الوجود العسكري الأمريكي بين القبول العراقي و الرفض الأيراني

بعد الأنسحاب الأمريكي المتعجل بداعي استكمال السيادة الوطنية كما روج حينها من العراق و لم تكن وقتها القوات المسلحة العراقية قد اتمت عدتها و تدريبها و معداتها و لم تكن على قدر جيد من الجاهزية القتالية في دحر الغزاة و المعتدين و مع ذلك طلبت حكومة ( المالكي ) من القوات الأمريكية الأنسحاب و ترك البلاد غير مهتمة و لا مبالية او هو في نقص الخبرة و الدراية بأمور السياسة و موازين القوة العسكرية او هناك اوامر خارجية و بالتحديد من ( ايران ) بالطلب من ( المالكي ) في التعجيل بالأنسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية و ليس من الأهمية ان تتعرض السيادة الوطنية للخطر و البلاد للأحتلال كما حصل في الهجوم الداعشي المعروف و لم يكن بأستطاعة الجيش صد ذلك العدوان و دحر المعتدين .

خرجت القوات الأمريكية من العراق بعد ان اخلت قواعدها و معسكراتها و بعد ذلك بفترة ليست بالطويلة دخل عناصر تنظيم ( داعش ) و احتل و استولى على اراضي شاسعة و واسعة من الدولة العراقية في اخفاق مريع و فشل ذريع للحكومة العراقية القائمة حينها و التي لم تستطيع من توفير الحماية للبلاد و الذود عن الحدود و تركت واجباتها الأساسية التي يلزمها الدستور بها و ان لم يكن بأستطاعتها تنفيذ واجبتها و مهامها في الحفاظ على وحدة الدولة و أمن المواطنين و حماية الوطن من الأعداء و المتربصين فعليها التخلي عن الحكم و تقديم الأستقالة و فسح المجال امام طاقم حكومي آخر اكثر جدارة و مقدرة يكون بأمكانه توفير ما عجزت عن تقديمه حكومة المالكي .

قد لا يختلف اثنان في ان الحكم الذي اعقب سقوط النظام السابق في ذلك الأحتلال الأمريكي تغلب عليه الصبغة الأسلامية الموالية و بشكل كامل و تام لولاية الفقيه الأيرانية حتى وصل الأمر بهذه الأحزاب الأسلامية الى تلقي الأوامر المباشرة من الحكومة الأيرانية و التباهي بتنفيذها بشكل حرفي و دقيق حتى صاراعداء النظام الأيراني هم اعداء هذه الأحزاب الأسلامية الحاكمة و كذلك صار اصدقاء ( ايران ) هم اصدقائها و بما ان الحكومة الأيرانية ليست على وفاق مع الحكومة الأمريكية و تتبادلان الأتهامات و الأستفزازات فأن هذه الأحزاب و من موقع التبعية غير المشروطة للولي الفقيه و حكومته فقد وقفت الى جانب ايران و مصالح ايران اما المصالح الوطنية العراقية فأنها ليست في وارد اهتمام هذه الأحزاب الموالية للأجنبي .

بما ان الحكومة العراقية المعترف بها أمميآ هي وحدها من يحق له ان يقرر استدعاء قوات أجنبية للمساعدة اذا دعت الضرورة ذلك و هي وحدها من يقرر بقاء تلك القوات او رحيلها من البلاد و على هذه الحكومة مسؤولية حفظ وحدة البلاد و أمنها الخارجي و كذلك الأمن الداخلي و اعتبار التصريحات غير المسؤولة التي تصدر عن بعض قيادات ( الحشد الشعبي ) بشأن علاقات العراق مع الدول الأخرى او تلك التي تدعو الى اعلان الحرب على دولة ما او الدعوة لأخراج القوات الأمريكية من العراق ان تعتبر هذه التصريحات خروجآ فضآ على القانون و الذي يمنع جميع صنوف القوات المسلحة العراقية من التدخل في الشأن السياسي و بما ان فصائل ( الحشد الشعبي ) اعتبرت صنفآ من صنوف القوات المسلحة العراقية و تخضع لأوامر القائد العام فعلى قادتها الألتزام بتعليمات الحكومة العراقية بعدم الخوض في الشأن السياسي للدولة و اطلاق التصريحات و التهديدات الأستفزازية .

من المفروض ان الحكومة المركزية و القيادة العسكرية هم الأدرى و الأعرف بقدرات الجيش و القوات المسلحة العراقية و هم من يعلم مقدار الحاجة الى وجود قوات أجنبية صديقة للتعاون و المساعدة في درء العدوان و صد المعتدين و اذا كانت الحكومة السابقة ( نوري المالكي ) قد فرطت بالسيادة الوطنية و عرضت امن البلاد للخطر المحدق عندما طلبت من القوات الأمريكية الأسراع في الرحيل قبل الآوان ما اتاح الفرصة السانحة لبضعة مئات من المجرمين و قطاع الطرق ( داعش ) من أجتياح الأراضي العراقية و أحتلال عدة محافظات و مدن فعلى الحكومة الحالية ان لا تسمح بتكرار ذلك السيناريو القاتم عندما رضخت حكومة ( المالكي ) للأوامر الأيرانية المطالبة بأنسحاب القوات الأمريكية من العراق .

اذا كانت المصالح العراقية قد تلاقت مع المصالح الأمريكية في دحر التنظيمات الأرهابية ( القاعدة ) قديمآ و ( داعش ) حديثآ فأن ذلك يجعل من التعاون العراقي الأمريكي ذو اهمية و فعالية عظيمة في الحرب على الأرهاب و اعادة الأستقرار الى المنطقة التي يمثل العراق فيها موقعآ مهمآ و متميزآ اما اذا كانت المصالح الأيرانية تتعارض و تتصادم مع المصالح الأمريكية فهذا شأنهم و هم ( الأيرانيين ) احرار في رسم سياساتهم و لكن ليس بفرضها على دول المنطقة و أعتبار كل من لا يتماشى مع تلك التوجهات ضمن صفوف الأعداء و اذا كان العراق يرى من مصلحة شعبه و أمن وطنه في بقاء القوات الأمريكية او غيرها من القوات الأجنبية فعليه طلب ذلك و الا كانت الحكومة العراقية قد خانت الشعب و عرضت أمنه و مستقبله للخطر أرضاءآ و أسترضاءآ لجهات هي الأخرى أجنبية لها أجندات خاصة تعنيها فقط .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here