الراب الاسلامي ..تفاعل وتعاطف مع الحدث الفجيع والمأساة المؤلمة

احمد الركابي
في الواقع يُعدّ تهييج المشاعر والعواطف لدى عامّة الناس أحد المهارات والفنون التي يتبارى في إجادتها المتخصّصون، وحلماً يصبو إليه أصحاب الفنّ والتمثيل؛ فترى الممثلين والفنّانين في ميدان المسرح والأداء التمثيلي يبذلون قصارى جهدهم في سبيل جذب أنظار الحظّار والمشاهدين من هواة الفنّ والمسرح، ويبحثون عن المحترفين في هذا المجال؛ كي يتعلّموا على أيديهم الطرق والأساليب التي تُسهم في إنجاح أعمالهم المسرحية والتمثيلية ورواجها بين الناس،
ومن هنا اصبحت الحقيقة التى لا شك فيها أن البكاء آية من آيات الله عز وجل فى النفس الإنسانية، مثله تماماً مثل الحياة والموت والخلق، فهو القائل سبحانه: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى 43 وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا 44 وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى 45) النجم: 43-45، فهو سبحانه الذى خلق البكاء وسبب دواعيه، وجعله ظاهرة نفسية عامة ومشتركة لدى جميع البشر على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم ومذاهبهم وبيئاتهم، فالبكاء لغة عالمية لا تختلف باختلاف الألسن أو الثقافات أو البيئات، فالجميع يبكون بنفس الطريقة ولنفس الأسباب غالباً.
ان التفاعل والتعاطف مع الحدث الفجيع والمأساة المؤلمة في واقعة الطف، ، قد جُعلت نوعاً من أنواع التأثّر الذي تترتّب عليه الآثار الوضعية فيما لو سعى المكلَّف لتحصيله؛ حيث إنّ الروايات الكثيرة التي أطلقها أئمّة أهل البيت -عليهم السلام -في هذا الحقل دلّت بما لا مزيد عليه من الوضوح على أنّ مَن بكى أو تباكى فله الجنّة على حدّ تعبيرهم عليهم السلام،فكما أن لبس السواد على مصيبة الحسين -عليه السلام- يُعلَن من خلاله التفاعل والتأثّر لها، كذلك المتباكي يُعلن تفاعله والاصطفاف مع هذا المصاب، فيحصل على الثواب الذي أعدّه الله عز وجل ووعد به الأئمّةُ -عليهم السلام –
ان البكاء خبرة سيكولوجية يمر بها كل إنسان فى مختلف مراحل حياته، صغيراً كان أو كبيراً، ذكراً كان أو أنثى، غنياً كان أو فقيراً، ورغم شيوع خبرة البكاء لدى جميع الناس،وأفضل أنواع البكاء وأكرمها على الله عز وجل ما كان من خشيته وخشوعاً لآياته وخضوعاً لقدرته تبارك وتعالى، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الباكين من خشيته الخاشعين له، يقول عز وجل: (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا 107
فلذا كان التوجه نحو الراب المهدوي وقبلها الشور لأجل هدف وغاية من قبل سماحة المرجع المحقق الصرخي الحسني وان هذه الامر وهو بالأصل من الامور المباحة لو رجعنا الى التشريع واهله فهي اساساً غير محرمة ولا تضر بالدين وشعار المذهب ،فلو وظفناها للهدف السامي والغاية الحقيقية وهي نشر الاسلام المحمدي الاصيل وانتشال الشباب من الضياع والحرمات وتنبيههم لما يمروا به من تغيب للهوية وابعادهم عن مسؤوليتهم الكبيرة ،لكون الشباب هم نواة المجتمع وقلبه النابض وتذكيرهم بان الاعداء واهل البدع هم من يتربص بهم ويحوك ضدهم كل المؤامرات .
فلنحافظ على نعمة الله ولا نجحدها، ولنترك لأنفسنا العنان فى البكاء كلما أحسسنا بحاجتنا إليه، ولنعلّم أطفالنا أن يبكوا عندما يشعرون بالحاجة للبكاء، فما كانت الدموع يوماً عاراً على صاحبها، وما كان البكاء يوماً عيباً نخجل منه، وكيف نخجل من نعمة مَنَّ الله بها علينا رحمة منه بنا وتخفيفاً منه عز وجل عن نفوسنا المتعبة، فيجب ألا نخجل من دموعنا أبداً،

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here