الأوطان إرادات بشرية!!

أرض الله الواسعة لم يكن فيها دول ولا أوطان , وإنما مجتمعات بشرية تكاثرت وتوزعت في ربوعها , وأسست لوجودها الكياني الإجتماعي , وتوطنت بقعة ما وإلتزمتها أو وضعت يدها عليها باللزمة , كما تفعل الأسود والقرود وباقي الحيوانات , التي تتخذ لها أذوادا ومواضع للعيش والبقاء.

وأوطان الأرض ودولها وبلا إستثناء تأسست وفقا لإرادات بشرية صرفة , فلم تكن موجودة قبل وجود الإرادة الجماعية المتفاعلة , وهي خيارات عملت على تأكيدها مجموعات بشرية وجدت أن مصالحها المشتركة تقتضي أن يكون لها كيان وطني , ودولة ذات حدود تحميها وتحافظ عليها وتصونها.

فالدولة أو الوطن كالبيت الذي يحمي مَن فيه , ولا يُعرف لماذا تثار ألف علامة إستفهام حول تأسيس وإنشاء الدول العربية , وكأنها ليست كذلك ولا هي بأوطان.

فالعلة ليست في الدول والأوطان , وإنما في العمل المتواصل على تغييب الإرادة الوطنية وتفتيتها , وتحويل البشر إلى مجاميع وفئات تعادي بعضها وتسعى لمحق وجودها , ومصادرة هويتها الجامعة وبذلك تنتفي الحاجة لدولة ووطن , ويكون التهجير مصيرها والتيهان في مجتمعات الدنيا نهايتها , لتصل إلى حيث يتحقق التذويب والإنتفاء الصارم.

ويبدو أن هذه السياسية التي تهدف لخلع مفهوم الوطن والدولة من وعي الناس , هي التي يتم تسويقها لكي يتحقق مصادرة البشر وما يمت بصلة إليهم من الحضارة والتراث والثروات , لأن وطنهم ليس بوطن ودولتهم ليست بدولة , وأنهم فئات ومجاميع بلا عرين أو عش يكفل لهم العيش والبقاء والنماء.

وتلك حرب رهيبة يتأكد شنها على العرب وبواسطة العرب أنفسهم , الذين يتوهمون بأنهم يفكرون ويكتبون ويبدعون , وما هم إلا يصوبون فوهات أقلامهم نحو ذاتهم وموضوعهم , وكأنهم في غياهب الضلال والتبهيم يتفيئون.

فلابد من وعي حقيقة الدولة والوطن , والعمل على تأكيد أهميتهما ودورهما في الحفاظ على القوة والحياة الحرة العزيزة الصالحة.

فلماذا ننفي وجود دولنا وأوطاننا , وما تساءلنا كيف أقيمت الدول والأوطان الأخرى؟

وهل من يقظة ووعي وطني وإدراك مصيري؟!!

د. صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here