أنا مواطن عراقي …. أنا أرفض

كثيرا ما أقول لنفسي وللكثيرين من إنني ” مواطن عراقي مع وقف التنفيذ”، أقولها كوني لم أستعد لليوم وثائقي الثبوتية التي صادرها منّي نظام البعث الفاشي بعد أن ألغى عراقيتي بقرار قرقوشي كوني كوردي فيلي. لكن عراقيتي مع وقف التنفيذ هذه لم تنجح في أن تجعل منّي بعيدا عن وطني وشعبي وهمومهما، بل على العكس فقد كانت دافعا لي ولازالت كي أعمل وأبذل الجهد مع كل الخيرين في هذا العراق المنكوب من أجل غد أفضل وأجمل أحلم به ويحلم به الطيبون من أبناء هذا البلد.

اليوم وأنا أرى بلدي يتحول الى خرائب تنعق فيها غربان الدين وشعبي الى مشروع موت، قررت أن أستغني عن هذه الجملة مرّة واحدة والى آخر عمري. ليس لأنني حصلت على ما يثبت عراقيتي في أوراق رسمية، بل لأنني أكتشفت أن الأوراق الرسمية التي تثبت عراقية الفرد ليست فيصلا في تحديد المواطنة من عدمها. اليوم إكتشفت أنّ الكثير ممّن يحمل جنسية هذا العراق المبتلى بحكم الإسلاميين، لا يمتّون لهذا الوطن بصلة، وعليه فليس من حقّهم منحي أو حرماني من حق المواطنة، كونهم وببساطة ليسو بعراقيين أصلا.

خمسون رأس مقطوعة لخمسين ملاك أيزيديّة، جعلتني وأنا أرى صمت الحكومة والأحزاب والمنظمات والمرجعيّات الدينية ومنها مرجعيّة السيستاني، وهي مشغولة بالصفقات والإمتيازات وبناء دولة العصابات بـ “قوانين نافذة” وفتاوى دينية، أن أعلن رفضي للأحزاب الدينية بقضّها وقضيضها وهي تعمل على نهب ثروات البلد وتطهيره دينيا. الرؤوس المقطوعة لتلك الأيزيديات الطاهرات والتي هي أطهر من شرف كل ساسة العراق وعمائمه، تجعلني أرفض وبقوّة سلطة الدين وأتهمها بقتل الأبرياء من أبناء شعبنا ومنهم كوكبة الإيزيديات اللواتي ذبحهنّ من سيعيش في ” سجون” من خمسة نجوم في عراق العمائم.

خمسون ذؤابة عليها آثار الدماء، لا تجعلني في أن أرفض كل ما يجري ببلدي من جرائم فقط ، بل تجعلني أن أكفر بكل شيء فيه، الا فقراءه وبؤسهم. خمسون وجه ملائكي عاش تلك اللحظات والسكين تنحرها، تجعلني أشّك بوجود عدالة في الأرض أو في السماء، وهذا لا يعني الا رفضي لوجود عدالة هنا وهناك. خمسون صرخة أيزيديّة، وهي تُسحب الى حيث الجزار لنحرها، تجعلني أن أرفض كل من يحكم هذا البلد ويدّعي إنتماءه له. مئة عين صافية وجميلة تحدّق قبل أن تُطفأ للأبد بعيون الجزارين وهي تشعر بالرعب الذي لا حدود له، لم تسأل الجزارين عن سبب ذبحها، لكنها كانت تتساءل عن ضمائرنا وهي تُنحر كما رؤوسها، إذن فعليّ رفض من لاضمير له من ساسة ومراجع دين.

هل لنا كرامة ونحن نعيش مأساة العهر الإسلامي وجرائمه ولا نعمل على تغييره؟ هل لنا كرامة ونحن نمرّ على جريمة بهذا الحجم وبهذه الوحشيّة ونحن نلوذ بالصمت؟ هل لنا كرامة ونحن نستقبل القتلة ونؤهلهم من جديد ليمارسوا هوايتهم في مكان آخر، لأن هناك من يؤمن بالتوازنات في ما تسمى بالعملية السياسية؟ هل لنا دين ونحن نذبح الأبرياء بآياته البيّنات؟ أليس من حقي وأنا أرى هذه الجريمة وغيرها المئات، أن أعلن رفضي لكل من هو غير عراقي في السلطة أو من يبايعهم؟ أليس من حقّي كما ” ماتفي” وهو يكتشف الإستغلال والنهب عند المؤسسة الدينية “الكنيسة”، في رائعة مكسيم غوركي ” إعترف أين الله”، ومعي كل الأيزيديات والأيزديين الطيبين وباقي مضطهدي شعبنا وهم يعيشون إستغلال ونهب وقتل الإسلاميين لهم ولوطنهم وأعلن رفضي لهم كمجرمي حرب، أن أتساءل: ” أين الله”؟

زكي رضا

الدنمارك

28/2/2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here