؤكدا أن “من المستحيل التراجع عن آلية تطبيق القانون التي نفذت في الفترات السابقة”.
ويبين أمين عام اللجنة العليا للتنسيق بين المحافظات في مجلس الوزراء أن “هناك من يتحجج بوجود قرار من مجلس شورى الدولة في إرجاع الصلاحيات من المحافظات إلى هاتين الوزارتين، الذي استند إلى المادة سادسا من القانون التي هي فقرة استيضاحية غير ملزمة لأي طرف”، منوهاً إلى ان “في حال الاعتماد على المادة الرابعة من قانون مجلس شورى الدولة في البت والفصل بهذه المشكلة ستكون ملزمة لجميع الأطراف”.
ويمنح باب اختصاصات مجلس شورى الدولة المجلس، بالتقنين وإبداء الرأي في الأمور القانونية للدولة والقطاع الاشتراكي في ضوء السياسة التشريعية للدولة في مرحلة البناء الاشتراكي وتكون أعمال المجلس سرية في حين تنص المادة (6) على ممارسة المجلس في مجال الرأي والمشورة القانونية.
ويشير طورهان المفتي إلى ان “قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 قطع الشك باليقين عندما خصص أموالاً لدوائر الصحة والتريبة باعتبارها مؤسسات تابعة للمحافظات، وكذلك منح القانون صلاحيات لوزير المالية بنقل الدوائر من الوزارات الى المحافظات”.
ويرى المفتي أن “استمرار التجاذبات بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية أمر طبيعي في الأنظمة اللامركزية”، معتبرا أن “هذه التجاذبات ليست عاملا سيئا في ظل نقل الملاكات الوظيفية والصلاحيات المالية والإدارية وفك ارتباطها من الوزارات الاتحادية للحكومات المحلية”.
ويضيف ان “الانتقال من مرحلة إلى أخرى يتطلب وجود منطقة وسطية يكون فيها التجاذب بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية”. ويبين ان “الحكومة الاتحادية بدأت بالانتقال إلى نظام اللامركزية منذ العام 2010 لكن التطبيق الفعلي للعمل بهذا النظام كان في العام 2015 بعد استيعاب الكل لهذا النظام”.
وتشرف الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات المؤسسة على وفق قانون رقم (21) على عملية نقل الصلاحيات بين الوزارات والمحافظات.
وشرعت الحكومة الاتحادية بإعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات غير المنتظمة بإقليم بعد إقرار قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 لنقل تلك الصلاحيات التي شملت 8 وزارات (البلديات والأشغال العامة، والإعمار والإسكان، والعمل والشؤون الاجتماعية، والتربية، والصحة، والزراعة، والمالية، والرياضة والشباب) للمحافظات.
من جانبه يرى عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب صائب خدر أن “نقل الصلاحيات أُسيء استخدامها من قبل الحكومات المحلية ولم تقدم أي شيء رغم ان الدستور العراقي مبني على نظام اللامركزية الإدارية”، معتبرا أن “نقل الصلاحيات لم يأت بأطر صحيحة”.
ويضيف خدر في تصريح لـ(المدى) أن “هناك احتكاكا في موضوعة التعيينات من قبل الحكومات المحلية والتفرد في اتخاذ الكثير من القرارات دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية من خلال عدم استخدام نصوص القانون بالشكل الصحيح”.
ويلفت إلى أن “الحكومات المحلية تجاوزت حتى على صلاحيات الحكومة الاتحادية مما جعلت المحافظ بمثابة رئيس مجلس الوزراء”، معتقدا أن “نقل الصلاحيات يجب ان بكون بأطر محدودة وعلى شكل جرعات”.
في هذه الأثناء يعلق عضو لجنة الإقليم والمحافظات في البرلمان السابق محمود رضا قائلاً إن “المشكلة التي وردت في التعديل الثالث في الدورة السابقة هي استثناء وزارتي التريبة والصحة في نقل صلاحياتهما للمحافظات”.
ويوضح رضا في تصريح لـ(المدى) قائلاً “هناك حراك برلماني تقوده بعض الكتل الكبيرة للعودة الى النظام المركزي والتراجع عن اللامركزية”، لافتا إلى ان “عملية نقل الصلاحيات للمحافظات صاحبها فشل كبير للحكومات المحلية بعد انتشار الفساد المالي والإداري والتداخل في الصلاحيات”.
ويعتقد السياسي العراقي أن “من الطبيعي وجود فشل في التجربة الوليدة في العراق والتحول للنظام اللامركزي”، لافتا إلى أن “النظام اللامركزي يفرض على مجالس المحافظات ان تكون رقيبا قويا على السلطة التنفيذية المحلية لا أن تتدخل في عملها وصلاحياتها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here