تعالیم بارزاني الخالد تزرع حب الوطن وحب الإنسانیة

تمر اليوم ذكرى رحیل الجنرال ملا مصطفی بارزاني، رائد و مؤسس مدرسة الكوردایتي، الذي جعل من الجبل صدیقاً لە و رسخ حیاته في سبیل حقوق شعبه و قارع بشکل میداني لأكثر من نصف قرن الظلم والإضطهاد التي مورست بحق شعبه وأمته الكوردستانية والإنسانية.

بارزاني الخالد کان صاحب فلسفة إنسانیة مبنیة علی الإیمان بالأخوة الإنسانیة، ینظر الی الإنسان کغایة في حد ذاته و یجعله بؤرة الإهتمام، بغض النظر الی إعتبارات أخری تتعلق بالجنس والدین أو النسب.

وفي غمرة نضاله کان دوماً یهدف بشكل عملي الی نشر مبادیء المحبة والسلام بین البشر، متفانیاً في الدعوة الی المثل العلیا والأخوة، معتبراً حبّ الوطن عقيدة، وإنتماء، وبوتقة عطاء، وتضحية، وفداء، وعلم، وإعتزاز بتراث وتاریخ.

نضال هذا القائد التاریخي المليء بتعالیم في الحب و الوطنیة و التسامح و المساواة و إحترام الغیر والمساواة والسعي في سبیل الحصول علی المعرفة، من أجل النهوض بالوطن و إیصاله الی المراتب العلیا في الرقي والتطور و حمایة بیئته، صار نهجاً ينير به درب الاجيال الى يومنا هذا.

لقد ساهم بارزاني الخالد في بلورة الوعي القومي لدى الشعب الكوردستاني في الأجزاء الكردستانية الأخری و تمکن بمشارکته الفعالة في ثورات الكورد ضد الطغاة الظالمین من تسطیر ملاحم بطولیة، لإعطاء الأجيال القادمة حقَّ الحلم بعالم تملؤه الحرية والكرامة.

أما مسیرته التاریخیة بعد إجتیازه صفوف جیوش جرارة لثلاث دول وعبوره نهر آراس الی آذربیجان السوفیتیة مع خیرة من الشبیبة البارزانیین بعد القضاء علی جمهوریة مهاباد الفتیة عام ١٩٤٧، حیث کان هو القائد الأعلى لجيش هذه الجمهوریة، فهي ملحمة یجب أن تدون في کتب التاریخ البطولي لهذا الشعب.

لقد کان هذا القائد الخالد طوال عمره پیشمرگة، عهد علی نفسه بأن ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻼحه ﻭﺫﺧﻴﺮته ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻭﺳﺎﺩة ﻭﻓﺮﺍﺵ ﻧﻮمه ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺑﻘﻴﺖ وطنه ﻣﺤﺘﻠﺔ، لکنه کان یؤکد دوماً بأن السلام هو الطريق وأن العنف هو من صنع البشر، هكذا حقق من الانجازات الكبيرة لكوردستان مالم يستطع غيره تحقيقها، إذن کل هذا جعل منه رمزاً یقترن الیوم إسمه بالكوردستاني والكوردستاني بأسمه، حیث صار هو رابط من خلاله تعرفت شعوب العالم علی نضال و تضحیات شعبه في کافة أجزاء كوردستان.

و بسبب نهجه المتسامح في میادین كثیرة تمكن أن یفرض فلسفة حبه للوطن والإنسانیة علی أقوام خارج جغرافیة كوردستان و هم لیسوا من بني جلدته.

الیوم یجني الكوردستانیین ثمار هذا النهج الصادق في إیصال شیفرات الدبلوماسیة الكوردستانیة الی المحافل الدولیة، کل هذا جعل حق تقریر مصیر هذا الشعب یتداول علی طاولة القوی والدول العظمی.

وختاماً نقول: القيادة الناجحة تتطلب إذن أشخاصاً ذوي مواهب نادرة تجعلهم صالحين للقيادة، لا یدعون بأنهم ینقذون البشریة ولا یعتبرون نفسهم أفضل من بقیة الكائنات، بل یعیشون وسط الطبیعة بوصفه جزءاً من موجوداتها.

“ومن لا یصنع واقعه و لایحضر في زمنه، الحضور الفعال والمزدهر، لایحسن الإفادة من ماضیه، کما لا یحسن إستقبال آتیه”.

الدکتور سامان سوراني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here