بغداد تستعيد أنفاسها بعد سنوات من تقارير “فظيعة” عن غسل الأموال

ترجمة / حامد أحمد

قبل سبع سنوات مضت كان النظام المالي للعراق مفعماً بالمشاكل. مدققو حسابات عراقيون أخبروا محققين أميركان في حينها بأن ما يقارب الـ 800 مليون دولار يتم تسريبها أسبوعياً خارج العراق بشكل غير شرعي وكان ذلك تطوراً فظيعاً في مجال غسل الأموال. وتم عزل محافظ البنك المركزي حينها بعد أن أصبح الفساد مترسخاً ضمن المنظومة الحكومية والسياسية للبلد .

كما تم إدراج العراق في قائمة الرصد الدولية لفشله المتكرر في مكافحة عمليات غسل الاموال، ولكن من ناحية أخرى، طرأ تحسّن منذ ذلك الوقت على جهود البلاد في محاربتها للأنشطة المالية غير الشرعية واستقطب ذلك انتباه واهتمام قنوات الرصد الدولية .
محافظ البنك المركزي الحالي علي محسن إسماعيل العلاق، قال في لقاء مع صحيفة وول ستريت جورنال إن محاربة الفساد في العراق كانت من أكبر أولويات البنك المركزي منذ أن تولى مهامه عام 2014. وبدأت جهوده، مضافاً إليها جهود قادة البلد وخبراء دوليين وأميركان، بجني ثمارها .
وقال العلاق “هذا الشيء أكسبنا احترام المنظمات الدولية وفتح فرصاً لمؤسسات مالية دولية الدخول للبلد .”
وشرّع العراق في عام 2015 قانوناً يجرّم عمليات غسل الاموال وتمويل الإرهاب، وأنشأ مجلساً ضمن البنك المركزي لمكافحة غسل الأموال. وأصبح المجلس بمثابة السلطة المكلفة بالاشراف والتحقيقات القضائية، في حين يتولى المكتب مهام متابعة تقارير الانشطة المشبوهة .
وأضاف العلاق بقوله “كان ذلك مهماً لفسح المجال لنا للتعامل مع المشاكل التي كانت عندنا في ذلك الوقت. الجهود أسفرت عن إنشاء القاعدة المطلوبة لدعم جهود البلاد في مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب .”
من جانبه قال أيهم كامل، رئيس مؤسسة يوروآسيا غروب الاستشارية لإدارة أزمات السياسة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا إن العراق بعد عام 2003 تولى نظاماً مصرفياً بدون هيكلية مع افتقاره للكفاءة والقدرة على محاربة غسل الاموال .
وأضاف بقوله “الأمور الآن تحسنت بشكل كبير وأصبحت الحكومة في موقع يمكنها من خلاله السعي للحفاظ على نزاهة وسلامة القطاع المالي العراقي. وأنها ستواصل المضي في نهج تعديل قراراتها وإجراءاتها لتضمن مسايرتها لمعايير النظام المالي الدولي.”
استناداً لتقرير صادر عن وزارة الخارجية الاميركية لعام 2017 فإن أحكام الإدانة بغسل الأموال ازدادت بشكل ملحوظ في العراق .
وفي شهر حزيران، قام مرصد فايننشل أكشن تاسك فورسFATF ، الدولي الذي يتخذ من باريس مقراً له برفع اسم العراق من قائمة البلدان المتلكئة بملاحقة أنشطة غسل الأموال .
وقال جون سوليفان، ممثل سابق لوزارة الخزانة الاميركية لدى العراق وحالياً مدير مع شبكة النزاهة المالية، للاستشارات: “كان العراق يتعامل مع جملة من المشاكل الكبيرة عبر السنين. وقامت الحكومة بعمل جيد لدفع مسؤوليها إلى التركيز على تطبيق ما كان مطلوباً وفقاً لخطة سلطة الإجراءات المالية FATF الدولية. لقد حققوا بالفعل تقدماً في مكافحة غسل الأموال”.
ما زال هناك عمل على البنك المركزي أن ينجزه وكذلك الحال مع قيادة البلاد. ويقول مراقبون إن التطورات الحاصلة ضد الفساد قد تستقطب أيضا اهتمام الاستثمارات الأجنبية من جديد .
ويقول، سوليفان، إن الجولة الثانية من تقييمات، سلطة الإجراءات الماليةFATF ، ستركز على تأثير إجراءات العراق ضد غسل الاموال، بغض النظر عن تركيزها فقط على تمرير القوانين والتأسيس لمركز رقابي موصى به .
وأضاف المستشار سوليفان، بقوله “إنهم بحاجة الى تطبيق وفهم الإجراءات التي ادخلوها وذلك عن طريق الدروس التي تعلموها في مكافحة تمويل الإرهاب من أجل مواجهة المشكلة الاكبر وهي غسل الاموال المتعلقة بالجريمة والفساد. إنها المشكلة الأمنية رقم واحد في العراق اليوم، وهي وصلت الآن عند النقطة التي تقوض بها البلاد بأكملها .”
وقال سوليفان إن البنوك العراقية بدأت تتحسن الآن أكثر في فهمها لخطاب القانون، ولكن البلاد بحاجة لكثير من التنمية البشرية في ما يتعلق بمجال مكافحة غسل الاموال. وقال العلاق إن بنوكاً عراقية بدأت ترفع قضايا عن غسل أموال الى المحاكم، وإن البنك المركزي سحب رخص مكاتب صيرفة ضبطت قيامها بتحويلات مالية غير شرعية .
وأضاف العلاق قائلا “هذه الوسائل أثبتت نجاحها وبدأت تثمر عن نتائج .”
وليد رعد، شريك لدى مؤسسة EY البريطانية للاستشارات العالمية قال إن مشكلة الفساد كانت تحجب المقرضين العراقيين عن الالتحاق بمنظومة الصيرفة العالمية، مشيراً الى أن تحقيق علاقات مراسلة مصرفية عبر بنوك العالم يعتمد على تعزيز قدرة البلاد لمكافحتها للفساد .
وقال رعد، إن البنك المركزي الآن في قلب هذا الجهد لأنه يتمتع بالمسؤولية المطلقة للإشراف على برامج الدولة لمكافحة برامج غسل الأموال .
وأضاف قائلا “عليهم أن يبينوا للمجتمع الدولي بأنهم يلاحقون قضايا الفساد بشكل جدي”، مشيرا الى أن المصارف العراقية المحلية كانت في السنوات السابقة لها علاقات مراسلات مصرفية محدودة مع البنوك الخارجية، أما الآن فإن القائمة في تزايد .
وأضاف، العلاق قائلا “الأمر الآن مختلف تماما عن السابق.. البنوك خارج البلاد بدأت بالتعامل التجاري معهم .”
عن: وول ستريت جورنال الأميركية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here