الكرادة تعجّ بالمتبضعين بعد أكثر من عامين على أسوأ تفجيراتها

ترجمة/ حامد أحمد

شهدت منطقة “الكرادة داخل” التجارية في بغداد عبر السنوات الماضية عدداً كبيراً من التفجيرات أكثر مما يستطيع ساكنوها من إحصائها، وكان أكثرها دموية ورعباً هو التفجير الانتحاري الذي طال مجمعين للتسوق فيها عام 2016 راح ضحيته أكثر من 300 شخص . ولكن عبر السنة الماضية أو نحو ذلك شعر أهالي الكرادة بعودة الأوضاع الى طبيعتها أكثر من أي وقت آخر منذ عقود. شوارعها المرصوفة بأكشاك الأطعمة مزدحمة بالمتسوقين، ومحال المقاهي والمطاعم مكتظة بالزبائن حتى ساعات متأخرة من الليل، وان الجدران الاسمنتية التي كانت تحمي ضد الانفجارات تتم إزالتها الآن . رسول محسن 33 عاما، مدرس متوسطة، قال وهو يجلس أمام محل يحتسي القهوة “اعتدت أن أذهب الى المدرسة ثم أرجع الى البيت ولا أفعل شيئاً، وإذا أردت ان أذهب الى مطعم أطلب الجلوس في زاوية بعيدا عن أي نافذة خوفاً من احتمالية وقوع انفجار وتحطم الزجاج .”
لأول مرة منذ 15 عاما لم يحدث هناك أي هجوم أو انفجار كبير في العراق خلال مدة من الزمن، وإن هزيمة داعش في نهاية عام 2017 بعد حرب مدمرة استمرت أربع سنوات أعطت السكان قسطاً من الراحة. ورغم التحديات الكبيرة التي تلوح في الأفق فإن هناك شعوراً بأمل حذر يعم أرجاء العاصمة. المتحدث باسم العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، قال ان آلافاً من الحواجز الكونكريتية قد تم رفعها ونقلها عند ساحة في أطراف مدينة بغداد، مشيرا الى احتمالية استخدامها مستقبلا كسور حول بغداد لحمايتها من عمليات الاختراق .
تمت أيضا إعادة فتح أجزاء من المنطقة الخضراء المحصنة المطلة على الضفة الغربية من نهر دجلة للعامة، بضمنها دخول العامة لمنطقة ساحة الاحتفالات وقوس النصر . وفي الجانب الآخر من نهر دجلة تم ايضا فتح شارع الرشيد، الذي يعد من أقدم شوارع بغداد ومركزها التراثي، لمرور السيارات بعد 15 عاما من إغلاقه لأغراض أمنية . وكذلك تجري الآن عمليات إنشاء مقر جديد للبنك المركزي ضمن بناء شاهق يطلّ على واجهة نهر دجلة من تصميم المهندسة العراقية الراحلة زها حديد حيث من المتوقع ان يكتمل في العام القادم . دبلوماسي غربي رفض الكشف عن اسمه، تحدث عن الوضع الامني الحالي بقوله “بغداد تشعر بأفضل حال تمر به منذ 2003 رغم ذلك فإن البلاد تواجه تحديات كبيرة .”
تنظيم داعش، الذي يوشك على فقدانه لمعقله الاخير في الجارة سوريا، بدا يزحف مجددا الى العراق منفذا هجمات ضيقة النطاق في مناطق نائية خارج العاصمة وشمالي البلاد. عشرات آلاف الاشخاص ما يزالون نازحين ومعظم مناطق البلاد في خراب وبحاجة لخدمات. البلاد منكوبة بالفساد وفي مناطق العراق الجنوبية الغنية بالنفط غالبا ما تندلع فيها احتجاجات ضد تردي أوضاع المعيشة فيها فضلا عن تفشي ظاهرة البطالة والفقر بين شباب مناطق العراق كافة . واضاف الدبلوماسي الغربي قائلا “هناك فجوة كبيرة بين تطلعات الشعب وقدرة الحكومة على تلبيتها .” مع ذلك فإن الكثير يأملون انه بعد سنوات من سفك الدماء وغياب الامن، بدا العراق بالانتقال إلى مرحلة أفضل . مركز الهادي للتسوق في الكرادة الذي تسبب تفجير انتحاري استهدفه عام 2016 بحجز ناس وسط نيران مستعرة راح ضحيته ما يقارب 300 شخص، تجده الآن يغص بالمتسوقين، أما مركز الليث المجاور فقد تطلب الامر إزالته وإعادة بنائه من الاساس، وهو على وشك الاكتمال الآن . عاصم غريب، صاحب محل فطائر ومثلجات، قال إنه اعتاد لسنوات أن يستأجر شخص يحرس المحل ويمنع أي سيارة تقف أمامه خشية أن تكون مفخخة، مشيراً الى أن الوضع اختلف الآن وليس هناك خوف من وقوف سيارة أمام محله. بشار علي 33 عاما صاحب محل في الكرادة، يقول انه يخشى من احتمالية عودة مسلحي داعش بعد مغادرتهم سوريا وعودة الخروق الامنية خارج المدينة بضمنها الاختطافات والاغتيالات . وأضاف علي قائلا “بغداد مثل بيتي، أنا أشعر بالامان داخل بيتي ولكن عندما أكون خارج بيتي لا أشعر بهذا الاطمئنان .”

عن: أسوشييتدبرس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here