لقد هزني في العمق وألمني وآذاني هذا الحكم الصادر بحق قتلة الشيخ الشهيد
– حسن شحاته – ، وإني من موقعي هذا أندد بأشد العبارات لهذا الإستخفاف
المتعمد والمقصود ، والذي فعله قضاة لم يرعوا الحق والعدل والإنصاف .
فإنه وبحدود علمي المتواضع تكون عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار
والترصد هو – الإعدام – ، هذه العقوبة المقدرة والمعلومة يجري تطبيقها
في جميع البلاد العربية والإسلامية والكلام من حيث المبدأ عملاً بالنص
القائل ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) ، وتتضاعف هذه العقوبة
شدة وقوة إن أتخذت الجريمة طابعاً إرهابياً أو ذي دوافع طائفية
وعرقية مقصودة ومعينة ، فالقضية المعروضة أمامنا هي في هذا الحكم
المُخفف الذي صدر على قتلة الشيخ الشهيد حسن شحاته مع أبناءه في
مصر .
والجريمة تمت بدوافع طائفية ومذهبية وبتحريض من يوسف القرضاوي
شيخ الإرهابيين والقتلة ، إنها إذن تمت بدافع جرمي مشهود والسبب إن
– الرجل شيعي المذهب ويدافع عما يؤمن به – ، ونحن هنا إنما
ننبه إلى أن القضاء المصري يحكم في مثل هذه الحالات بالإعدام ، وقد
نفذ ذلك بحالات مشابهة ومنها قضية قتل القاضي هشام بركات قبل فترة من
الزمن ، أقول هذا من وحي الحكم الذي صدر على قتلة القاضي هشام بركات
، والتي أعدم من أجلها تسعة من الشباب المصري ، فالجريمة هي الجريمة
والقتل هو القتل والقانون يجب ان يكون كذلك .
أما حينما تتدخل العوامل الطائفية والأحكام المسبقة والضغينة والكراهية
والحقد على التشيع من عقل القاضي ، فحتما سيكون الحكم مخروماً
وبائساً ومنحرفاً وظالماً ومجافياً للحقيقة ، إذ ليس من العدل أن يُحكم
على هؤلاء القتلة بهذا الحكم المخفف ، وليس من العدل أن يميل القضاء
المصري حيث يميل الهوى مع التيارات السلفية والعنفية
والإرهابية الحاقدة ، فالقضاء المصري كنا إلى وقت قريب نحترمه ونُقدره ، وليس من العدل ان يذهب دم الشهداء سدى ، تحت ظل تهاون وليونة وإنحراف قضاة ينتمون للدائرة نفسها التي قتلت الشهيد . وإني وسائر الناس نسأل : لماذا هذه الخفة في الحكم والشدة هناك على قتلة هشام بركات ؟ ، مع إن الأثنيين من الجنسية المصرية والهوى والإنتماء ، ولماذا يُرخص دم الشهيد حسن شحاته ويحترم دم المغدور هشام بركات ؟ ، لماذا هذا الكيل بعشرين مكيال في قضايا الإنسان وحقوقه وتطبيق القانون ؟ ، وإلى من يلجأ الناس حين يظامون وحين تهدر دمائهم وحقوقهم ؟ ، إن لم يكن لهم سند وظهر ؟ !! ، إلى من يلجأ البائس الفقير حين تعوزه الحيلة ؟ ، و حين يتولى القضاء فئة من هذا النوع ، لا تحسب للإنسان حساباً إلاَّ من باب من معي ومن ضدي !! . القضاء يجب ان يكون نزيهاً ويجب أن تكون أحكامه واحدة في القضايا المشابهة وفي الجرائم العمدية ، لقد آلمني ذلك الإستهتار بدماء الشهداء وآلمني أكثر ، حين وجدت المجرمين فرحين بما آتاهم من حكم ، آلمني أن لا يكون القضاء خصماً للظالم وعوناً للمظلوم ، ولقد كنت أشاهد سرديات الحكم وحيثياته ، ولهذا كنت ظاناً إنه سيكون حكماً عادلاً منصفاً يحقق لأهل المغدورين بعض حقوقهم ، ويردع القتلة من الإستخفاف بدماء الناس وأعراضهم ، ولم يكن في علمي ( إن مصر قد ألغت حكم الإعدام ) ودخلت دائرة الدول المانعة لهذا الحكم !!!!!! ، لا أدري إن كان لشيعة مصر ربٌ يحميهم أم لا ، رب يدافع عنهم فلقد أستبشرنا خيراً حين هوت حكومة الأخوان ، التي بظلها وقعت حادثة القتل الشهيرة ، وكنا ظانين خيراً بأن الجريمة التي باركها القرضاوي ستنال ما يستحق من العقاب ، لكن في الظميمة ظميمة لا يعرفها غير سلفيي مصر وبعض الأوباش من نبذة الكتاب ومحرفي الكلم . وإنني في موقفي هذا أُعيد التنديد مرة أخرى ، مستخدماً حقي المدني في
رفع الصوت عالياً ضد كل ظلم ، قد يعطي الحق للقتلة في ممارسة دورهم البشع في القتل والإرهاب ، وسيشجع قوى وتيارات أخرى في إرتكاب جرائم مشابهة أخرى ، طالما كانت يد العدالة مُقصرة وغير فاعلة ومنحازة ، وإنني أدعوا إلى إعادة إستئناف الحكم من جديد والنظر بعين الرعاية للحاضر والمستقبل ، فلكي نبني دول ونتعايش مع بعضنا يلزمنا إحترام الحريات الدينية والشخصية و حُسن نوايا والتطبيق الصارم للعدل ، ذلك هو الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه … راغب الركابي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط