المفتش المحتال في بغداد !

بقلم مهدي قاسم

بينما كنتُ أقرأ خبر اعتذار اتحاد الفروسية العراقي عن
الاشتراك في بطولة أمم آسيا للفروسية لعدم امتلاكه أحصنة للسباق على الرغم من وجود قائمة صرف و نفقات طويلة و عريضة تتضمن ميزانية سنوية للاتحاد تبلغ مئات ملايين ، من ضمنها الصرف على تبن بعشرات ملايين دنانير، كعلف لأحصنة غير موجودة أصلا !!، أقول بينما كنتُ أقرأ
هذا الخبر خطرت على بالي مسرحية ” المفتش العام ” للكاتب الروسي العظيم نيقولاي غوغول الذي فضح من خلالها مظاهر الفساد المستشرية و المتغلغلة عميقا في مفاصل المجتمع في روسيا القيصرية حينذاك ، وهي تجسد نصابا يتقمص شخصية ” المفتش العام ” المبعوث من قبل السلطات العليا
لزيارة إحدى المقاطعات حيث يسرع إليه حاكم المقاطعة و رئيس الشرطة وقاضي القضاة و باقي الوجهاء يتملقون له مقدمين شتى أنواع الرشاوى لكس حظوته و ستر فسادهم . والآن نلاحظ نفس المظاهر الإخطبوطية للفساد تدب زاحفة في مفاصل المجتمع العراقي ، كخلايا سرطانية واسعة و
سريعة الانتشار ، بدأت من ” القمة ” أي من الرؤوس المتعفنة بالفساد و الانحطاط القيمي والضميري لزعماء وقادة المافيات السياسية المتسلطة على مصير العراق ، و الذين بدورهم قد تحولوا إلى ظاهرة سلبية ومضرة ، بل و خطيرة جدا ، لكونهم / كنماذج فساد سافرة و صلفة ، قد
أصبحوا بمثابة تشجيع وتحفيز لمسؤولين و فئات أخرى من المجتمع العاملين في مؤسسات ودوائر الدولة و غيرها ليحذوا حذو هؤلاء القادة و الزعماء و الساسة المتنفذين لغرض الانخراط في مظاهر الفساد واستغلال السلطة و المناصب ، بغية الاختلاس و السرقة بهدف الإثراء السريع ،
سيما ، بعدما أخذ قسم من هؤلاء الزعماء و القادة و الساسة المتنفذين باتهام بعضهم بعضا علنا بالسرقة والفساد و اعتراف بعضهم الآخر بأخذ الرشاوى و العمولات أو تقسيم الكعكعات ، طبعا ، دون أن تترتب على ذلك عملية تحريك أية قضية جنائية جدية و حاسمة بحق أي واحد من هؤلاء
القادة و الساسة والمسؤولين الفاسدين ومقاضاتهم على أساس” أدينك من لسانك ” ، و عندما رأى مسؤولون وموظفون أقل درجة وظيفية بأن مسؤولين كبارا و ساسة متنفذين يسرقون ويختلسون ، و علاوة على ذلك، يعترفون بذلك بحق أنفسهم أو ضد أقرانهم أمام الملأ وعلنا ، دون أن تترتب
على ذلك أية مساءلة أومحاسبة جنائية أو قضائية عقابية ، فمن الطبيعي أن يتشجعوا هم أيضا و يمارسوا نفس الدور والنشاط على صعيد مظاهر الفساد المختلفة
..

و هكذا يتضح مما ورد أعلاه ، أن هؤلاء الساسة و القادة
الأوباش لم يكتفوا بممارسة الفساد فقط ، إنما تحولوا ــ بسبب ذلك ــ إلى ” نموذج و مثال ” و ليصبحوا قدوة بالنهاية لامتهان الفساد واللصوصية أمام باقي شرائح و فئات المجتمع وعلى نحو كل فرد حسب موقعه ووظيفته أو موقعه الحزبي المتنفذ أو شركته الوهمية أن يمارس الفساد
إذا أتُيحت له فرصة ما و أن يستغلها أبشع استغلال ..

وبتعبير آخر ومختصر : أن هؤلاء الزعماء و الساسة المتنفذين
قد قاموا بعملية تطبيع الفساد في العراق لتصبح أمرا عاديا مألوفا ومقبولا ، دون أن تترتب عليها أية محاسبة أو معاقبة .

فمن هنا يجب أن تكون عقوبة هؤلاء الساسة والزعماء مضاعفة
و رادعة جدا .

روابط ذات صلة :

* يجب اعدام الشهرستاني في ساحة التحرير و على رؤوس الاشهاد ، فقد قام هذا المجرم بِرَهْنِ العراق لمده 50 سنه !!!!!

Geplaatst door Ali Ali Al-shahayib op Zaterdag 23 februari 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here