الأمام الكاظم (ع).. رائد العدالة والوطنية في الأسلام

العراق في صور… حالة محزنة؟

د.عبد الجبار العبيدي

البارحة كنت أقرأ في سيرة الامام موسى بن جعفرالصادق (ع)..بعد حضوري محاضرة الاخ الدكتور عادل حمادي في قاعة مركز مكلين الثقافي ..تحت رعاية مركز الديوان العراقي في فرجينيا الامريكية ..كانت محاضرة افضل من الف كتاب يُقرأ ..لأنها مثلت الصورة الحقيقة لواقع التحريك التاريخي المظلم والمزري في بلاد العراقيين اليوم..وكيف تعامل معها الحاضرون..بالمحاورة والمساجلة العلمية الواقعية..وكيف كانت اجابات الدكتور حمادي تدل على تفهم الحالة العراقية ونقلها لجمهور المغتربين بأمانة وصدق ..وهذه هي صفة العالم الرصين الذي لا ينحاز الا للحق والاستقامة. له مني الشكر والعرفان..وللقائمين على الديوان مزيد التقدير والاحترام…

لقدأبكتني سيرت الامام..فقلت في نفسي هؤلاء الأفذاذ الذين يدعي حزب الدعوة ومن يحكمون الوطن العراقي اليوم الانتماء اليهم..لا ورب الكعبة هم لا ينتمون الا لمن عاداهم وقتلهم..انهم صغار هذا القوم فيهم ..

مسكت قلمي لأكتب فقلت:

الرجال العظام هم آكاديميات الكرام التي منها تخرج الابطال المخلصون لله والاوطان..هم الكرامة والأيمان بعزة وشجاعة الأنسان والأيمان ، هم من أغتسلوا بالألم والعذاب،وصمدوا في وجه الباطل ..وتعرضوا لعواصف البطلان.. من اجل تحقيق الحجة بالبرهان ..هؤلاء الذين ألتزموا بمبادىء الحق والعدل والحب للخير والآيمان ، فكانوا ناقوس خطر ينبه كل المخالفين المرافقين للبهتان.هكذا كانت سيرة الامام موسى بن جعفر الصادق (ع) أميرالوفاء والبيان ..؟

هو الامام موسى بن جعفر الصادق (ع) ، الأمام الثامن من أهل البيت ،ولد في الأبواء في السابع من صفرعام 128 للهجرة على عهد مروان بن محمد اخر خلفاء بني امية ، وأستشهد

في الخامس والعشرين من شهر رجب عام 183 للهجرة في عهد الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد (ت 193 للهجرة). .كان علما من اعلام الهداية والعدل ،وكنيته ابو الحسن،هوباب الحوائج لكل مظلوم من ظالم ببهتان.

فهل أحترموا قادة شيعة العراق هذا الامام الجليل واخذوا من علمه الغزير الكثير ليضعوه في دولة ملكوها بخيانة..كانوا قصار نظر ويقف قادة حزب الدعوة في المقدمة والمالكي بالذات..هذا المالكي هو الوحيد الذي من بينهم يملك كريزما القيادة ..لكنه لا يملك كريزما امانة الوطن..لذا فقد سقط كما سقطوا…والسقوط بعد الخيانة ليس كبوة بل موت من بعده لا..أمل.

بعد ولادته انتقل مع ابيه الامام الصادق (ع) الى المدينة المنورة ليرتشف من مدرسة الصادق كل علم وبيان ،كان ابوه الامام الصادق يوليه عناية خاصة علما وأدبا وتربية ،فقد كان يتوسم فيه الصلاح والفلاح للناس ولسمعة أهل البيت العظام،حتى قال فيه :” وددت لو ان ليس لي ولد غيره لئلا يشركه في حبي أحد”كتاب الكافي “. وهذه اشارة من ابيه انه الأمام الشرعي من بعده..وهو صاحب الآيديولوجية المعروفة بفقه الصادق الذي حولوه الفقهاء الاغراب الى مذهب وهوليس بمذهب..بل آيديولوجية لتجميع الأفكار العلمية والدينية ..على غرار الآيديولوجيات العالمية الأخرى.

وليكن في علم القارىء اللبيب ان الأئمة من اهل البيت يتوارثون الامامة لهداية الناس والحفاظ على حقوقهم من جدهم رسول الله(ص) وليس الخلافة،فهم والسياسة على طرفي نقيض.ألم يرفضها الامام جعفر الصادق (ع) من العباسيين عام 132 للهجرة ،ورفضها الأمام الكاظم(ع) من هارون الرشيد،ورفضها الامام الرضا (ع) من الخليفة المآمون.حين أصروا على التمسك بالحقوق والقانون وشروط الألزام التي كانت تتعارض وسياسة العباسيين.، دون مطامع الدنيا كلها ؟

هل يستطيع المؤرخ ان يضع قادة شيعة العراق اليوم بجوارهم علما وامانة وحبا للاوطان..غبي من يفكر هكذا..؟

انظر المحاورة بين الامام الصادق ، وحامل رسالة ابو سلمه الخلال له في تولية الخلافة بعد سقوط الامويين في سنة 132 للهجرة، يقول الامام الصادق لرسول أبي سلمه الخلال:” أسمع يا أبن عبد الرحمن :” ما انا وابو سلمه،وابو سلمه شيعة لغيري ونحن أهل البيت ما جئنا لطلب الخلافة ،بل جئنا لندفع الظلم عن الناس،فأخذ منه الكتاب واحرقه على سراج كان بجانبه وأنشد يقول متمثلاً بقول الكميت بن زيد : أنظر المسعودي في مروج الذهب ج2 ص166

يا موقدا ناراً لغيرك ضوءها ويا حاطباً في غير حبلك تحطب”.

وهذه هي نفس العبارة التي رددها الأمام الحسين (ع) حين جاء الى كربلاء لمحاربة ظلم الأمويين على الناس حين قال : “والله ما جئت طالبا لخلافة من الامويين ،بل جئت لأحارب ظلم يزيد على الناس” . فليعلم الاصحاب المتشدقون باهل البيت من حكام العراق الخونة اليوم ، ان اهل البيت كانوا أصحاب رسالة وليسوا أهل خلافة …اذن هم وأهل البيت (ع) بعدان لا يلتقيان..أوقل انهما على طرفي نقيض.

نعم ان البيئة العلمية التي تربى فيها اهل البيت والامام الكاظم منهم،كان لها أبلغ الأثر في تكوين شخصية الامام (ع) وصفاته الانسانية الرائعة،بيئة تسودها القيم الأنسانية والمثل العليا،فقد كانت بيوتهم معاهد علم وفضيلة،ومدرسة من مدارس الأيمان والتقوى،حتى غمرتهم المودة ،وعدم الكلفة ، واجتناب هجر الكلام ومرُه،وبذلك توفرت للامام باب الحوائج عناصر التربية الرفيعة والبعد عن الحرام واغتصاب حقوق الناس والمال العام.فهل يدرك الاصحاب اليوم ويقف قادة حزب الدعوة في المقدمة سيرة هذه المدرسة ليتعلموا منها ما فاتهم من تقصيربحق الله واهل البيت والشعب والوطن.؟

ايها العراقيون المؤمنون بهذا الامام الفذ في ذكرى استشهاده العظيم في كل عام،عليكم ان تدركوا: ان الذين يحكمونكم اليوم هم ممن تواطئوا مع الغريب على احتلال بلادكم وتدميرها ونهبها في 9-4-2003 ،والامام مُعرض عنهم، ولم يرضى عنكم ان تهاونتم معهم،. . والامر الاخربعد ان اصبحت بلادكم غابة للباطل وسرقت اموالكم والتهاون في دينكم ،ومقرا للغازي الجديد عدو العراق الأزلي ومفرق الصفوف باسم الدين ، ومرسل لكم كل الأدوية والاطعمة الفاسدة والمخدرات ليقتلكم بالعمد ، بينما كانت بلادكم وطن موحد ليس فيها من غريب..صحيح ان حاكمها السابق كان دكتاتورا ظالما اكتوينا بناره ..لكن القادمون الجدد يقعون في الدرك الاسفل من صفاته التي لا تُحمد.

فلا تتوهموا ان بلادكم اليوم حرة بأيديكم .فهي : مدمرة ومستباحة ،وحكامكم غرباء عنكم لا يؤمنون بوطن ولا بوطنية ولا حتى بدين.همهم الاول السلطة والمال والجنس والتدمير.انظر كيف يسكنون ويعيشون منعزلين عن الجماهيرفي منطقتهم الغبراء..وكيف اولادهم يعبثون في خارج الوطن..والمواطن جائع ومعذب وسجين بلا ذنب واين يسكنون.. ان الذين تخلوا عن القيم والمبادىء لا يركن اليهم في شدة وطن..

وصيتي لكم ان تشدوا العزم كما شد أهل الجزائر واسقطوا وريث الخرافة ان تسقطوهم ولا تستجيبوا لهم .. وتطلبوا من كل الشرفاء ان يمحقوا هذه الفئة الباغية فهم مستجابوا الدعاء

عند الله لعدالتهم وتقاتهم،كما طلب النبي موسى(ع) من الله ان يمحق فرعون ،فأغرقه في بحر الظلمات الذي لا يرحم .وأغرق قوم نوح وجعلهم مثل عاد وثمود حين قال فيهما :”وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ عاتية،..وثمودا فما أبقى،النجم 51″.

نعم فما أبقى …ولا يوهمكم الجلاد بأنكم عبيد له وهو الذي منحكم الحرية لزيارة الائمة ووضع عليكم الرادود المتخلف باسل كربلائي ليزيدكم تخلفا اليوم.. وابتكر لكم الراب الديني ليضعكم في سجنه الابدي نعم ..لكن هذا ما هو الا تستراً بهذه الآلاعيب عليكم ..فلا تصدقونهم ابدا ولا تثقوا بهم فهم اعداء الانسانية قبل ان يكونوا حكاما..فالخائن مرفوض من رب العالمين..لقوله تعالى:” ان الله لا يحب الخائنين”.

لقد قدم الامام الكاظم (ع) وصاياه لمن يتبعه من بعده فقال : أيها الناس..

اياكم ومعصية الله ، وان لا تفقدوا طاعته ، وعليكم بالجد والمثابرة والنظر الى رحمته ، ولا تخنوا،ولا تسرقوا ،والتزموا بالحق وآفوا بعهد الله ولا تحنثوا اليمين والقسم..؟ وردد ما قاله جده الامام علي(ع): “ان في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق “.

طلبه هارون الرشيد لمجلسه فحضر فقال له الرشيد: “يا ابن عمي ان دولتنا بحاجة الى شرعية نثبت فيها الدين..وأنتم اهل البيت اولاد عمومتنا شرعية الدين للناس فيكم ..هبني الشرعية بحضورك صلاة الجمعة واعترف باني امير المؤمنين احكم بشرع الله وسنة الرسول (ص) ولك الكرخ كله” ،فرد عليه الامام قائلاً:

اسمع يا رشيد ،ولم يقل له يا الرشيد تصغيرا لمقامه :نحن اهل البيت لسنا طلاب سلطة ومال ،بل طلاب حق وعدل كما قالها جدنا رسول الله لعمة ابوطالب :”والله يا عم لو وضعت قريش الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر الآلهي ما تركته حتى أهلك دونه”..فقال للرشيد:

اسمع يا رشيد: لا والله لن امنحك الشرعية والظلم فاشٍ ببابك،ولن ينقضي عني يوم من البلاء (وهو في السجن ) حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء،وغدا نحن الأثنان أمام الله سواء يحكم بيننا بالعدل. فليتعض السارقون للوطن سكنة المنطقة الغبراء اليوم ممن يدعون الانتماء اليهم والأئمة الاطهار منهم براء..؟.

وحين يئسَ الرشيد من طلبه منه أمر بقتله فقتل في سجن الكرخ ومات شهيداً..هؤلاء هم العترة من اهل البيت ، فأين لنا اليوم ممن يدعون،وممن تعاونوا مع الغريب في احتلال الوطن

وتدميره..وباعوا أرضه وحدوده ونفطه بعد ان شاركوا السارق سرقة الوطن..هل هم يستحقون الانتماء اليهم.. لا ورب الكعبة لا يستحقون الا مزبلة التاريخ..؟

بأسمك يا كاظم الغيظ ، يا صاحب رسالة العدل والحق ، ان تنتقم من كل من خرب بلادنا ،وشتت شعبا ، وسرق اموالنا ، وأكل حقوقنا بالباطل ، وجعلنا غرباء بين العالمين ..يا رب العالمين ..ان تنتقم منه انتقام من ظلم الناس بدون وجه حق..

لك منا يا كاظم الغيظ..الأجلال والتكريم …ومطلبنا منك ان تقف بجانب المظلومين من شعبنا وتطلب من الله ان ينجينا منهم كما انجيت نوح واصحاب السفينة من الغرق..و يهلك الفئة الباغية ويجعلهم من الممحوقين الهالكين .كما اهلكت قوم عاد وثمود وفرعون … المجرمين الظالمين ..وها تراهم اليوم مكسوري الجناح رغم سلطتهم وبطشهم …لان الظالم مخذول بأذن الله.

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here