الأنسان والطبيعة، والحقيقة العلمية وراء نشوء الخلق !

* د. رضا العطار

كوكب الارض هو لحد الان المكان الوحيد المعلوم لوجود الحياة. فعلى هذه الارض تتوفر الظروف الملائمة لانتاج هذه الاشكال من الحياة بين كل ما تم اكتشافه حتى اليوم.
وسنة الطبيعة على كوكبنا هي في تكرارها الذاتي لشروط انتاج الحياة، فتكرار الليل والنهار وتغير درجات الحرارة ومكونات الهواء والماء وما الى ذلك من اشعة كونية تنتج هذه الحياة وتحركها فتتكرر في حركة ذاتية من خلال حركة الطبيعة وتفاعلها مع ما انتجته على وجه الارض.

فدورة الماء في الطبيعة وعملية تكريره ودورة الهواء وتكون عناصره الملائمة وكذلك العوامل المتحكمة بالحرارة والبرودة وتفكك الاشعة الكونية واعادة تركيبها من خلال طبقات الجو التي تغلف الارض، او العلاقة بين المحار البحري وانتاج المواد الكلسية وامتصاص ثاني اوكسيد الكاربون، وتكرار الحيوانات والنباتات والجماد لخصائصها وتفاعلها مع هذه العناصر، كل ذلك في سبيل اكمال الدورة الطبيعية أي الدورة الذاتية الازلية للحياة.

لذا فان الحفاظ على البيئة الطبيعية بعدم الاخلال بتوازنها او تدميرها يجب ان يكون هم الانسان الاول بعد ان طور حضارته بشكل يهدد تهديدا شاملا هذه البيئة وحيث ان الدورة الطبيعية متكاملة، فتدمير الجزء قد يؤدي الى تدمير الكل، او هو على الاقل يشكل خطرا على صحة وسلامة هذا الكل اي البشر.

تسري سُنة الحياة في اعادة انتاج الكائنات لذاتها الى مراتب سبعة:

1 – مرتبة الانسان التي تعيد انتاجها لذاتها بالوعي المضاف الى الغريزة.
2 – مرتبة الحيوانات العليا التي تعيد انتاج ذاتها بشكل غريزي.
3 – مرتبة الحيوانات التي تعيد انتاج ذاتها دون ان يكون نسلها بحاجة الى رعاية.
4 – مرتبة الكائنات الحيوانية النباتية التي تعيد انتاج ذاتها بالواسطة.
5 – مرتبة النباتات المثمرة التي تعيد انتاج ذاتها من بذورها اي بواسطة اتصال عنصريها الذكري والانثوي.
6 – مرتبة النباتات غير المثمرة التي لا تعيد انتاج ذاتها الا من صلبها.
7 – مرتبة الجماد الذي يعيد انتاج ذاته من حركة دوران الارض والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة او بواسطة كائنات حية من حيوان او نبات – – –

هذه المراتب السبع ستكون اولى تجليات الرقم سبعة الذي اصبح مقدسا فيما بعد والذي ظهر في اسطورة نشوء الخلق الدينية. مقولة ان الارض خلقت في سبعة سنوات.

فالعلاقة الاجتماعية ما بين الكائنات الغريزية السفلى والانسان تقوم على مقدار ذكائها وقدرتها على توارث خبراتها بما يؤهل مولودها لمزيد من الاستفادة من الطبيعة.
ومثال ذلك ان الشمبازي لا تتعلم تكسير الجوز باستعمال الحجارة واستخراج اللب منه الا بعد ان تبلغ السنة السادسة من عمرها او ما تفعله القردة المغربية اذ تعيش في نظام يسوده الامن الاجتماعي وعدم التقاتل بين الذكور للاستحواذ على الاناث. ويترأس القبيلة قرد ضخم الجثة تتقدم اليه الاناث في موسم الاخصاب اي في شهر تشرين، تعرضن انفسهن عليه بادارة ادبارهن، فيبادر الى شم دبر المتقدمة فاذا ما تبين له انها متأيهة للاخصاب مارس الجنس معها علنا. والا تركها ولم يمسسها.
لكن هناك صنف آخر من القردة وقد نما عندها الحياء الفطري، فيلاحظ ان الذكر والانثى يختفيان في الادغال بعيدا عن انظار افراد القبيلة، لأشباع شبقهما.

والذكر الذي يحمل على ظهره قردا صغيرا ويتجول به يعفيه هذا العمل من عداوة قديمة.
وبدراسة حياة الحيوانات نلاحظ درجات في العلاقات الترابطية الاجتماعية التي تقوم على مراتب متفاوتة من التعلم كعملية التزاوج لدى البطريق او الانتحار لدى الكنغورو اوطرد الذكور الآباء في قطعان الاسود بعد بلوغ الاشبال القدرة على الانجاب والحماية.

* مقتبس من كتاب الانسان والحضارة للمؤلف عبد المجيد عبد الملك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here