الحكومات الغربية تتحمل أيضا قسطا من مسؤولية المجزرة المروعة

بقلم مهدي قاسم

يسرني أن أقرأ ثلاث مقالات* عن مجزرة نيوزلندا ( و التي
يجب إدانتها و استنكارها في كل الأحوال لأنها طالت أناسا مسالمين ) ، تناولت أبعاد و خلفيات و دوافع هذه المجزرة المروعة بعيدا عن عواطف جياشة وعبارات جاهزة في مثل هذه الحالات ، إنما برؤية واقعية تعكس حقيقة وخلفيات الحدث الإجرامي المتعلقة أصلا بمظاهر الهجرة المتزايدة
يوما بعد يوم والتي بدأت تشكّل مصدر قلق ومخاوف للمواطن الأوروبي الذي وجد نفسه مهددا في عقره داره بثقافة هي نقيضة ثقافته تماما ، والتي أخذت تضيق عليه الخناق حتى في حياته الخاصة معرضة أمنه و أمن زوجته و بناته ــ عمليات الاغتصاب و التحرش ــ سيما لخطر الإرهاب
، بل و مصدر عيشه أيضا سيكون مهددا على مدى منظور ** ، سيما بعدما بات هذا المواطن الأوروبي متيقنا ، باستحالة إدماج غالبية المسلمين بالمجتمعات الأوروبية التي يعيشون بين صفوفها بسبب موانع ومعوقات ثقافية ذات صبغة دينية ومذهبية واجتماعية و قبلية متشددة ، إلى حد
أن أكثر الذين قاموا بعملية قتل الأوروبيين هم من مسلمي الجيل الثالث الذين ولدوا في دول أوروبية ونشأوا في مدارسها وجامعاتها وترعرعوا على ضمانها الاجتماعي المرّفه ..

و بالرغم من أن المواطن الأوروبي أخذ يعبر عن عدم رضاه
هذا لتدفق المهاجرين غير المحدود إلى بلده من خلال تأييده للأحزاب الشعوبية واليمينية من ناحية ، بينما بعضهم الأخر عزف و يعزف عن الاشتراك في الانتخابات من ناحية أخرى ، كنوع من ممارسة ضغوط سياسية وتعبير عن عدم الرضا هذا عن الأحزاب الأوروبية الحاكمة ، إلا أن
هذه الأحزاب ( و أغلبها من الاشتراكيين والليبراليين والخضر، و بعض قليل من اليمين المحافظ الحاكم ) ، لا يأخذون بنظر الاعتبار هذه المواقف الرافضة لتدفق الهجرة من قبل غالبية المواطنين الأوروبيين ، بل و يتفنوّن مراوغين في إيجاد صيغ وأساليب ملتوية أخرى و جديدة
، لفرض أمر واقع سياسي و رسمي يهدف إلى استقبال مزيد و مزيد من المهاجرين ، كأنما رغما على أنف المواطن الأوروبي ونكاية به !، و الأغرب من ذلك أن الاتحاد الأوروبي في صدد معاقبة بعض من أعضائه مثل هنغاريا و بولندا و التشيك وسلوفاكيا و ربما بلغاريا أيضا ، لكون هذه
الدول ترفض استقبال مزيد من المهاجرين و تحاول تفادي النقص في النفوس العامة للسكان ، بالتشجيع على الإنجاب من خلال الدعم المالي الكبير الذي سيُقدم للعائلات الشابة التي تتعهد بإنجاب أكثر من طفل ، وهو حل عملي ــ بحسب رأينا ــ و سيشكّل عملية تعويضية عن الهجرة المفرطة
وغير المبررة ..

لهذا فإن بعض المتطرفين الأوروبيين من ذوي النزعة القومية
المتعصبة ( بعدما يستنفدون كل وسائل الضغط السياسي الآنفة الذكر ويشعرون بعدم جدواها ) يجدون أنفسهم مضطرين للقيام برد فعل رهيب بما هو سيشكّل أكبر صدمة و تأثيرا و صدى مدويا ، من مجرد القيام بعملية تصوّيت للشعوبيين أو العزوف عن الاشتراك في الانتخابات ،ــ نكاية
بالاشتراكيين والليبراليين ــ فيلجئون إلى أسوأ وأفظع ” حلول ” مثل مجزرة نيوزلندا حاليا ومجزرة النرويج سابقا ..

عموما يمكن القول أن الحكومات الغربية سيما بيروقراطي الاتحاد
الأوروبي يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولية هذه المجزرة ، لتواطئهم ــ غير المفهوم ـــ على إغراق الدول الأوروبية بملايين من مهاجرين و ذلك رغما على إرادة غالبية الأوروبيين ..

بعض المتون والهوامش :

*أقصد بالمقالات الثلاث التي كتبها بخصوص هذه المجزرة
كل من الساد الكتّاب نعيم الهاشمي الخفاجي سرسبيندار
السندي وسجاد تقي كاظم برؤوية واقعية و شمولية بارعة !.

** في عاصمة بلجيكا بروكسل رفض عمدة العاصمة وضع شجرة عيد
الميلاد في قلب العاصمة حيث كان التقليد سائدا منذ مئات السنين ، و ذلك لكي لا يجرح مشاعر المسلمين هناك و الذين عبروا عن عدم ” رضاهم ” لوجود شجرة الميلاد هناك بمناسبة عيد الفصح !!! ، ولكنه سمح لنفسه حتى يجرح مشاعر ملايين المسيحيين ..

*** أقرأُ حاليا كتابا شبه وثائقي ــ مترجما إلى الهنغارية
ــ بعنوان جريمة بلا حدود لكاتبيه الألمانيين أودو أولفغوتيه و ستيفان شوبرت ، يستعرضان فيه الأعمال الإرهابية وعمليات الاغتصاب ، فضلا عن آلاف من جرائم ” عادية ” من عمليات سطو و سرقات و نصب و احتيال و التي اُرتكبت و تُرتكب من قبل المهاجرين و اللاجئين في ألمانيا
وزادت مع كثرة المهاجرين مؤخرا ، حيث أن الحكومة ــ والشرطة المغلوبة على أمرها ــ و كذلك الميديا المنحازة للحكومة تمنع نشر أخبار هذه الجرائم بهدف كتمها عن المواطن الألماني ، لكي لا يكون عنده علما بذلك فيصبح متحاملا أو مستاء من الأحزاب الحاكمة !! ، و كيف أن
الملايين من المهاجرين و اللاجئين يشكلّون عبئا ماليا مرهقا و كبيرا على عائق خزينة الدولة ومن ثم يسببون من جراء ذلك زيادة متصاعدة ومتواصلة في الديون الخارجية للدولة ، لحد ستُطال ــ عاجلا أم آجلا ، نمط العيش المرفه المعهود للمواطن الألماني ، مشيرين من خلال ذلك
إلى عبثية محاولة الاندماج بل و إستحالتها ، وإلى أوهام و كذبة التنوع الثقافي فيما يتعلق الأمر بالمسلمين هناك ، بحكم كون المسلمين ليس فقط في عزلة اختيارية و متقوقعين بتشنج صارم في إطار ثقافتهم الدينية والاجتماعية ، بل أنهم يحتقرون ــ بحسب هذين الكاتبين ــ الثقافة
الألمانية بكل أنواعها ، سيما منها طابعها المسيحي ، وحيث يستفزهم مشهد الصليب والكنائس ، ويفضّلون مقابل ذلك تطبيق الشريعة بديلا عن القوانين الوضعية الألمانية ، و يشكو الكاتبان كيف تجري عملية تحويل بعض الكنائس القديمة إلى جوامع ومساجد بدعم مادي كامل من السعودية
وقطر حيث أن أئمة وهابيين يشرفون عليها و يديرونها ، ناشرين من جراء ذلك أفكار التطرف و الإرهاب في أكبر عملية خضوع ألماني مشين للإسلام الزاحف و الذي حسب أحد البروفسوريين الألمان أنه من المحتمل جدا في نهاية 2050 سيصبح المسلمون هم الأغلبية السائدة في ألمانيا (
فقلتُ مع نفسي : إذا كان هذا المصير المظلم سينتظر ألمانيا ذات نفوس كبيرة حاليا ، فماذا عن الدنمارك و النرويج و السويد حيث قلة الإنجاب و سرعة انقراض المسنين من المواطنين الأصليين ، باضطراد مع تزايد نسبة المهاجرين وكثرة أطفالهم ، فمعنى ذلك أن هذه الدول الثلاث
ستكون مرشحة لتكون ذات أغلبية مسلمة قبل ألمانيا بعقود ) ــ هذا غيض يسير جدا من فيض كبير في ذلك الكتاب البالغ 330 صفحة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here