إدانة المحافظ وإخراج الحشد من الموصل يشظّيان لجنة تقصّي الحقائق

بغداد/ وائل نعمة

انقسام شديد داخل لجنة تقصي الحقائق في الموصل، التي شكلت أواخر العام الماضي، والسبب الأبرز هو المحافظ نوفل العاكوب الذي يصرّ بعض أعضاء اللجنة على محاكمته فيما يعترض آخرون.
الانقسام ربما سيدفع الى اللجوء لخيار التصويت داخل اللجنة لحسم الخلافات، وهو امر قد يهدد بتأخير خروج التقرير النهائي الذي من المفترض أن يقدم الى البرلمان مع بداية الفصل التشريعي الجديد الذي سيبدأ يوم السبت المقبل.
وظهرَ في اللقاءات واجتماعات اللجنة المكونة من أكثر من 40 عضواً، 3 فرق، إحداها تابعة لنائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، والثاني مقرب من الحشد الشعبي، وفريق ثالث ضده ويطالبه بالخروج من الموصل.
وقد تجمع المصالح بين فريقين، لتوجيه التقرير النهائي لصالح العاكوب، مقابل التصويت على عدم الدفع بمقترحات إفراغ الموصل من الحشد الشعبي، لكن مازال الأمر غير واضح فيما لوأن “المتحالفين” سيتمكنون من تحقيق الأغلبية داخل اللجنة. ويتوقع أن يطيح التقرير الذي كان من المفترض أن تتم كتابة صيغته النهائية اليوم الخميس، بعدد من القيادات الأمنية في الموصل بالاضافة الى مسؤولين محليين ومدراء دوائر. وكانت أنباء عن نشاط متزايد لـداعش في الموصل وانتشار “مافيات الفساد”، العام الماضي، قد دفعت البرلمان الى تشكيل لجنة مؤقتة من جميع نواب نينوى البالغ عددهم 34 عضواً ثم أضيف اليهم 9 آخرون من محافظات أخرى. وبحسب عضو في اللجنة تحدث لـ(المدى) طالباً عدم نشر اسمه، فقد أكد أن “هناك كسراً مستمراً لنصاب الاجتماعات والأعضاء منقسمون حول التعامل مع محافظ نينوى والحشد الشعبي في نينوى”، مشيرا الى أن تلك الخلافات ستدفع الى خيار التصويت على كل بند من بنود التقرير.

عقدة العاكوب
وليس واضحاً أي الجهات التي ستتمكن من حصد الأغلبية في اللجنة، حيث تتكون (اللجنة) من جهات غير منسجمة، لكن يمكن،على وفق عضو اللجنة، تمييز فريق النجيفي وهو رئيس اللجنة (3 نواب)، ومعه أعضاء من الوطنية (3 نواب) بالاضافة الى عضو حزب تمدن النائب أحمد الجبوري. وتدفع هذه المجموعة داخل اللجنة بأن يخرج التقرير بإدانة محافظ نينوى، ومحاكمته على إهدار الأموال وسوء الإدارة. وكان النجيفي قد دعا، الإثنين الماضي، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى سحب يد المحافظ العاكوب ومنعه من السفر، مؤكداً أن اللجنة كشفت ملفات خطيرة تتعلق بالخروق والمخالفات المالية غير المسبوقة للمحافظ.
وبرر رئيس اللجنة طلبه بإيقاف عمل المحافظ، لمنع الاخير عن “أي تأثير على لجان النزاهة والهيئات القضائية التي تحقق معه”. بالمقابل رد العاكوب على تصريحات النجيفي، بانه طالب الأجهزة الأمنية باعتقال شقيق الاول، المحافظ السابق أثيل النجيفي، باعتباره أحد المسؤولين عن سقوط الموصل، بحسب تقرير برلماني صدر قبل 4 سنوات وتم إهماله لأسباب سياسية.
وبحسب إحصائية لـ(المدى) نقلاً عن نواب ومسؤولين في نينوى، فقد تسلمت المحافظة منذ 2016، في عهد العاكوب، نحو ترليون دينار، فيما لاتزال أكثر المدن مدمرة بعد عامين من التحرير.
ووفقاً لمصادر (المدى) فإن هناك 7 قضاة تابعين لهيئة النزاهة يحققون مع محافظ نينوى بملفات كثيرة تتعلق بالفساد.

تحالفات
يتوقع عضو لجنة تقصي الحقائق، ان “يفلت محافظ نينوى من المحاسبة” على وفق تحالفات تنضج داخل اللجنة.
ويقول إن “بعض الاعضاء يريدون ان يتضمن التقرير توصية بإخراج الحشد الشعبي من الموصل”، وهو أمر يرفضه نواب تحالف الفتح (3 نواب) بالاضافة الى عدد من المتحالفين من المنشقين عن تحالف النصر ونواب آخرين من كتلة أحمد الجبوري (أبو مازن) وآخرين غيرهم.
وبحسب بعض القراءات عما يجري داخل اللجنة، فانه يتوقع أن يتفق مؤيدو المحافظ – وهم عدد غير معروف حيث لا يملك العاكوب سوى نائب واحد- مع المعارضين لإخراج الحشد في تحقيق الاغلبية.
ويتهم التقرير غير النهائي، أطرافاً تدعي انتماءها الى الحشد الشعبي، بالسيطرة على مزادات بيع السكراب في الموصل، وسوق العقارات، والتدخل في ادارة المحافظة، فيما ترفض أطراف في اللجنة اعتبار تلك الافعال “منهجية” وإنما تعتبرها تصرفات فردية.
وكانت (المدى) قد كشفت منتصف كانون الثاني الماضي، عن أن اللجنة توصلت الى معلومات بعد لقائها نحو 15 شخصية أمنية وإدارية في نينوى، وهو عدد تضاعف خلال الشهر الماضي، الى تسرب 400 داعشي الى مناطق قريبة من الموصل قادمين سوريا. بالاضافة الى تهريب نحو 7 مليونات طن من الحديد “السكراب” الى خارج الموصل بموافقات تشير الى أنها صادرة عن مكتب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، بقيمة تعادل أقل من الـ 8% من سعره الحقيقي.
ويعود الحديد المبُاع الى منازل ومحال تجارية ومبانٍ حكومية دمرت أثناء فترة سيطرة التنظيم على المدينة وعمليات التحرير.

تغييرات أمنية وإدارية
وتشير المعلومات الجديدة التي حصلت عليها اللجنة واطلعت عليها (المدى)، إلى أن هناك اتهامات لشخصيات أمنية ونقاط تفتيش بـ”أخذ رشاوى من الشاحنات والسكان”.
ويقول عضو اللجنة ان “التقريرعلى وفق تلك المعلومات أوصى بتغيير عدد من القيادات الامنية بالمحافظة”، مشيرا الى انه سيتم إعفاء وإقالة عدد من مدراء الدوائر والمسؤولين المحليين في المحافظة لاتهامهم بقضايا فساد. واحتوت النسخة غير النهائية للتقرير، مطالب بتجهيز المحافظة بأجهزة السونار، وإعادة المفصولين من الاجهزة الامنية، بالاضافة الى الإسراع بإعادة النازحين.
بالمقابل اختلف أعضاء اللجنة في التعامل مع “عوائل داعش”، التي يقدر عددهم بنحو 10 آلاف عائلة، حيث يدعم فريق إعادة دمجهم مع السكان، فيما فريق آخر يريد إبقاءهم في مخيمات العزل.
بدوره يقول قصي عباس، وهو نائب عن نينوى وعضو في اللجنة، لـ(المدى) أمس انه “من المفترض أن يكون اجتماع (اليوم) الخميس سيكون حاسماً لوضع التقرير النهائي”، مبينا ان ذلك يعتمد على حدوث النصاب القانوني. وأشار عباس الى انه في حال تم حصول اجتماع اليوم ستقدم اللجنة التقرير الى البرلمان يوم السبت المقبل، لكنه لن يقرأ في نفس اليوم.
وأوضح النائب ان “التقرير ستتم قراءته في البرلمان وبعد ذلك توجه الرئاسة التوصيات الى الحكومة والجهات المسؤولة الاخرى”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here