الجزائر والمخاطر!!

الحالة الجزائرية تحتاج لقراءة نفسية موضوعية , إذ تبدو وكأنها تعبيرات عن إضطراب نفسي داخلي يؤثر في السلوك الجمعي , وخلاصته أن الشعب يريد ولا يريد إعادة إنتخاب بوتفليقة , وهذا مأزق عاطفي يتسبب بتوترات فردية وجماعية نراها واضحة في التظاهرات التي تجتاح الجزائر , وهي تقول بأنها تريد ولا تريد!!

والسبب في هذا السلوك أن الجزائر قد عانت كثيرا بعد مرحلة بومدين وأصابتها الشدائد بأنواعها , وخصوصا ما قامت به الحركات المتطرفة التي فعلت ما فعلت في المجتمع الجزائري , بعد أن أدخلته الإنتخابات ذات يوم في حرب داخلية شرسة , خسرت الجزائر بموجبها الكثير من قدراتها ورموزها.

وجاءت مرحلة بوتفليقة التي تميزت بالإستقرار النفسي والأمن العام والتقدم في ميادين الحياة المختلفة , لكن الرجل تقدم به العمر وأصبح مقعدا , وهو من البشر الذي سيموت ذات يوم , وبالنسبة له فأنه حتما لن يعيش لفترة إنتخابية أخرى حتى ولو تم إنتخابه , فالرجل مريض وغير قادر على الحركة.

والمشكلة أن بوتفليقة ومَن حوله ربما لم يتمكنوا من بناء نظام سياسي تتوارثه الأجيال , وإنما تمحور النظام حول الشخص ورمزيته وحضوره المعنوي في وعي ولا وعي الجزائريين , وهذا يعني أن الخوف يتملك الجميع من الرجوع إلى ذات الحالة التي أعقبت بومدين , وكأن الحال كما كان عليه , مما يدفع إلى صراعات محتملة وحرب أهلية جديدة.

ولا يوجد حل موضوعي وحكيم إلا بإعادة إنتخابه , كمرحلة إنتقالية لبناء نظام حكم آمن بمعزل عن الأشخاص , ويبدو أنها فرصة الجزائريين الأخيرة في إعادة ترتيب أوضاعهم الداخلية , والمحافظة على الإنطلاقة الحضارية التي أبحر بها معهم بوتفليقة.

أما الدخول في مآزق ننتخبه أو لا ننتخبه فسيؤدي إلى تداعيات غير حميدة , وسيتسبب بتصارعات سياسية ستدمر ما بنته الجزائر في عقود سابقة.

وعلى الجزائر أن تتعلم من الموقف الذي تعيشه اليوم , وتستخلص خارطة طريق راجحة للتواصل مع المستقبل الأفضل , فالذي يحصل في غاية الخطورة وقد يدفع إلى ما لا تحمد عقباه.

فهل من حكمة وتبصر , وقيادة بحجم الوطن والعصر؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here