المرجع الديني الشيخ محمد مهدي الخالصي منتقداً تصريح بعض المسؤولين حول بقاء قوات الاحتلال بطلب من الحكومة

يؤكد ان الانحياز للقوى الغازية للبلاد وفق جميع الاعراف والقوانين الدولية يعتبر خيانة عظمى

أكد المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد مهدي الخالصي (دام ظله)، الجمعة، على ان الانحياز للقوى الغازية للبلاد وفق جميع الاعراف والقوانين الدولية يعتبر خيانةً عظمى، مبيناً ان الخيانة ليست وجهة نظر ولا وسيلة للتعبير عن الرأي مهما كانت المبررات، لافتاً إلى ان كل من يريد ان يضفي الشرعية للإحتلال غافلٌ، فيما اعتبر ان تصريحات بعض المسؤولين بأن وجود الاحتلال بطلب الحكومة قد خلع الشرعية نفسه وعرّض نفسه للمساءلة والمحاكمة والعزل والعقوبة، مطالباً بالعمل الجاد لتطهير البلاد من وجود الاحتلال وجميع آثاره المدمرة المنتقصة لسيادة الوطن واستقلال قراره، واعتبر ان وجود الاحتلال عائق في اقامة نظام صالح يعيد اعمار البلاد ويحقق الأمن والعدالة والبناء والرفاهية للجميع، وهو سبب في ان يبقى الوطن ميداناً للصراع والاحتراب بين القوى الدولية والاقليمية.

وقال المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد مهدي الخالصي (دام ظله) خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ الأول من شهر رجب الأصب 1440هـ الموافق لـ 8 آذار 2019م : ان مما لا خلاف فيه وفق جميع الأعراف والقوانين والدساتير والشرائع، ان الانحياز للقوى الاجنبية الغازية لأي بلد كان، والتعاون معها والمطالبة ببقاء قواعدها واستمرار احتلالها يندرج في بند الخيانة العظمى من أي شخص صدرت، من ادنى فرد عادي أو الجندي البسيط حتى أكبر مسؤول.

والخيانة ليست وجهة نظر، ولا وسيلة للتعبير عن الرأي مهما كانت المبررات، لاسيما بعد ثبوت عدم شرعية الاحتلال الأجنبي للعراق، وافتقاره لأدنى المبررات من دواعي الدفاع عن النفس أو التفويض الاممي، وظهور الاجماع العراقي حكومةً وشعباً على رفضه والمطالبة برحيله لتاريخ هذا الاحتلال البربري الهمجي الدموي، ولأهدافه العدوانية على الوطن والمنطقة، وللمشاريع المعلنة وغير المعلنة للإدارة الأمريكية القائمة المتسمة بأقصى التطرف الصهيوني والعنصري ضد العراق والعرب والإسلام، والاعلان الوقح عن الجشع اللا محدود بثروات العراق والمنطقة.

وأضاف سماحته (دام ظله) : بناءً على هذه المعطيات التي تركت جروحاً عميقة في وجدان الشعب العراقي وكرامته وتاريخه وحضارته، كم يكون غافلاً من يظن انه يستطيع ان يُضفي أية شرعية على الاحتلال ويتزلف له، فيدعي كما نسب إلى بعض المسؤولين في وسائل الاعلام انه قال : (ان الاحتلال وقواته وقواعده موجودة في العراق بناءً على طلب من حكومته!!). فإن صحت هذه النسبة إليه ولم يُسارع إلى تكذيبها، فإنه ليس فقط لا يضفي الشرعية على هذا الكم الهائل من الباطل، بل يخلع الشرعية عن نفسه، وعن المركز الذي يشغله بتحدي إرادة الشعب في نبذ الاحتلال ورفض من ينتمي إليه، وان مسؤولاً كهذا يعرّض نفسه لوجوب المساءلة والمحاكمة والعزل وتحمل العقوبة التي يستحقها.

فإن سيده ومَثَلَهُ الأعلى ترامب يتعرض الآن في عقر داره وقمة طغيانه ومجده إلى المساءلة والمحاكمة والتعرض للعزل من قبل الشعب الأمريكي ومؤسساته السيادية والقضائية والإعلامية لمجرد اتهامه بإقامة علاقات من خلال بعض موظفيه مع دولة أجنبية روسيا للحصول على مكاسب انتخاباتية، فكيف سيكون حاله لو كانت التهمة الانحياز لقوة اجنبية تحتل أمريكا، أو الادعاء بأن قوات روسيا المحتلة مثلاً لبلاده موجودة بناءً على طلبه او طلب من ترامب أو حكومته، ولو فعل حماقة كهذه لأصبح مشنوقاً بذراع تمثال الحرية بتهمة الخيانة العظمى

هذا المثال يوضح على صعيد الواقع ما بيّناه من خطورة التدخل الأجنبي لاسيما المسلح منه على كيان الوطن وسيادته، وأهمية التصدي له ورفضه، والعمل الجاد من الجميع لتطهير البلاد من وجوده ووجود جيوبه وأعوانه ومستشاريه وقواعده وجميع آثاره المدمرة والمنتقصة لسيادة الوطن واستقلاله وحرية قراره لإقامة النظام الصالح الذي يعيد اعمار البلاد ويقدم الخدمات لرفاهه وتقدمه وتحقيق آماله في الآمن والعدالة والتطور البنّاء للجميع ولكافة أرجائه وطوائفه، ولحماية الوطن من أن يكون ميدان الصراع والاحتراب بين مختلف القوى الدولية والاقليمية، الأمر الذي لا يمكن ان يتحقق مع وجود القوات الأجنبية والولاءات المتناقضة المفروضة، والمشاريع المشبوهة التي يرعاها الاحتلال تحت عناوين مختلفة كصفقة القرن، وتسليط الكيان الصهيوني على مقدرات المنطقة والدعم اللامحدود للأنظمة الاستبدادية المتخلفة، والنيات المبيّتة لتصفية القضية الفلسطينية وهدم المقدسات الاسلامية والمسيحية لمصلحة التهويد الاستبدادي العنصري وللقضاء على حق المقاومة، وحق العودة للاجئين إلى وطنهم، وبناء دولتهم والحفاظ على هويتهم ودينهم وجميع مقدساتهم.

ثم تعرض سماحته (دام ظله) بمناسبة حلول شهر الله، شهر رجب الأصب إلى توضيح قدسية هذا الشهر بإعتباره من الأشهر الحرم وربيع العبادة كما ورد في الحديث، مقدمةً لشهر شعبان وشهر رمضان.

وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي بيّن سماحته (دام ظله) إلى ملايين النساء العراقيات الأرامل والمفجوعات بأولادهن أو ازواجهن أو سائر ذويهن الحالة التي هي بسبب الاحتلال والتدمير للأسرة والانسان والبلاد وبسبب العملية السياسية التي أطر بها النظام في العراق وأدى إلى تسليط العناصر الفاسدة والمؤسسات المشلولة.

ودعا سماحته (دام ظله) إلى التنبه لهذه الناحية، والسعي الحثيث لإكرام المرأة كما امر الله سبحانه وتعالى، (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة :288، وانهم شقائق الرجال، ودعا المرآة العراقية الصابرة والمهضومة إلى التأسي بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)، وبطلة كربلاء زينب الكبرى، وسائر المؤمنات الصابرات في تاريخ العرب والمسلمين وأن تترفع المرأة عن الانشغال بالأمور التافهة والمسلسلات الهابطة والدعايات الرخيصة التي يبثها الاحتلال وابواقه ضد المرأة ومكانتها في الاسلام وقيمه المكرِّمة لجميع البشر بلا تعصب لعنصر أو جنس أو طائفة أو مذهب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here