واجباتنا الوطنية فى أربعينية المعاهدة مع العدو الصهيونى

محمد سيف الدولة

[email protected]

تحل هذا العام الذكرى الاربعون لتوقيع المعاهدة المصرية الاسرائيلية فى 26 مارس 1979 المشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد.

وهى تأتى فى ظروف شديدة السوء والتراجع بالنسبة الى القوى الوطنية المصرية المناهضة للصهيونية وللمعاهدة ولاسرائيل وللاعتراف بها والسلام والتطبيع معها.

فلاول مرة فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية تجد نفسها عاجزة على التعبير عن مواقفها فى اى أنشطة أو فاعليات بعد ان قام السيد عبد الفتاح السيسى ونظامه واجهزته الامنية باغلاق كل قنوات العمل السياسى ومنابر الراى والتعبير بالضفة والمفتاح فى وجه اى معارضة سياسية.

فى ذات الوقت الذى قام فيه بفتح الابواب على مصراعيها للعلاقات المصرية الاسرائيلية بشكل غير مسبوق ولا حتى فى ايام السادات ومبارك. حتى ان سفارة العدو قامت فى مايو 2018 بالاحتفال بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين (النكبة) جهارا نهارا على ضفاف النيل فى فندق ريتز كارلتون بالجوار من ميدان التحرير. بالاضافة الى استفحال وتعمق التنسيق الامنى ليصل الى درجة التحالف، والى الشروع فى تاسيس ناتو مصرى عربى اسرائيلى تحت القيادة الامريكية لمواجهة ايران. ثم جاء توقيع صفقة لاستيراد الغاز من (اسرائيل)، وتاسيس منتدى شرق المتوسط للغاز، ليقدما دعما وتطويرا جديدا للتطبيع الاقتصادى بين الطرفين جنبا الى جنب مع اتفاقية الكويز وباقى اشكال التطبيع التجارى والزراعى والسياحى.

لقد اصبحت (اسرائيل) تحتل مكانة ممتازة اليوم فى علاقات النظام الخارجية والاقليمية والدولية اذ تقوم بدور البوابة الرئيسية لضمان الدعم الامريكى والاوروبى لعبد الفتاح السيسى، الى الدرجة التى قامت فيها فى سابقة هى الأولى من نوعها بالضغط على الادارة والكونجرس الامريكيين لاستئناف المساعدات العسكرية الامريكية لمصر. والقائمة تطول.

ومختصر القول اننا امام انفتاح واسع على (اسرائيل) مقابل خنق كامل للمصريين، فماذا يمكننا ان نفعل؟

لا أظن أنه يمكننا الاستسلام، وترك هذه الذكرى الاليمة تمر فى صمت، بدون ان نقوم على أضعف الايمان بتسجيل موقفنا الوطنى وارسال رسالة الى الجميع وعلى رأسهم الأجيال الجديدة بحقيقة موقف الشعب المصرى من هذا الكيان الاستعمارى العنصرى الارهابى المسمى باسرائيل، ومن السلام والتحالف معه؟

بل انه يتوجب علينا ان نتضامن جميعا من اجل تنظيم تظاهرة وطنية واسعة تتضمن اكبر عدد ممكن من الفاعليات السياسية: سلاسل من الدراسات والمقالات ومؤتمرات سياسية وصحفية (اذا تيسر)، ومعارض للكتب واللوحات، وندوات وبيانات ألفية وملصقات فلسسطينية .. الخ يتم من خلالها ارسال الرسائل التالية للجميع:

· ان 40 عاما على توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، لم تنجح فى إنهاء العداء الشعبى المصرى العميق للعدو الصهيونى.

· وان 71 عاما من الاغتصاب والبطش والارهاب الصهيونى والدعم الامريكى الاستعمارى، لم تنجح فى تغيير او تزييف وعى وإدراك ثلاثة اجيال متتالية لحقائق التاريخ والجغرافيا بان الأرض الواقعة على حدود مصر الشرقية هى ارض عربية تسمى فلسطين، اما (اسرائيل) فلا تعدو أن تكون كيانا استعماريا باطلا ووجوده غير مشروع، وانه طال الزمن ام قصر، ستعود الارض لأصحابها.

· وأن ست سنوات من السلام الدافئ والتطبيع العميق وصفقات الغاز والتنسيق والتحالف الامنى والعسكرى لا تعبر عنا ولا تمثلنا، بل هى بمثابة عدوان صريح على ثوابتنا الوطنية واسس وبديهيات امننا القومى، وكل مشروعات وبرامج واهداف التغيير الذي تبنته ثورة يناير.

· وانه لو كان الأمر بيدنا وكنا نمتلك حريتنا، لصنعنا حائط صد بأجسادنا للحيلولة دون تدنيس القاهرة بالاحتفالات الصهيونية كما حدث فى مايو الماضى 2018 على شاطئ النيل بالقرن من ميدان التحرير الذى انطلقت منه الثورة المصرية.

· ولقمنا بطرد وسحب السفراء، واغلاق سفارة العدو على غرار ما فعلناه يوم 9 سبتمبر 2011 إبان الثورة.

· ولبذلنا كافة جهودنا لتحرير مصر من سجن وقيود اتفاقيات كامب ديفيد.

· ولقمنا بالغاء كل اتفاقيات الغاز والكويز وكل انواع التجارة والتطبيع الاقتصادى.

· ولقمنا بالغاء اتفاقية طابا التى بموجبها يسمح للسياح الاسرائيليين بالعربدة على شواطئ خليج العقبة لمدة 14 يوم بدون تاشيرة.

· ولاعدنا النظر فى علاقتنا العسكرية والاقتصادية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية، بسبب دعمها اللانهائى لاسرائيل، وقراراها الاخير بالاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل سفارتها هناك، وتآمرها لتصفية القضية الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن.

· ولأعدنا بناء وتأسيس علاقاتنا وتحالفاتنا العربية والاقليمية والدولية، لمواجهة النفوذ والهيمينة الامريكية والعربدة الاسرائيلية.

· وقدمنا كل الدعم الممكن لشعب فلسطين ومقاومته، ولفتحنا معبر رفح وعاملناه معاملة معبر السلوم وباقى المعابر المصرية بدون سماح لسلطات الاحتلال بالتدخل في مواعيد وشروط فتحه واغلاقه.

· ولقمنا بفتح الابواب على مصراعيها لكل المصريين الوطنيين من أنصار فلسطين ومناهضى الصهيونية و(اسرائيل) وكامب ديفيد، للتعبير عن آرائهم ونشر الوعى الوطنى والقومى واعداد وتربية الاجيال الجديدة على حقيقة المشروع الصهيونى ومخاطره على مصر بقدر خطورته على فلسطين.

· ولقمنا باحياء كل اللجان الوطنية من لجان مقاومة التطبيع والمقاطعة ومناهضة الصهيونية والاغاثة ودعم الانتفاضة الفلسطينية ونصرة المسجد الأقصى ..الخ

· ولاطلقنا حملة تبرعات قومية كبرى وقوافل للدعم والاغاثة مماثلة لتلك التى أطلقناها مع انتفاصة الاقصى عام 2000.

· وغيره الكثير.

***

· كانت هذه بعض الرسائل التى اتصور انه يتوجب علينا التاكيد عليها تزامنا مع الذكرى الاربعين لهذه المعاهدة المشئومة، والتى نحن على يقين من ان (اسرائيل) وجماعة كامب ديفيد فى مصر سيقيمون الافراح والليالى الملاح لاحيائها والتى ظهرت بوادرها بالفعل فى الجائزة الذهبية التى قام الكونجرس باهدائها للسادات بهذه المناسبة، والتى قام وفد صهيونى من الامريكان اليهود فى الاسابيع القليلة الماضية بزيارة الى مصر ومقابلة السيسى احتفاءً بها.

***

فان فعلنا، فان هذا أضعف الايمان.

وان لم نفعل، فكأننا قد شاركنا بصمتنا فيما يشبه الاستفتاء الضمنى لدعم وتأييد السلام مع عدونا الصهيونى، ولنؤكد ما يردده نتنياهو ليل نهار من ان العلاقات المصرية والعربية مع (اسرائيل) فى أفضل حالاتها، وكذلك ما يكرره السيسى كثيرا من ان العلاقات تشهد كثير من الدفء والثقة والطمأنينة وان السلام أصبح فى وجدان المصريين.

*****

القاهرة فى 22 مارس 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here