التناسي هو العدوان!!

آلية التناسي من أساليب الحروب النفسية القاسية التي بموجبها يتم التغاضي عن جرائم فظيعة , والقيام بجرائم أفظع منها تطغى عليها وتمحوها.

ومن الواضح أن الحرب العراقية الإيرانية قد تم التعتيم عليها بالنسيان , وما تلاها من حروب طغت عليها وتسيّدت , وأرتكبت فيها جرائم بشعة تواصل عرضها في وسائل الإعلام.

وهذه السياسة الإعلامية قد إنطلت على الإعلام العربي الذي يبدو في معظمه مؤدلج , وتتحكم به قوى تفرض إرادتها على نشاطاته , فلا يمكنه أن يكون حرا , وإنما عليه أن يمارس التبعية والخنوعية , وتبرير الجرائم والآثام المرتكبة بحق المجتمعات العربية.

فالإعلام العربي لم يكن بمستوى الأحداث والتفاعلات الحاصلة في الواقع , وهو عبارة عن صدى لمراكز الإعلام العالمية , التي تريد ما يمكن توظيفه لتحقيق المصالح وإنجاز المشاريع , وتجده يركض لاهثا وراء تلك المراكز الإعلامية الخبيرة في تكوين الآراء وبرمجة العقول.

فالإعلام من أخطر الوسائل والتطورات التي تتحكم بالسلوك البشري , وهو الذي يقرر مصير الأفراد والجماعات والدول والمجتمعات ويقضي على الأمم والإمبراطوريات , الإعلام أكبر قوة معاصرة تهيمن على الوجود البشري في كل مكان.

وفي واقعنا العربي هناك تأثير واضح للإعلام الذي يضلل ويكذب ويتاجر ويمتهن ولا يعرف الحرية ولا يريد الحقيقة , وإنما هو إعلام تسويقي مضطرب ممول وكل محطة إعلامية تغني على ليلاها , فعلى سبيل المثال , لو ترقبت محطتين عربيتين تابعتين لنظامين مختلفين , ليتبين لك قلب الحقائق وتسويق الأكاذيب وتمرير الأعاجيب , وإسنادها من قبل العديد من المأجورين الذين يعتاشون على التصريح بما يضلل ويدين ويخرب , ويمرر المشاريع والبرامج القاضية بإفتراس الإنسان العربي.

ولو تأملنا كم من الحالات المروعة المثيرة يتم تهوينها والتقليل من أهميتها وعدم الإشارة إليها , وإنما حتى لو ذكرت توضع في خانات وتوصيفات تجرمها وتبرر ما حل بها , وقد تم التعتيم الفظيع على أوجاع المجتمعات العربية في العراق واليمن وسوريا وليبيا والسودان , وغيرها من الدول المنكوبة بالتجاهل الإعلامي لمعاناة مواطنيها.

وفي بلاد العُرب أوطاني صارت المحطات الإعلامية بأنواعها بالمئات , والنسبة العظمى منها ذات أجندات وأهداف وغايات غير عربية , أي أنها تسعى لخدمة المصالح الأجنبية , فلا يلومن العرب إلا أنفسهم , وإلا لما وصل بهم الحال إلى أن يكون البشر العربي أرقاما بلا قيمة , والبشر الآخر إنسانا قيمته لا تقدر بثمن.

فهل من إعلام صادق حر نزيه لكي يكون العرب , ويتحقق جوهر أمتهم المنكوب بهم؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here