“الله أعلم” و”أنا أعلم”!!

المتخصصون بالدين وعلى مر العصور والأزمان عندما يبدون رأيا في مسألة ما يختمون قولهم بقول

” والله أعلم” , تعبيرا عن الإعتراف بقلة العلم , وأن ما ذكرونه مبني على ما يعرفونه وحسب , وكلما زادت معارفهم تبدلت آراؤهم وتطورت وتجددت , ولا يوجد واحد منهم يقول ” أنا أعلم”.

وما يحصل في واقع الإسلام المعاصر وفي المجتمعات العربية خصوصا , أن أعداد المتقنعين بالعمائم واللحى قد تكاثر بشكل عجيب وغريب , وصار الواحد منهم يدّعي العلم والمعرفة بالدين , الذي لا يمت إليه بصلة لا من قريب ولا من بعيد , ويعجز عن فهم آية قصيرة في القرآن الكريم , لكنه يتبجح بالمعرفة ويحتكرها ويوهم الناس بأنهم لا يعرفون وهو العارف المتفيقه علامة الزمان , وما يتجرأ أن يقول :الله أعلم” بل خلاصة قوله :أنا أعلم” وعليكم أن تتبعوا وتركعوا وتخنعوا لإرادتي وهذيناتي.

نعم عمائم ” علاّمة” وتدّعي “الإمامة” , والسادة والسيادة , وأنها من أنسال الأشراف والنبلاء والذين يتوارثون العلم ويأخذونه وهم في بطون أمهاتهم.

والعجيب في أمرهم أن منطقهم ضعيف ولغتهم مضطربة وأقوالهم هذربة , وهم الذين يفعلون ما يفعلون في واقع تحول فيه الدين إلى تجارة , بضاعتها البشر المغرر به والمبرمج للتظلم والقهر والأنين.

هؤلاء أعداء الأمة والإنسانية والدين , فهم يتكلمون بما لا يعرفون , ويستثمرون في جهل العامة ويمعنون بتجهيلهم وتضليلهم , لتربح تجارتهم وتمتلئ جيوبهم بالسحت الحرام.

وبتكاثرهم وتنامي تجاراتهم وأرباحهم أصبح الواقع العربي في محنة حضارية مريرة , تتعطل فيها العقول , وتتحطم النفوس , وتتكسر الإرادات , وتتزايد التبعيات , ويفوز الخنوع , وينتصر الخداع , ويعم الجهل والأمية باللغة والدين , وكأن المشروع المطلوب هو سلخ العرب من دينهم ولغتهم وتغليب لغة الآخرين عليهم , وحقنهم بدين لا يعرف الدين القويم المتعارف عليه على مر العصور.

ووفقا لذلك سيتحول الدين إلى عدوان على العرب والإنسانية , لما يقدمه المتبرقوعون بالعمائم واللحى من أمثلة سيئة ينسبونها للدين.

فالمعمم الملتحي يوهم الدنيا بأنه يمثل الدين , وأنه رمزه وعنوانه وينطق بلغته وبأفكاره , ويرى أن ما يقوم به هو الدين القويم الصحيح وسواه ليس بدين.

وهذه ظاهرة شائعة في الإسلام , حيث تجد كل فرقة تدّعي أن ما تراه هو الدين الصحيح وأي رؤية غير رؤيتها عدوان على الدين , وبذلك فالصراع محتدم بين الفرق والجماعات وجوهره الجهل بالدين , والتوهم بالمعرفة والعلم , وأمية الدين هي الدين!!

فتبا للعمائم المتسولة بإسم الدين!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here