يوم الثامن من اذار- يوم المرأة العالمي ودور الرجل في تحرر المرأة!

نادية محمود

ونحن نحتفل بيوم الثامن من اذار، من الضروري التأكيد على اهمية ودور الرجال في النضال من اجل تحرير المرأة. ان قضية تحرر المرأة، ليس كما يردد البعض بانها قضية المرأة وانها يجب ان تهب للدفاع عن نفسها، و ان تتحرك لتطالب بحقوقها. كل هذا الكلام لا غبار عليه ولكن في اوضاع مثل الاوضاع الحالية في العراق بدون الدور الداعم والجاد للرجال في نضال المرأة – ونحن نتحدث هنا عن الرجل الذي يؤمن بحقوق وحرية ومساواة المرأة- بدون تدخله الفاعل والجاد والحقيقي، سيصبح تقريبا في عداد المستحيل، ان تتمكن المرأة من القيام بادوار اجتماعية او سياسية، ان تتمكن من مقاومة الضغوط ومواجهة التحديات التي تتعرض لها يوميا.

ولكن السؤال هو لماذا يحتل الرجل هذه الاهمية في عملية النضال من اجل حقوق المرأة في العراق؟ السبب هو ان الاوضاع الاجتماعية للمرأة في العراق هي مقيدة، وتحجر على المرأة في ميادين محدودة تتراوح بين الاسرة والاقارب ومكان العمل او الدراسة، بشكل عام. ولا تتمتع المرأة في العراق باية استقلالية عن الاسرة. فالمرأة تعيش في ظل العائلة، وبدون دعم العائلة المالي لها، لا تستطيع تدبير امور حياتها ومعيشتها وذلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة بين النساء والفقر، لو خرجن عن نطاق العائلة، هذا ان خرجن على الاطلاق!. وثانيا، ليس بوارد في العراق، على خلاف الحال في دول مثل لبنان ومصر ودول المغرب العربي، ان تعيش المرأة او الفتاة مستقلة عن بيت اسرتها، الا اذا دخلت اسرة جديدة وهي اسرة الزوجية. وهذا لاسباب عديدة، منها العامل الاقتصادي، او العامل الاجتماعي من عشائرية واوضاع غير طبيعية تعيشه النساء والمجتمع في العراق الان. هذه الاوضاع تجعل من مكانة الرجل، الاشتراكي،واليساري والتقدمي، والمدافع عن حقوق المرأة، لها اهمية خاصة. فالمرأة التي تعتمد في معيشتها، وحمايتها على اسرتها، لا بد انها تخضع لقوانين الاسرة وتعاليمها، واذا ما فكرت ان تخالف هذه القوانين والتعليمات، فانها ستتلقى عقوبات صارمة، تضطرها الى اعادة تكييف سلوكها بما يجنبها الخطر. والحال هذه، يكتسب دعم الرجل للمرأة ووقوفه الى جانبها مكانة مهمة واستثنائية.

ان الرجال هم حلفائنا، و لمن الاهمية بمكان لتقوية مقاومة المرأة وتعزيز قدرتها على الدخول في العمل الاجتماعي والسياسي وحتى ممارسة حقوقها الشخصية والمدنية، ان يقفوا الى جانب النساء، في اسرهم، في محيط عملهم، ودراستهم، في اماكن ومحلات سكنهم، في اسرهم الممتدة، وان يقوموا بكل ما يتمكنوا منه من اجل تقوية ودعم النساء والفتيات. ليست قليلة هي المرات التي يتردد بها، حلفائنا، اي الرجال من مد يد العون للنساء لمساعدتهن في مواجهة الاوضاع القمعية التي تتعرض لها النساء، للدفاع عنهن، لتقوية ارادتهن، لتشجعيهن. فبدلا من ان يقفوا بكامل قيافتهم لمقاومة الضغوط التي تتعرض لها النساء، يخضعون هم انفسهم الى تلك القيود، وكأنهم بلا حول ولا قوة، وكأن تلك القيود غير قابلة للمس او التحدي او المواجه، او التصدي لها. ويتحولوا بقصد او غير قصد، الى اشخاص مسلوبي الارادة هم انفسهم، عاجزين، حالهم حال النساء المقيدات بالف قيد وقيد، ليصبحوا جزء من الواقع الراكد، دون ان يقدموا على تحرك حقيقي وجدي. ان هذا ليس مرتبطا، بوجود ضغوط هائلة غير قابلة للاحتمال يتعرض لها الرجال ايضا، بل انه في احايين كثيرة، خيار شخصي بعدم التدخل، ترك الامور تنساب على مجراها، دون التدخل في تغييرها. ان هذا يسبب خيبة امل حقيقية للنساء، التي لا تجد لها ناصر ولا معين لا في الاسرة، ولا الشارع، ولا في الدولة، ولا في اي مكان. وليست قليلة شكاوى النساء اللواتي توسمن الدعم والمساعدة، الا انهن لم يتلقين اي منها. قضية المرأة هي ليست قضية المرأة وحدها، بل قضية الرجل ايضا، وخاصة حملة الافكار الاشتراكية واليسارية والعلمانية والتقدمية. يجب ان يعمل هؤلاء الرجال ويناضلوا من اجل قضية المرأة، وخاصة في بلد مثل العراق، تحكمه القوانين الدينية والعشائرية، كما لو كانت قضيتهم.

من الواضح بانه في مجتمع قائم على استغلال جزء من البشر لجزئه الاخر، لا يمكن للمجتمع ان يتحرر اذا كان كان نصفه، من الاناث، في حالة خضوع واستكانة واستسلام ومسلوبات الارادة. لذا، وبما اننا نتحدث عن مهمة الرجال الان وهنا. المهمة التي لا يمكن الايفاء بها بتذكر يوم المرأة فقط، بتقديم الهدايا لها، و التذكير باهمية مكانتها في المجتمع، تربية الاطفال، رعاية الاسرة، صبرها، وتحملها، تدبيرها لامور العيش، وتمجيد هذا الدور والاحتفاء به.

مهمة ان يبذل الرجل جهدا، باعتبار قضية المرأة هي قضيته، وانه اذا سعى من اجل تغيير الاوضاع نحو حياة وعالم افضل، لا بد ان يزج قوة النساء معه، وهن يمتلكن، امكانيات نضالية هائلة، ولكن يجب تقويتهن ودعمهن والاسهام في تحريرهن من جزء من قيودهن الاجتماعية من اجل ان يتاح لهن التحرك والعمل والابداع في نشاطهن.

ان الدعم الحقيقي لقضية المرأة يتجلى بالمقاومة المشتركة واليومية للنساء والرجال من اجل ايقاف والتصدي للهجمة التي تتعرض لهن النساء باعتبارهن نساء، بالقوانين التي تسن ضدهن، بكسر الحجر الذي يمارس عليهن، بتحمل اعباء العمل المنزلي وعدم تركه على كاهلهن، مساعدتهن بالخروج من المنزل لادارة وتدبر امورهن الشخصية، اشراكهن ودعوتهن ومساعدتهن للالتحاق بالعمل السياسي من اجل التغيير، السعي من اجل تدبر فرص معيشة وسبل عيش للنساء، وغير هذا الكثير مما يمكن للرجل ان يقدمه الى حليفه وبشكل يومي ومستمر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here