محمود من حلبچة
عبد الستار نورعلي
غرقَ الفتى بينَ الضلوعِ..
ينادمُ الصورَ التي قدْ أشعلتْ
غضبَ الديارْ
صورٌ تحلّقُ فوقَ أقبيةِ الأممْ،
الصمتُ سِكينٌ..
بأيدي مسرحياتِ الكبارْ،
الحلمُ ينبضُ بينَ أشلاءِ الصغارْ في حضن أمٍ فوقَ تنورٍ..
ومسجورٍ
رغيفٍ سوّدتهُ يدُ الدخانِ الأبيضِ..
المنشورِ منْ فم قاذفاتِ النارِ..
صُنّاعِ الدمارْ
محمودُ يُغلقُ ناظريهِ..
يعيدُ صورةَ أختهِ نيڤينَ..
تقفزُ بينَ أحضانِ الحقولْ
كفراشةٍ تزهو بألوان الفصولْ
تشدو بأغنيةٍ وتقطفُ زهرةً بريةً..
حمراءَ تشربُ عطرَها..
كأساً من الغزلِ العفيفِ..
ووجهُها بدرٌ
وأمّا زرقةُ العينينِ لونُ سماءِ كوردستانَ..
والجبلِ الأشمّْ،
ضحكتْ تمازحُ أمَها يوماً
فألقتْ غصنَها فوقَ اخضرارِ العشبِ:
ـ قنبلةٌ!
فهبّتْ أمُها فزَعاً لتلقيَ نفسَها فوق الفراشةِ..
بينَ أهدابِ الحقولْ
نيڤينُ في ضحكٍ طفولي تغوصْ
وهناك حيثُ سحابةٌ بيضاءُ..
تنشرُ ريحَها في الأفقِ..
تبتلعُ البيوتْ
تلقي الرمادَ على الغصونِ،..
تهيجُ تنتفضُ الطيورْ
هذي فراشتُنا،
تغفو على العشبِ المُسربَلِ بالرمادِ..
وبالدخانْ
منْ غير أجنحةٍ، ولا ألوانْ،
محمودُ ينظرُ في بطاقاتِ البريدْ
في الغابةِ الخضراءِ في المنفى البعيدْ،
ويعودُ يحلمُ:
اينَ نيڤينٌ تُرى؟
في أيِّ حقلٍ تقطفُ الأزهارَ..
تغمرُ وجهَها بالعطرِ والضحكِ البريءْ
واللهو والحبِّ الذي لا ينتهي
أبدَ الطريقْ…..
عبد الستار نورعلي
21 فبراير 1999
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط