شكوك وراء حادث وفاة القاضي عزت توفيق: تزامنت مع كشفه ملفات خطيرة

بغداد/ وائل نعمة

انتهت علاقة القاضي عزت توفيق بهيئة النزاهة بشكل كارثي. الرئيس السادس للهيئة هو الخامس من بين الرؤساء الذين تركوا المنصب بشكل قسري.
وتدور شكوك في أن يكون الحادث المروري الذي تعرض له القاضي كان مدبراً، خصوصاً أنه جاء في توقيت يستعد فيه الأخير لكشف عدة ملفات فساد.

واصطدمت شاحنة ضخمة بسيارة رئيس هيئة النزاهة أثناء سيره بين محافظتي دهوك وأربيل منتصف ليل الخميس الماضي، ما أدى إلى تهشم السيارة بالكامل ووفاته في الحال.
ويقول مسؤول سابق في هيئة النزاهة، طلب عدم نشر اسمه، في تصريح لـ(المدى) إن “كل العاملين في مجال النزاهة والرقابة معرضون للاغتيال بسبب حساسية مناصبهم”.
وكان الرئيس الاول للنزاهة القاضي راضي الراضي، قد هرب من العراق بعد 3 سنوات من رئاسة الهيئة، بعد اتهامات وجهت له من قبل حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في عام 2007.
وقال المالكي في حنيها أنه (الراضي) “قد يقوم ببعض الأعمال وربما كان قد أخفى بعض الأوراق أو تلاعب ببعض الأوراق قبل أن يغادر.. لكن كل هذه ستكون تحت متابعة وملاحقة الحكومة العراقية والقضاء العراقي لاستقدامه وإعادته للعراق لمحاكمته بموجب الاتهامات الموجهة له”.
وغالباً ما تتهم هيئة النزاهة بأنها “أداة سياسية” بيد الحكومة. وتتصارع الاحزاب للسيطرة على هذا المنصب تحت ذريعة المحاصصة والاستحقاق الانتخابي.

تهم قاتلة
التحقيقات الأولوية في حادث مقتل القاضي عزت، لا تشير الى شيء غير طبيعي، لكن المسؤول السابق في الهيئة يقول: “مازالت هناك شكوك بأن يكون الامر مدبراً، خصوصا أن هناك حوادث أخرى مشابهة”.
في عام 2012، توفي سهيل القريشي، وهو المفتش العام السابق لأمانة بغداد بعد توعده بفضح ملفات فساد. ويعتقد المسؤول السابق في النزاهة ان “القريشي توفي بعد إصابته بجلطة بسبب تلفيق تهمة ضبطه بأخذ رشاوى لإبعاده عن منصبه”.
وتثير حادثة مقتل الرئيس الاخير لهيئة النزاهة الشكوك، بسبب التوقيت الذي جرى فيه الحادث، حيث كان مسافراً لوحده وكان يقود السيارة بنفسه وبدون حماية.
كذلك جاء الحادث بعد أسابيع قليلة من تفعيل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي المجلس الاعلى لمكافحة الفساد، وتعد هيئة النزاهة طرفاً أصيلا فيه، وإعلان الاخير وجود 40 مفصلاً في الدولة يشوبها الفساد.
وعيّن القاضي عزت في النزاهة عام 2009، وكلف مرتين برئاسة الهيئة، الاولى في عام 2011، بعد إبعاد رئيس الهيئة السابق رحيم العكيلي عن المنصب والحكم عليه بـ7 سنوات غيابياً، والمرة الثانية في حزيران الماضي، بعد أن أعلن حسن الياسري استقالته من المنصب.
ويضيف المسؤول السابق في النزاهة قائلا: “القاضي عزت هو المسؤول الوحيد الذي استمر لـ10 سنوات في الهيئة وكان يخطط العام المقبل لطلب التقاعد (…) وعندما صار رئيسا زادت عليه الضغوط وصار تحت النار”.
اعترف حسن الياسري، وهو آخر رئيس للهيئة قبل القاضي عزت، بانه استقال من منصبه لأنه “يئس” من مكافحة الفساد في العراق.
وكان القاضي موسى فرج، قد ترك منصبه أيضا بدون أسباب واضحة في 2008 وطلب إحالته إلى التقاعد وانعزل في مدينة السماوة.

شكوك
وقبل 6 أيام من الحادث، قال القاضي توفيق في مقطع مصور، بانه “يبحث منذ أسبوع في ملفات خطيرة، تتعلق بالعقارات والمنافذ الحدودية وتهريب المشتقات النفطية والضرائب”.
بالمقابل كان مفتش وزارة الداخلية جمال الأسدي قد قال بعد مقتل القاضي عزت انه: “كان المفروض أنا ورئيس النزاهة المرحوم عزت توفيق أن نقدم تقاريرنا بثلاثة ملفات يوم الأربعاء المقبل، وكانت الملفات هي تهريب النفط والمنافذ الحدودية والمخدرات”.
وشكك ائتلاف النصر، بحادثة وفاة رئيس هيئة النزاهة. وقال القيادي في الائتلاف علي السنيد، إن الحكومة العراقية “مطالبة بفتح تحقيق أمني موسع مهني بشأن الحادث”.
وبيّن السنيد، أنه من “غير المستبعد أن تكون الحادثة مدبرة لمنع رئيس هيئة النزاهة من كشف ملفات الفساد”. وأكد أيضا انه لا يستبعد تورط الفاسدين بالحادث.
كذلك اتهم تيار الحكمة جهات فاسدة بالوقوف خلف الحادث. وقال النائب عن التيار علي البديري ان “هناك شكوكا فعلاً، في قضية وفاة رئيس هيئة النزاهة في العراق، فقد يكون الحادث مدبرا من قبل جهات فاسدة متورطة بعمليات فساد، وتخشى كشفها في المرحلة المقبلة”.
وأضاف البديري انه “على الجهات الأمنية العراقية فتح تحقيق، لكشف ملابسات الحادثة، بعيدا عن اي ضغوطات سياسية او غيرها، ويجب ان يكون التحقيق سريعاً، وتكشف نتائجه أمام الرأي العام”. من جهة أخرى تساءل النائب محمد الكربولي في تغريده عبر تويتر “هل حادث دهوك الذي أدى لوفاة رئيس هيئة النزاهة كان قضاءً وقدراً أم بفعل فاعل؟”، مضيفاً إنّ “الإجابة مطلوبة من الجهات التحقيقية” .
وتعود محاولات الاغتيال عبر الحوادث المرورية بالذاكرة الى مقتل رجل الدين السيد محمد محمد صادق الصدر والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، واثنين من أشقائه في حادث سير يعتقد انه “مدبر” في عام 1999.
ويقول عضو لجنة النزاهة صباح طلوبي وهو نائب عن سائرون المحسوبة على الصدر لـ(المدى) إن “كل حوادث المرور فيها شكوك بأنها مدبرة (…) أغلب الاغتيالات التي نفذت في زمن صدام حسين كانت بهذا الشكل”.
ودعا طلوبي الى “تحقيق نزيه” بالحادث، فيما قال إن البرلمان لن يسمح بعد 30 من حزيران المقبل ان يبقى أي منصب في العراق يدار بالوكالة. في إشارة الى احتمال ان يكلف عبد المهدي شخصاً آخر بالوكالة لإدارة الهيئة، فيما يتردد في الاوساط الإعلامية اسم رئيس الهيئة السابق رحيم العكيلي.
وفي سياق متصل، طالب تحالف سائرون، بعرض الملفات التي كان يحقق بها رئيس هيئة النزاهة عزت توفيق الذي توفي بحادث سير في محافظة دهوك الخميس.
وقال رئيس التحالف حسن العاقولي خلال مؤتمر صحفي عقده في النجف إن “كتلة سائرون تعزي أسرة عزت توفيق وتشيد بمواقفه وعمله بجد وإخلاص (…)وإن وفاته خسارة للعراق”، مطالباً بـ”إجراء تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادث على ان يتضمن التنسيق بين المعنيين في الإقليم والحكومة المركزية”.
كما طالب بـ”عرض كل الملفات التي كان يحقق بها القاضي توفيق كما نطالب بحيادية المعنيين عن هذا الملف وندعم المؤسسات المستقلة للقضاء على الفاسدين”، موضحاً أن ” ملفات الفساد كافة كانت بحوزته وهناك شبهات قتل في الحادث”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here