تحية للجزائر العربية!!

أبهرتني الجزائر بحِراكها الوطني الواعي المنير , وبقادتها الحكماء الأذكياء الألباء , فتفاعلاتهم مع المستجدات والتطورات تتسم بالعقلانية والوطنية , والتعبير الأصدق عن إرادة الشعب وتطلعات وطن صامد مناضل يتوثب للنهوض , والحفاظ على تألقه وقيمه وأخلاقه ومعاني ثورته الأبية الرائعة , التي غيّرت بوصلة السلوك السياسي في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين , هذه الثورة التي لايزال بعض أبطالها أحياء , وشواهدها بارقة حاضرة في الوعي الجمعي الجزائري.

وفي هذا الصباح تمتعت بالإستماع لكلام نائب رئيس الوزراء الجزائري الحالي في مؤتمره الصحفي مع وزير خارجية روسيا , إذ أعجبني لسانه العربي الفصيح وعباراته التامة والواضحة , وأكاد أقول , إنها المرة الأولى التي أستمع فيها لمسؤول عربي يحترم اللغة العربية , وينطقها بنحوية وجزالة وقدرة على التعبير الأمثل , وما أخطأ الرجل إلا بكلمة واحدة إذ رفعها وهي منصوبة لكنه عاد ونصبها , مما يدل على أن الجزائر فيها قادة من الطراز المعاصر الواعي العارف بمعنى المسؤولية والسياسة , ولديهم القدرة على تفعيل العقول الوطنية وصناعة المستقبل الجزائري اللائق والسعيد.

قد يقول قائل ما هذا الكلام؟

وأقول أن العقول تظهر على أطراف الألسن , وعندما يتكلم الشخص فأنه يُظهر عقله , وما وجدته في كلام نائب رئيس الوزراء الجزائري يؤكد حضور العقل , فالفصاحة في العقل السليم , وقد كان فصيحا مفوها ومجيدا في وشع أفكاره بعبارات وجمل عربية تامة.

فلو إستمعتم لقادة العرب ستجدونهم من أضعف قادة الدنيا في التعبير السليم بلغتهم , فقادة العالم لا يمكنهم أن يرطنوا بلغاتهم أو يتفوهوا بعبارات مضطربة , لأن في ذلك عدوان سافر على الهوية والعزة والكرامة الوطنية , بينما قادتنا فحدث ولا حرج , حتى ليخجل المستمع إليهم وهم يتحدثون بالعربية , وكأنها غريبة عليهم وما عرفوها ولا عرفتهم , مما يشير إلى أميتهم اللغوية , وأنهم لا يقرؤون ولا يعرفون ويتوهمون بأنهم منبع المعرفة والدراية والعلم , وعلى الآخرين وجوب تبعيتهم وتقديس ما يتفوهون به بلسان متعثر مهين.

وإستمعت للدكتور أحمد طالب الإبراهيمي , وهو يتكلم بحكمة وصدق وإخلاص وطني , ويطرح أفكارا نابعة من تجارب نضالية حقيقية , تتميز بالموضوعية والإرادة على بناء الوطن وتحرير طاقات الأجيال وتوظيفها للصالح الوطني العزيز المقتدر.

فقلت لنفسي: أن في الجزائر رموزا أفذاذا , ووطن يكنز عقولا حكيمة ومنورة وذات جرأة وإقدام , لن يحل به ما حل بالدول العربية الأخرى , التي تولى أمرها الجهلة المقبوض على مصيرهم بالتبعيات والخنوع المذل المشين.

فالجزائر ذات روح عربية عزيزة أبية , ولن تسمح للمغفلين والمخادعين أن يتولوا أمرها وتقرير مصيرها , الجزائر تقرر ما تريده بإراتها الواعية الساطعة.

فتحية للجزائر مشعل الإقدام ونبراس إرادة أمةٍ لا تُضام!!

فهل أن هذه الصورة ستؤكدها الأيام؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here